حكايات في إعلانات زمان.. كيف تحمي نفسك من الجراثيم؟

لكل ما هو قديم طابع خاص، الأحداث، الصور، وحتى الإعلانات الترويجية للمنتجات التي بعضها لم يعد محلا للاستخدام في الوقت الحالي، ويعد المطبوع منها توثيقا على تطور الإعلان المصري وبداية الاستعانة بالفنانين كوجوه دعائية، خاصة وأن الخادم الملكي كان الوسيلة للإعلان الشفهي لفترة طويلة قبل استخدام الطباعة.

وكان ينتظر المصريون معرفة الأخبار وأسعار المواد الأساسية، كالقطن والذهب من خلال الخادم ذو الصوت المرتفع الذي يجوب الشوارع والطرق والأزقة ممتطيا دابة لإعلان أهم الأخبار.

إعلان مطبوع

الحملة الفرنسية كانت السبب في معرفة المصريين بالإعلان المطبوع، من خلال المطابع التي جلبتها معها من فرنسا، واعتمدت عليها في طبع المنشورات والتي إما توزع على الناس أو تلصق في مناطق محددة بالشارع، أما الإعلان الصحفي فبدأ مع صحيفة «لكورية دوليجبت» التي أصدرتها الحملة الفرنسية في مصر عام 1798، حيث نشرت بها أول إعلان صحفي وكان مادة صحفية تتضمن محتوى غير خبري، وكانت إعلانات عن بيع العقارات، الأراضي والسلع.

وتطور شكل الإعلان الصحفي في هذه الصحيفة من خلال نشر التهنئة ومعلومات عن مناسبات، وسرعان ما توقف إصدارها بجلاء الحملة الفرنسية، حتى أصدر محمد علي جريدة «الوقائع المصرية» والتي كانت وسيلة لنشر أهم الأخبار في البلاد باللغة التركية، وكان الهدف الأساسي منها نشر المراسيم الملكية، ولكن شراء الجريدة لمعرفة الأخبار فقط لم تكن غاية الكثير، لهذا عندما تولى رفاعة الطهطاوي رئاسة التحرير حرص على إصدارها باللغة العربية.

ونشر أول إعلان بها في عدد 634 وكان عن بيع أحد العقارات، وبعدها توالى نشر الإعلانات الحكومية والرسمية، في مساحة مخصصة لها بالركن الأيسر في الصفحة الأخيرة من الجريدة، وبدا استخدام الإعلانات بشكل رسمي في الصحف الأهلية سنة 1867 في جريدة «وادي النيل» لصاحبها عبدالله أبوالسعود، وفقا لما ذكر في كتاب «الإعلان» لـ د.منى الحديدي.

وبعدها أصبح الاهتمام بالإعلان جزءا أساسيا من الصحافة المطبوعة سواء دورية، جريدة أو مجلة، منذ عام 1923 بعد صدور الدستور المصري، وذلك بالتزامن أيضا مع إقامة الحفلات الغنائية، المسرحيات، وبداية ظهور الأفلام السينمائية.

إعلانات قديمة

خصصت المجلات والصحف القديمة مساحات محددة للإعلانات على أوراقها، منذ الثلاثينيات في القرن الماضي وخرج الإعلان الصحفي آنذاك للجمهور في صورة منمقة بعد استخدام وسيلة الإخراج الصحفي، ونال شهرة واسعة في الأربعينيات والخمسينيات بعدما أصبح شراء الصحف والمجلات عادة يومية لكل من يجيد القراءة.

أهل الفن

تزامن نشر الإعلانات المطبوعة مع تطور السينما المصرية وإنتاج أفلام ومسرحيات، وكان لنشرها في الصحف والمجلات النصيب الأكبر من الدعاية، ومنها إعلان فيلم «عاصفة في الربيع» من أوائل الأفلام بطولة شادية والفنان سمير عبدالله، ونشر في مجلة «الإثنين والدنيا» عام 1951، وكان أول عرض له في السابع من مايو بسينما أوبرا بالقاهرة.

ومن إعلانات الأفلام المنشورة بالصحف والمجلات، إعلان فيلم «الشرف غالي» والذي اعتمد على استخدام صيغة المبالغة في الترويج له في عام 1951، بجملة «أعظم قصة شاهدتها الشاشة المصرية»، وكان من بطولة نور الهدى وجمال فارس، وكذلك إعلان الفيلم النادر «وحيدة» المنشور بالمجلات في عام 1945، من بطولة الزوجين بدر لاما وبدرية رأفت.

«الافتتاح العظيم» كان هذا العنوان هو اختيار الراقصة امتثال فوزي، للدعاية عن العروض الجديدة التي قدمتها في «كازينو البوسفور» بميدان باب الحديد (ميدان رمسيس حاليا)، بعد عدة أعوام من افتتاحه، ونشر الإعلان بمجلة «الإثنين والدنيا» لعام 1945، بأن الافتتاح بحضور 3 منولوجست هم بديعة صادق، محمود شكوكو وكوكب صادق، وفرقة تمارا الأجنبية الاستعراضية.

ما يهم المواطنين

اقتصار شراء المجلات للفئات المثقفة كان سببا في اتجاه بعض الشركات لنشر إعلانات ترويجية خاصة بمنتجاتها في أولى العقود من القرن الماضي، كان هذا رأي أحمد محمد مصمم إعلانات ومالك إحدى شركات الدعاية والإعلان الخاصة، محللا واحد من أوائل إعلانات الدعاية للطعام المعد جاهزا.

«20 قرشا ثمن نصف كيلو من بسكوت إسماعيل الفاخر» نشر هذا الإعلان لشركة مصنع مصر للبسكوت والحلويات، في مجلة «الإثنين والدنيا» عام 1945، واعتمد تصميم الإعلان على رسم سيدة أرستقراطية بملامح أوروبية، وبدا هذا في أنفها المدبب ووجها مثلث الشكل، مما يعني أن الإعلان خاطب الفئة الغنية في مصر آنذاك خاصة وأن هذا المبلغ كان باهظا مقارنة بأسعار المنتجات والسلع الأخرى، كما أوضح مصمم الإعلانات.

وكان مصنع إسماعيل لمالكه إسماعيل محمد واحدا من أكثر مصانع الحلوى شهرة، واستمر في نشر الإعلانات الترويجية للحلوى الخاصة بهلعدة سنوات، وحرص أيضا على استغلال المساحة الإعلانية لغرض آخر وهو تهنئة الملك فاروق بمناسباته الشخصية كالتهنئة الذي نشرها في عام 1951 بمناسبة زفاف الملك الثاني من السيدة ناريمان.

ومن الإعلانات التعليمية، إعلان لمنهج تعليمي أجنبي نشر في عام 1951 بمجلة الكواكب، وكان تابعا لشركة إنجليزية، لدراسة أحد مناهج المراسلات الدولية خلال أوقات الفراغ، والتي تمهد للطالب المجال في العثور على عمل في أسرع وقت باعتبار أن دارس هذا المنهج ذو خبرة، وإعلان آخر عن حبر أقلام لعلامة تجارية اسمها «اسكريب» وكان في زجاجة لها غطاء وخزان سحري كما كتب بالإعلان.

للسيدات فقط

الإعلانات النسائية كانت صاحبة النصيب الأكبر، ومنها إعلان مستحضرات تجميل نسائية، وبحسب ما أوضح أحمد مصمم الإعلانات، فقد اعتمد الإعلان المطبوع في شكل مربع على إخراج صحفي متوازن، وكان التركيز الأساسي على اسم الشركة «ماي دريم» والذي فضل مالكها على كتابتها بأحرف عربية لكلمة إنجليزية «my dream» مما يدل على مخاطبته لكل الفئات القادرة على القراءة باللغة العربية.

ماء كولونيا، لوسيون، رائحة كريمات، أحمر شفاه، أحمر خدود وبودرة للوجه، هذا ما قدمه «معمل الذكي» للسيدات في مصر، مستحضرات بسيطة كانت كفيلة بإبراز جمال سيدات «الزمن الجميل»، واستمرت منافسة الشركات في إنتاج المواد التجميلية نفسها، ومنها إعلان منافس لشركة «بومبيا» نشر في عام 1951 بوصف المنتجات الخاصة بها بأنها اختيار جميلات مصر وفاتنات باريس، وهي لوسيو، بودرة وعطور.

يظهر تطور الإعلانات بين إعلاني مستحضرات التجميل، فإعلان «ماي دريم» اقتصر على رسم وجه سيدة فقط، أما في إعلان عام 1951 ظهرت الفنانات كوجوه دعائية حيث استعانت «بومبيا» بالنجمتين المصرية تحية كاريوكا، والفرنسية إيفيت كوفكي، كما أوضح مصمم الإعلانات، وظهرت الممثلة بربارا ستانويك كوجه دعائي لصابون «لوكس» عام 1950.

«ستائر فينيسيا لوكسا فليكس، تزيد حجرتك فخامة وتضفي عليها جوا شاعريا جميلا» هذا نص إعلان الستائر التي ظهرت في الفنانة قوت القلوب وجه دعائي وهي بجوار الستائر المعدنية في عام 1956، وتعددت مميزاتها بأنها تحافظ على أثاث المنزل، تلف من درجة الحرارة وتوزع الضوء في الحجرة.

إعلانات طريفة

حرصت العديد من الشركات على نشر إعلانات ترويجية خاصة بها، وكان الإعلان وسيلة لشهرة هذه الشركة المتوسطة وشملت مجالات غريبة، كمصنع بلاط، ومصنع لزجاج الساعات، وإعلان لدواء كحة، ونشرت مصانع لبيب جمعة إعلان عن زجاج ساعات غير قابل للكسر عام 1945 باعتباره نوعا جديدا تم طرحه بالأسواق المصرية للكريستال الشفاف، وإعلان آخر لمبيد حشري باسم «موبيليتوكس» وكان سائل لقتل كل أنواع الحشرات الزاحفة والطائرة.

وواحد من الإعلانات الغريبة كان إعلان للملابس الداخلية الرجالية والنسائية لعلامة تجارية باسم «هلثتكس» ونشر في عام 1956، وإعلان آخر لفيلم كاميرا «سيلو كروم» للحصول على صورة خالية من العيوب، واستخدام هذا الفيلم  عام 1950 للتصوير مهد الطريق لتصوير المناظر المتحركة السريعة والتصوير الليلي.

منتجات طبية

لم يقتصر الترويج على المنتجات الاستهلاكية فقط بل امتد إلى أخرى طبية، وكان منها إعلان «ماء مهضم – فوار» للدكتور جوستان عام 1950، وكذلك منتج آخر وهو «الفازيلين» باعتباره أداة تثبيت قوية لشعر الرجال كما تم الترويج عنه عام 1949، وإعلان آخر عام 1950 للمادة الزرقاء للملابس البيضاء «زهرة كولمان» التي شاع استخدامها القرن الماضي للملابس بعد غسلها.

الخوف من الأمراض والجراثيم خطر هدد الجميع القرن الماضي، واستغلت الشركات الطبية أزمة انتشار أمراض مثل الوليرا في الترويج لمنتجاتها مثل صابون «الهرم الحارس»وهو صابون فنيك للحماية من الجراثيم وتطهير الأيدي.

هدية الملك

كانت المناسبات الملكية الفرصة  المناسبة ليحظى الشعب بالهدايا والطعام، ونشر مشغل فاروق إعلانا عام 1951 بتوزيع 5 آلاف متر قماش شعبي مجانا، بمقدار 5 متر مجانا لكل شخص يشتري عدد محدد من الأقمشة، وجاءت هذه الهدية بمناسبة زواج الملك فاروق الثاني من ناريمان.

قصة الثورة كاملة

أربعة أعوام مرت دون معرفة العامة لتفاصيل ثورة يوليو 1952 كاملة، حتى استبدل الرئيس الراحل محمد أنور السادات (أحد الضباط الأحرار حينها) سلاحه بالقلم وبدأ في كتابة تفاصيل الثورة كاملة، كأول كتاب يصدر من أحد قادة الثورة، ونشر الإعلان في عام 1956 وكان نصه: «لأول مرة يصدر أحد قادة الثورة كتابا يروي قصة الثورة كاملة، قصة الثورة كاملة، بقلم القائمقام أنور السادات».

 

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر