رغم مخاوف الانقراض.. "قوارب" أبوتيج لا تتوقف عن الإبحار

تصوير: أحمد دريم
علي بعد أمتار قليلة من نهر النيل بمدينة أبوتيج بأسيوط، تقع ورشة تصنيع قوارب الصيد، وتعد من أقدم الورش التي تستخدم في تصنيع القوارب بصعيد مصر، والتي تحولت مع مرور الزمن من تصنيع المراكب الكبيرة إلي قوارب الصيد، لكن تظل الأخشاب التي استخدمت في تغطية سطح الورشة شاهد على الزمن.
الأدوات المستخدمة
محمد محمود، أحد العاملين في صناعة القوارب، يقول إنه يعمل في المهنة منذ أن كان طالبًا في الصف الثالث الإعدادي، وهي مهنة ورثها عن أبيه وجده، عندما كانوا يصنعون المراكب الكبيرة.
وعن الأدوات المستخدمة في التصنيع يتابع: إن القوارب تصنع من أخشاب الكافور، التي تستخدم في صناعة ضلوع وهيكل القارب، وقد بلغ سعر الطن 500 جنيه مؤخرًا، بالإضافة إلى الأخشاب البيضاء المستوردة، التي يُكسا بها القارب.
يشار إلى أن سعر متر الخشب المستخدم في صناعة القوارب بلغ 5 آلاف و800 جنيه، أما الفيبر الذي يستخدم كعازل فقد بلغ سعر الكيلو 45 جنيهًا، وتستهلك المركب 10 كيلوجرامات، والمسمار البغدادي بلغ سعر الكيلو 18 جنيهًا.
طريقة التصنيع
عن عملية التصنيع يوضح محمود: أول شيء في التصنيع شاسية أو هيكل القارب الخارجي المصنع من الكافور، ثم يوضع لوح خشبي في وسط القارب بطول من بدايته حتي نهايته.
بعدها توضع الضلوع التي تصمم حسب عرض وطول القارب، ثم تأتي مرحلة تثبيت الضلوع بالمسامير في اللوح الخشبي الذي وضع في الأسفل، وبعد ذلك يصبح هناك فراغ من المقدمة والمؤخرة يوضع تحتهما حجارة لفترة، حتي تكون مرتفعة عن باقي قاع القارب.
وبعدها تأتي مرحلة تركيب البدن من الأمام والوسط في الخلف، ثم بعد ذلك تستكمل جوانب القارب من الخشب الأبيض حسب الارتفاع، لأن المفترض أن يكون الأرتفاع نصف عرض القارب، وبعد الانتهاء تأتي مرحلة صنفرة زيادات الخشب بأسطوانة الصاروخ، ثم مرحلة التشطيب والدهانات وفرش الفيبر العازل، ويتم ذلك بشكل دقيق، لأن هناك بعض القوارب ترخص من قبل المسطحات المائية وتحصل علي شهادة تصنيع معتمدة من الورشة.
أنواعها
يضيف محمود أن أنواع القوارب المصنعة هي مركب عدوة، وهي التي تستخدم في عملية العبور من المجرى المائي أو نقل الأشخاص أو مستلزمات الأراضي الزراعية، وبها مقاعد، وحمولتها تصل إلي نصف طن وطولها يبلغ 4 أمتار ونصف المتر، والأخرى قارب صيد وتستخدم في عملية الصيد وتختلف أشكالها وأحجامها، ومكان التجديف حسب متطلبات الزبون.
تطوير المهنة
عن التطوير الذي دخل المهنة يقول: من أهم التطورات التي حدثت هي المادة العازلة، التي تحولت من مادة “الغرة” والبلك الأسود إلي الفيبر، بالإضافة إلى الشغل اليدوي الذي كنا نستخدمه كالمنشار الذي كان يدويًا وتحول مؤخرًا إلى كهربائي، وكذلك الصاروخ لمسح الخشب والفارة والصينية للتقطيع.
تصليح ديليفري
يقول قناوي صالحين، 57 عامًا- يعمل نجار مراكبي، إنه يذهب إلي أي مكان في الجمهورية لتصليح القوارب عن طريق الاتصال به تلفونيًا، وكذلك بإمكانه تصنيع القوارب في منازل الزبائن بعد توفير مواد التصنيع لأن أدواته التي تضم المنشار والساطور والقدوم والجاكوش ووصلات الأسلاك موجودة في شنطة متنقلة.
صناعة زمان
“زمان الشغل كان يدوي وكنا بنصنع المراكب الشراعية اللي بتسافر في البحر”، وعن تصنيع وتصليح قارب الصيد يقول إنه يستمر 3 أيام متواصلة.
هل تندثر المهنة؟
علي أريكة خشبية وسط ساحة الورشة يجلس عم فوزي بخيت عبدالحافظ، صاحب الورشة، الذي يطلق عليه شيخ الصنايعية، يقول: إنه ظل يعمل في تلك المهنة لمدة 70 عامًا، حين كان يصنع المراكب الكبيرة التي تستخدم في السفر ونقل البضائع وتبلغ حمولتها 18 طنًا، لكن أصبحت الآن ميته بعد انتشار السيارات والمعديات النهرية.

مشاركة
المقالات والآراء المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة، بل تعبر عن رأي أصحابها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر