زملاء في الحياة والموت.. الإسكندرية تودع اثنين من أبطال عملية “إيلات”

ساعات قليلة فصلت بين تاريخ وفاة اثنين من قادة أبطال العمليات البحرية، اللذان شاركا في عمليات تدمير المدمرة البحرية “إيلات”.

وفي جنازة عسكريبة مهيبة، تقدمها قائد القوات البحرية اللواء أسامة ربيع، شيع صباح الجمعة الماضية بمسجد القوات البحرية بالإسكندرية، جثمان اللواء حسن حسني ضابط أول لانش 504، الذي أغرق المدمرة “إيلات” أمام سواحل بورسعيد  بعد نكسة 67، عن عمر يناهز 76 عامًا، وذلك بعد يومين على وفاة عمرو البتانوني، أحد الأبطال الذين نفذوا عملية العملية مرة أخري بتدمير ناقلة “بيت شفيع” خلال حرب الاستنزاف.

اللواء عمرو البتانوني

ولد البتانوني بالقاهرة عام 1943، وانتقل إلي الإسكندرية وهو في عمر عامين، وكان اهتمامه في مرحلة الطفولة بالرياضة وممارسة كرة السلة واليد، حتي مثل نادي سبورتنج الرياضي في المنتخب، وبعدها التحق بكلية سان مارك، وتخرج فيها عام 1962.

عمرو البتانوني
عمرو البتانوني

التحق البتانوني بالكلية البحرية وتخرج فيها عام 1966، وبعد نكسة 67  تطوع الراحل في فريق القوات الخاصة الذي كان يقوده حينها اللواء محمود فهمي، وحصل على فرق صاعقة ومظلات وضفادع بشرية.

بطولات البتانوني

شارك البطل عمرو البتانوني قبل حرب 73 مع زملائه من لواء الوحدات الخاصة للقوات البحرية بسد فتحات النابلم في قناة السويس، بالإضافة إلى الهجوم على المواقع البترولية والحفارات البحرية في منطقتي “أبو رديس وبلاعيم”، وكانت هذه المنطقة تضم حفارات بترول مصرية إيطالية ضخمة تقوم بالعمل في أكبر بئرين للبترول.

أما عملية إيلات والتي كان لها الصدي الأكبر مع العدو الإسرائيلي، فشارك فيها البتانوني عندما  تقرر دخول أبطال مصر ميناء إيلات، إذ كانت الولايات المتحدة الأمريكية أمدت إسرائيل، بناء على طلبها في أوائل عام 1968، بناقلتين بحريتين إحداهما تحمل 7 مدرعات برمائية وأسمها “بيت شيفع ” وأخرى ناقلة جنود وأسمها “بات يم”.

وشنت إسرائيل 4 عمليات قوية بواسطة الناقلتين على السواحل الشرقية لمصر منها ضرب منطقة الزعفرانة، وأسر رهائن ونهب المعدات، فقررت القيادة العامة للقوات المسلحة المصرية القيام بعملية بهدف التخلص من الناقلتين واستقر الأمر على القوات البحرية بتنفيذ أول عملية للضفادع البشرية المصرية في العمق الإسرائيلي.

وبعد مرحلة من الاستطلاع تم التحقق من أن الناقلتين تخرجان دائما من ميناء إيلات إلى شرم الشيخ، ومنه إلي خليج نعمة ثم  إلى السواحل الشرقية المصرية، فشكلت ثلاث مجموعات من الضفادع البشرية، كل مجموعة مكونة من فردين (ضابط وصف ضابط)، سافروا إلى ميناء العقبة الأردني القريب من إيلات، بالإضافة إلى تحضير مجموعتين.

عمرو البتانوني في شبابه
عمرو البتانوني في شبابه

وكان الملازم أول عمرو البتانوني أحد أفرادها في الغردقة، وكانت الخطة الأولى تنص على أن تهاجم مجموعتا الغردقة الناقلتين، إذا غادرتا مبكرًا وقامتا بالمبيت في خليج نعمة عن طريق الخروج بلنش ثم بعوامة ويقترب الأبطال من الناقلتين ثم يفجرونها.

أما الخطة الثانية فكانت ستنفذ إذا قامتا بالمبيت في إيلات ويكون التنفيذ من جانب المجموعات الثلاث الموجودة في العقبة وما حدث أنهما قامتا بالمبيت في إيلات فألغيت مهمة الغردقة وقامت مجموعات العقبة في 16 نوفمبر عام 1969 بالخروج بعوامة من العقبة حتى منتصف المسافة ثم السباحة إلى الميناء لكنهم لم يتمكنوا من دخول الميناء الحربي فقاموا بتلغيم سفينتين إسرائيليتين هما هيدروما ودهاليا وكانتا تشاركان في المجهود الحربي الإسرائيلي في ميناء إيلات التجاري .

وبالفعل نزل الأبطال في المياه دون عوامة، وكانت عقارب الساعة تشير إلى الثامنة والثلث مساء يوم 5 فبراير عام 1970.

في منتصف الليل وصل الأبطال إلى ميناء إيلات بعد السباحة والغطس لنحو 5.5 ميل بحري، وفي الساعة 12.20 اخترق الأبطال الشِباك، وهجم البطل الملازم أول رامي عبد العزيز بمفرده على “بات يم” وهجم البطل الملازم أول عمرو البتانوني والبطل الرقيب علي أبو ريشة على “بيت شيفع”، وقاموا بتلغيمهما وضبطوا توقيت الانفجار بعد ساعتين فقط، بدلا من أربع ساعات كما نصت الأوامر.

وقبل الموعد المحدد بدأت الانفجارات تدوي في إيلات، وخرجت الدوريات الإسرائيلية للبحث عن منفذي الهجوم، لكن أبطال مصر وصلوا إلى الشاطئ الأردني وفي ميناء العقبة ألقت المخابرات الأردنية القبض عليهم، وبلغ ذلك السفارة المصرية في عمان بالأردن، فخاطب اللواء إبراهيم الدخاخني، من المخابرات المصرية، المخابرات الأردنية للإفراج عن الأبطال.

وفي ذلك الوقت كان يعقد في القاهرة مؤتمر الملوك والرؤساء العرب، فأبلغ الفريق محمد فوزي الرئيس جمال عبد الناصر باحتجاز الأبطال في الأردن، فأوقف عبدالناصر المؤتمر للراحة، واصطحب الملك حسين ملك الأردن في غرفة جانبية وأبلغه أن المخابرات الأردنية تحتجز رجال الضفادع البشرية المصرية، الذين نفذوا العملية في إيلات وقال للملك حسين “ستظل ضيفًا لدينا حتى يفرج عن جنودنا”، وعلي  الفور أصدر الملك حسين تعليماته بالإفراج عن الأبطال.

شارك البتانوني في عدة عمليات أخرى، منها  قبل  معارك أكتوبر 1973، وهي سد فتحات النابلم في قناة السويس، كما اشترك في الهجوم على المواقع البترولية والحفارات البحرية في منطقة أبو رديس وبلاعيم، وكانت هذه المنطقة تضم حفارات بترول مصرية إيطالية ضخمة تعمل في أكبر بئرين للبترول.

وبعد نكسة يونيو عام 1967 استغلت إسرائيل هذه الحفارات وبدأت في استخراج البترول ونقله إلى إسرائيل، وبعد أن تولى السادات رئاسة الجمهورية خلفًا لعبدالناصر، أمر بنسف هذه الحفارات  وما حولها، وهو ما أداه البتانوني مع رفاقه، ليمنح وسام النجمة العسكرية الثاني.

وعقب إنتهاء معارك أكتوبر 1973 رشح اللواء محمود فهمي عبد الرحمن، القائد السابق للقوات البحرية، وكان وقتها وزير النقل البحري، البتانوني لبعثة في نيجيريا، مكثت فيها الأخير عشر سنوات في إدارة ميناء بورت هاركورت، وفي هذه الفترة اغتيل الرئيس السادات فقرر العودة إلى مصر.

وكان للبتانوني موقف واضح عارض فيه الرئيس السادات برفضه لمعاهدة السلام ، كما رفض أحد بنود المعاهدة، الذي نص على إخلاء مصر لسيناء عسكريًا، ورأى أن هذا الشرط مجحف، معتبرًا إياه تنازلًا عن حقوق مصر، واحتج أن المتعارف عليه في الهدنة والسلم التي تعقب المعارك بين أي بلدين، أن تقام مسافة 10 كيلو مترات بطول الحدود بين البلدين.

على خلفية ذلك باستقالته لقائد القوات البحرية فقابلها الأخير بالرفض، فلجأ البتانوني لحقه الدستوري وأعلن ترشحه للبرلمان عن حزب الأحرار، وطبقًا للقانون فإن الضباط لا يمكنهم الترشح لمجلس الشعب إلا بعد تقديم استقالتهم فتقدم بالفعل بطلب استقالته.

عقب اغتيال السادات قرر البتانوني الرحيل إلى إسبانيا وعدم العودة مرة أخرى، إلا أنه بعد عام ونصف العام من الهجرة قرر العودة مرة أخرى، وأنشأ مزرعة خيول بمنطقة النوبارية ظلت هي محل اهتمامه حتى وفاته.

الأوسمة

حصل البطل عمرو البتانوني، على وسام النجمة العسكرية من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وسام النجمة العسكرية من الرئيس السادات، وسام نجمة سيناء بعد حرب أكتوبر.

اللواء حسن حسني

أما اللواء حسن حسني، فشغل عدة مناصب شملت قيادة اللواء الثاني لإنشات صورايخ، وقائد لقاعدة السويس، وقائد قاعدة البحر الأحمر، وآخر مناصبه تولي قيادة قاعدة رأس التين البحرية بالإسكندرية .

اللواء حسن حسني
اللواء حسن حسني

وشارك اللواء في العملية الأولي لإغراق المدمرة “إيلات” في 21 أكتوبر عام 1967، بعد أن ضربت المدمرة “السرب المصري” الذى كان يمر بجانبها في 11 يونيو 67، بقيادة  الضباط عوني عازر وممدوح شمس.

واستمرت المدمرة بقيادة اسحاق شيشان، في اختراق المياه المصرية إلى يوم 18 أكتوبر 1967، فقررت القيادة السياسية المصرية إعطاء الأوامر للقوات البحرية بضرب المدمرة وإغراقها.

وفي يوم 21 أكتوبر 1967 صدر أمر بالاشتباك مع المدمرة،  وشكلت فرقتان لإنجاز المهمة، الفرقة الأولى كانت بقيادة النقيب أحمد شاكر، مساعده الملازم أول حسن حسنى وكانا على اللنش 504 ، أما النش الثانى 501 كان يقوده النقيب لطفى جاب الله بمساعدة الملازم أول ممدوح منيع .

وكان لهذه  العملية أثر كبير في رفع الروح المعنوية للقوات المسلحة والشعب المصري بعد النكسة، إذ أزعجت إسرائيل والدول التي تدعمها، وأدركت إسرائيل أن المصريين تمكنوا من الوصول إلى إيلات وأنهم يريدون بيت شيفع وبات يم فأصدرت التعليمات للناقلتين بعدم المبيت في ميناء إيلات.

حصل البطل على عدة أوسمة ونياشين خلال مسيرته المهنية، وحصل على وسام الشجاعة العسكرية من الطبقة الأولى عن دوره في إغراق المدمرة إيلات، كما حصل على نجمة الشرف العسكرية، ونجمة سيناء، وميدالية الخدمة الطويلة “قدوة حسنة”، وميدالية الشجاعة العسكرية.

مصدر: ويكبيديا

 

مشاركة
المقالات والآراء المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة، بل تعبر عن رأي أصحابها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر