“التجارة العادلة” تشكّل خيوط الشتاء في “نغمات الأرض”
بين دفء البيوت والأرض المبتلة في ليال بسيطة، جاءت منتجات مؤسسة التجارة العادلة في مصر fair trade Egypt ، محملة بصور مستوحاة من الشتاء.
التشكيلة التي بدأت مع موسم الشتاء شملت 40 منتجًا متنوعًا، صنعوا يدويا بواسطة 700 فنان في 15 مؤسسة مختلفة في ثماني محافظات مصرية، وهي استكمال لتشكيلة “عطايا الأرض”.
ما يميز هذه التشكيلات أنها مستوحاة من الجذور والحياة تحت الأرض، ينعكس ذلك على الرسوم والخطوط الطولية المنقوشة على المنتجات، لترمز إلى الجذور الثابتة والعميقة تحت الأرض، وكذلك الألوان الترابية الأساسية كالأخضرالزيتوني الداكن والأرجواني الداكن، بالإضافة إلى الرمادي المُطعّم بالأبيض والأسود للتطريز والتحكم فالألوان.
التشكيلات هي محاكاة لما يحمله الشتاء من حميمية ورغبة في الجلوس في البيوت المغلقة، في استسلام تام، رغبة في الدفء والسكينة.
غلبت الإكسسوارات المنزلية على المنتجات المعروضة هذا الموسم، فكانت أغلب المعروضات مفارش أسرّة مطرزة وأغطية ثقيلة مزينة بألوان داكنة والسجاجيد من الصوف والخيامية وأغلفة المخدات التريكو والصواني الخشبية والأكواب الزجاجية، بالإضافة إلى الشيلان والكليم ووحدات الإضاءة، وذلك على عكس تصاميم الصيف التي تركزت على الملابس والإكسسوارات الشخصية، للتناسب مع البحر والحرية، التي انعكست في ألوان الفيروز والذهب.
الفكرة الرئيسية موحدة على جميع المنتجات، لكن عبر عنها كل فنان بصورة مختلفة عن الآخر، وتنافسوا جميعا على الابتكار في إخراج منتجات جاذبة بتفاصيل دقيقة مُبهجة.
ففي السجاجيد، كانت الخطوط العرضية لدرجات الأخضر والموف هي العنصر الأكثر بروزًا في التصميمات، أما الفخار فكانت تفريعة الجذور وتداخلها أهم سمة مميزة لجميع المنتجات، بالإضافة إلى الشيلان الشتوية المخططة أو ذات اللون الموحد المطرز عليها بالصوف والخرز أو الخيوط الفضية.
دينا محمود، مصممة، مسؤول تطوير المنتجات، تقول إن الألوان اختيرت لتكون سمة أساسية مشتركة بين كل المنتجات، وهي ألوان الموضة العالمية لشتاء 2016.
تتابع أنه في الوقت الذي تسعى فيه المؤسسة لإصدار منتج محلي الصنع بجودة عالية، نحرص أن يتوافق مع الموضة العالمية بألوانها الدارجة، وكذلك مع موسم إصداره، ليحقق الرواج المطلوب.
وعن عملية اختيار الألوان تقول إنه من الأمور التي واجه المصممون فيها صعوبة، لسعيهم أن تتوافر تلك الدرجات في مختلف الخامات المصنعة، سواء خرز أو قماش.
وقد اختلفت المجموعات المشاركة في المعرض الشتوي عن مثيلاتها المشاركين في المعارض السابقة، فحمل المعرض منتجات صُنعت في الزاوية الحمراء وأرض اللواء في القاهرة، بالإضافة إلى منتجات من حلوان ومحافظات أخرى مشهورة بمنتجاتها محلية الصنع كشيلان قنا، وخيامية العريش، وفخار الفيوم وتطريز الأقصر.
أهم ما ميز هذه التشكيلة هي المشاركة الفعالة للسيدات، تقول دينا محمود إن 90% من المشاركين في هذه المجموعة سيدات، وأكثرهم من ربات البيوت، اللواتي يعتمدن على أشغالهن اليدوية كمصدر دخل إضافي للأسرة.
آمال حسن، منتجة شيلان مطرزة من قرية جزيرة شندويل في محافظة سوهاج، بابتسامة مبهجة، تقول لإحدى المشتريات “أنا اللي عاملة الشال اللي انتي شايلاه دا بأيديا دي والله، ومطرزاه وردة وردة وغصن غصن.. حلو صح؟”.
شاركت آمال بشغل المنسول والتل، وهو التطريز على الشيلان والعبايات النسائية، تقول “لما بعمل الحاجة بكون حاسة إنها مش حلوة وعايزة أعمل حاجة أحسن، بس لما بشوفها هنا وبشوف إقبال الناس عليها بكون مش مصدقة إن الناس دي كلها عايزة تشتري شغلي ومعجبة بيه، ساعتها بيحلى في عيني أوي وبشوفه حلو جدا”.
تتابع أن مؤسسة التجارة العادلة عامل مؤثر في ارتفاع دخلها وزيادة انتاجها وبيعها لمنتجاتها قائلة “قبل التجارة العادلة كنت بشتغل على قدي وببيع اللي اقدر عليه للناس اللي حواليا، لكن بعد ما اشتغلت معاهم باب الرزق اتفتح وبقيت بشتغل أكتر ودا بيساعدني أطور من نفسي أكتر وأمارس التطريز بحرفية أكبر”.
حضر المعرض الافتتاحي جمهور كبير، وسط إعجاب بجودة المنتجات وطريقة عرضها، هذا إلى جانب الورشة الصغيرة، لعمل الأكسسورارات النحاس، والتي أقيمت بناء على طلب السيدات ليصممن الإكسسوارات بأنفسهن.
مؤسسة التجارة العادلة هي مبادرة شبابية مستقلة تهدف إلى تمكين المجتمعات المحلية ومساعدة الحرفيين، عن طريق تسويق منتجاتهم يدوية الصنع في السوق المحلي والعالمي.
حتى الآن تعمل المؤسسة مع 2300 حرفي حول الجمهورية، وتصدر المؤسسة تلك المنتجات لعدة دول أوروبية، عبر أفراد وهيئات تسويقية، لعرض المنتجات هناك.