قرية الفخار تصارع للبقاء في الفسطاط.. وحفيد الشيخ عابدين: إذا هُدمت سنعتزل

تعاني قرية الفخارين بمدينة الفسطاط في مصر القديمة، من قرارات إزالة مفاجئة من قبل مسؤولين في المحافظة، وهو ما أثار قلق السكان والفنانين الذين يعتمدون على هذه الصناعة كمصدر للعيش والإبداع، نظرا لمكانتها التاريخية باعتبارها أقدم مكان لصناعة الفخار في مصر.

قرار بإزالة بيت عابدين للفخار

ترجع بداية الأزمة إلى قرار شفاهي بإزالة 3 أماكن بقرية الفخاريين، وهم: مركز «درب 1718» للفنون المعاصرة، ومكانين آخرين في قرية الفخارين، مدرسة عابدين للفخار وشيخ الفخارين.

كرست عائلة عابدين كل ما تملك من أجل تطوير صناعة الفخار على مدار ما يزيد عن مائة عام، وكشف أحمد عابدين حفيد الشيخ عابدين وفنان بالجيل الرابع أن المكان تأسس على يد جده الأكبر، عام 1920، واشتهر بصناعة الفخار وتصنيع الأواني المنزلية والزخرفات الفنية الجميلة منذ ذلك الوقت حتى الآن.

وتابع في تصريحات خاصة لـ«باب مصر»: “مع ذلك، فإن مسؤولين بالمحافظة يخططون لإزالة بعض المباني في القرية، بما في ذلك درب 1718، المكان الثقافي الشهير في المنطقة، ومكانين لعائلة عابدين تابعين لأعمامي الحاج أشرف والحاج محمد أبناء شيخ الفخاريين، اللذان قررا الاعتزال نهائيا حال تنفيذ الهدم”.

الحاج محمود عابدين شيخ الفخارين وماكيت القرية
الحاج محمود عابدين شيخ الفخارين وماكيت القرية

وعن تفاصيل قرار الإزالة، يقول: “الأمر ليس جديد، تلقينا الإخطار الشفهي منذ 3 أشهر بحضور رئيس الحي، ومنذ حينها استمر الضغط النفسي والزيارات المتكررة للمكان”.

ويضيف: “ليس لدينا أي قرار رسمي بشأن هذه الإزالات، ونحن نفعل كل ما في وسعنا للتفاوض مع المحليات وإيجاد بديل مناسب للمتضررين”.

“هل تتوقع أنها حديث خاطئ ولن يتم تنفيذه”، أجاب قائلا: “لن يقولوا هذا الإخطار بدون خطة بالفعل للإزالة والهدم. والدولة لا تسير بهذه الطريقة فعند وضع خطة للإزالة نحن نعلم ما سيحدث ولكن هنا لا توجد رؤية. لأننا لا نعلم السبب، وعلى العكس الطريق لا توجد به مشاكل مرورية”.

فخار الفسطاط

عرضت عائلة عابدين تقديم بدائل للحي مثل الأمتار الثلاثة التي طلبها مسؤول بالحي، لأن المباني قوية للغاية من تنفيذ المقاولين العرب، وهناك حل بديل آخر وهو استقطاع المساحة المطلوبة من الجهة المقابلة حيث يوجد جبل. ويقول: “عرضنا أيضا استقطاع المساحة من الجبل من أموالنا الشخصية. لكن الإزالة ستنهي تاريخ وعمل ومصدر رزق للكثير وتصدير”.

ويعتبر هذا القرار الجديد بشأن قرية الفخارين مثالًا آخر على الصعوبات التي يواجهها الفنانون والحرفيون في مصر. والذين يواجهون صعوبات في الحصول على المواد اللازمة والدعم اللوجستي والمالي للحفاظ على صناعتهم والبقاء على قيد الحياة.

وتأمل العائلة والمجتمع المحلي في إيجاد حلول بديلة تسمح بالحفاظ على هذه الصناعة الفنية القديمة. إذ عبرت عائلة عابدين عن قلقها إزاء القرارات الحكومية المتعلقة بإزالة بعض المباني في قرية الفخارين، والتي قد تؤدي إلى تدمير التاريخ والعمل ومصدر الرزق للعديد من السكان المحليين والعاملين في هذه الصناعة.

وفيما يتعلق بعدم وجود قرار رسمي بعد. فقد أكدت العائلة بأنه ليس من المرجح أن يتم إصدار إخطار بدون خطة بالفعل للإزالة والهدم، وأنهم يتمنون أن يكون هناك رؤية واضحة ومفهومة للسبب وراء هذا القرار.

تاريخ قرية الفخار

يعود تاريخ قرية الفخار إلى عام 1920 وتم تجديدها عام 2001 بمباني حديثة. وأسسها الجد الأكبر عابدين ثم محمود الجد الثالث ثم أشرف ومحمد أبناؤه ثم الجيل الرابع أحمد وإخوته.

وتعد المنطقة مصدرًا للعمل والرزق للعديد من العاملين في هذه الصناعة. وهو ما يجعل هذا القرار مؤثرا بشكل كبير على حياة السكان المحليين.

والمناطق المهددة بالإزالة هي مباني على مساحات 190 مترا و165 مترا و250 متر. وتأمل العائلة في أن يتم تفادي هذا القرار أو التوصل إلى حلول بديلة تسمح بالحفاظ على هذه الصناعة الفنية القديمة وتحقيق التوازن بين الحفاظ على التراث الثقافي والتنمية الحضرية المستدامة في المنطقة.

في سياق متصل أعرب صاحب صناعة الفخار عن قلقه بشأن قرار الحكومة الخاص بإزالة بعض المباني في منطقة الفسطاط. حيث يمثل هذا القرار خطرًا على الصناعة التقليدية للفخار التي تعود جذورها إلى العصور القديمة في مصر.

وأشار إلى أنهم كانوا حاضرين في هذا المكان منذ فترة طويلة، وأن الفخار يعد تراثًا قديمًا تركه الأجداد وورثه الأحفاد عبر الأجيال. حيث يمثل هذا الفن جزءًا من تراثهم الثقافي والتاريخي.

الفخار.. مصدر رزق 

لم يقتصر العمل بالقرية على صُناع الفخار الرجال فقط، بل وفرت مدرسة عابدين فرصة لأربعين عاملا من بينهم أصحاب الهمم والمُعاقين ذهنيا والأرامل للعمل. ويتم تصدير منتجاتهم إلى عدة دول حول العالم، مثل أستراليا وبريطانيا والولايات المتحدة والكويت والسعودية.

وعن الخامات المستخدمة، فعلى حد وصفه يقول: “خامات آمنة وصحية. حيث يتم اختيار الخامات المصرية والمستوردة بعناية، وتخلو من الرصاص وأية مواد ضارة أخرى”.

وأعرب عن أمله في التوصل إلى حل يحقق التوازن بين التنمية والحفاظ على التراث الثقافي في المنطقة. وأنه ليس ضد التطوير، ولكن يتمنى عدم إزالة المباني والمصانع القائمة. حيث سيؤدي ذلك إلى فقدان فرص العمل وإنهاء صناعة الفخار في القرية.

وعن تاريخ الفخار في منطقة الفسطاط، يرجع سبب تواجده بهذه المنطقة إلى دخول عمرو بن العاص مصر والفتح الإسلامي. ومنذ ذلك الحين، يتم نقل سر الصناعة من جيل إلى جيل، حيث يحول الفنانون الطين إلى أشكال فنية متنوعة.

تضم قرية الفخارين 30 وحدة لصناعة الفخار بمختلف أنواعه وأشكاله. وعلى الرغم من وجود صناعة الفخار في القرية لآلاف السنين، إلا أنها كانت موجودة عشوائيًا حتى تم تطوير المنطقة بمنحة من الاتحاد الأوروبي. في عهد محافظ القاهرة السابق عبدالرحيم شحاتة.

رسائل عديدة

وعلى جانب آخر نفى الفنان التشكيلي معتز نصر الدين، تلقيه ما يفيد وقف هدم مركز «درب 1718» للفنون المعاصرة. وقال في تصريحات خاصة لـ«باب مصر» إنه فوجئ بتصريحات الفنانة عزة فهمي التي نقلها عنها -عبر حساباته الشخصية- الدكتور محمد أبوالغار.

وقال معتز نصر الدين مؤسس درب 1718: “تلقيت عدة رسائل من أصدقائي يرسلون لي نص بوست نشره الدكتور الكبير محمد أبوالغار أكد فيه أن الفنانة العزيزة عزة فهمي أخبرته بأن مقر درب 1718 لن يتم إزالته. تفهمت أن الفنانة عزة فهمي اختلط عليها الأمر لحصولها على مبنى مؤجر لها بنفس المنطقة ولم يشمله قرار الإزالة”.

ويضيف: “بعد ذلك، قمت بالتواصل مع الدكتور محمد أبوالغار لتوضيح الأمر. وحاولت التواصل مع الفنانة عزة فهمي لإيضاح الأمر لها، ولكنها كانت مشغولة في ذلك الوقت”.

أرسل نصر الدين رسالة لها لتوضيح الأمر لحين التواصل المباشر معها. وأكد أن هذا الخلط لن يؤثر على التضامن مع درب 1718، الذي يحتاج كل صوت من الفنانين ومحبي الفنون، والحريصين على الفنون من مواطنين وأجهزة الدولة المختلفة. لذلك، يجب علينا جميعًا التمسك بتضامننا ودعمنا لهذا المشروع الفني والثقافي المهم.

اقرأ أيضا:

«درب 1718».. قرار «شفاهي» بهدم ملتقى الفنانين والحرفيين

مشاركة
زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر