«متحف السكة الحديد»: جولة بين 300 مركبة وسفينة مصرية قديمة

وسط ضجيج الباعة وأصحاب السيارات بميدان رمسيس بالقاهرة يقع متحف السكة الحديد. إذ يضم المتحف ما يقرب من 300 قطعة ونموذج للعربات والسفن والمركبات المصرية القديمة. بمجرد دخولك المتحف تنعزل تماما عن الواقع الخارجي في رحلة مثيرة للتعرف على أصل وفصل كل مقتنية هناك..«باب مصر» يصطحبكم في جولة داخل المتحف.

إنشاء المتحف

يعود إنشاء المتحف إلى 26 أكتوبر عام 1932. إذ افتتحه الملك فؤاد الأول في 15 يناير عام 1933 بالتزامن مع انعقاد المؤتمر الدولي للسكك الحديد. وبذلك يكون أول متحف للسكك الحديدية في الشرق الأوسط.

يتكون المتحف من طابقين، وتعرض خلال أقسامه نماذج توضح تطور النقل والسكة الحديد في مصر. كما يحتوى على مجموعة من الوثائق الهامة، وتتزين جدرانه بالعديد من الصور القديمة للقطارات والمحطات.

الطابق الأول

في بداية المتحف توجد نماذج لوسائل النقل منذ القدم حيث العربات والسفن والمركبات المصرية القديمة التي كانت تجرها الخيول واستخدمها قدماء المصريين. ومن هذه النماذج سفينة “مكت رع” من الأسرة الـ12، والتي يعود تاريخها إلى ما يقرب ألفين سنة قبل الميلاد. واستخرجت السفينة من مقبرة “مكت رع” بطيبة. كما هناك نماذج أخرى لسفن ذات شراع وسفن نقل البضائع.

وبدأ إنشاء خطوط سكك الحديد المصرية في الخمسينات من القرن التاسع عشر، وتحديدًا عام 1851، وتم تشغيلها في عام  1854 كأول خطوط للسكك الحديد في الشرق الأوسط وإفريقيا.

تطور القاطرات

يعرض المتحف في الطابق الأول، نماذج كثيرة تظهر تطور قاطرات السكك الحديد في مصر والعالم. ومن بينها نموذج لأول قاطرة ظهرت في العالم عام 1783 كما هو مدون عليها، ونماذج لقاطرات قديمة كانت تعمل بالبخار، ونماذج لآلات البخار المستخدمة.

هناك أيضًا نماذج للعديد من عربات الديزل، التي كانت تستخدم في المحطات المصرية، مدون عليها سنة دخولها الخدمة في مصر، والوقود الذي كان يستخدم فيها، ووزنها وطولها، وعدد الركاب الذين كانوا يستقلونها.

وبجوار هذه النماذج تعريف بأماكن تصنيع القاطرات وما حدث لها من تطور. فهناك القاطرات المصنعة بشركة ” جانز” ببودابست. وهناك القاطرات اليوغسلافية الصنع. ثم العربات ذات التصنيع المصري، التي تم تصنيعها بورش هيئة السكك الحديدية ببولاق، أو تلك المصنعة في شركة سيماف المصرية، والتي بدأ إنتاجها من القاطرات عام 1958.

أجهزة الإشارات والإضاءة

يستعرض أيضًا المتحف في جزء خاص مجموعة كبيرة من أجهزة الإشارات التي كانت تستخدم في توجيه القطارات قديمًا، لتجنب الحوادث، التي لحقها التطوير وأصبحت الآن تعمل بشكل آلي.

ومنها نماذج لأقدم أجهزة الإضاءة “الفوانيس”، التي كانت تستخدم في إنارة المحطات مثل مصابيح إضاءة الأرصفة، مصابيح المناورة، المصباح الوهاج الذي استخدم فيه بخار زيت البترول، مصابيح السيمافور، مصابيح بوابة المزلقان، وفوانيس الإشارة التي استخدمت منذ عام 1875.

وبجانب فوانيس الإضاءة والمصابيح، توجد مجموعة من الأجراس القديمة الخاصة بالمحطات، وأجهزة الإسعاف القديمة المزودة بالتليفون والجرس، بجانب نماذج لبعض تحويلات القطارات.

النقل الجوي

كما يعرض أحد أقسام المتحف نماذج لبعض الطائرات القديمة الصنع، منها طائرة الطيار المصري محمد أفندي صدقي، والتي طار بها لأول مرة من أوروبا إلى القطر المصري عام 1930.

وهناك أيضًا نموذج لطائرة كومينت النفاثة، التي تحتوى على 12مقعد درجة أولى، و58 مقعد درجة سياحية، والتي دخلت الخدمة عام 1963، إضافة إلى بعض نماذج الطائرات الشراعية، وطائرات مصر للطيران القديمة الصنع.

القاطرة الملكية

في نهاية الجولة بمدخل المتحف، تقابلك بحجمها الطبيعي وبكل شموخ، قاطرة سعيد باشا، والتي يعود تاريخها كما هو مدون عليها إلى عام 1862، والتي كان يستخدمها الخديوي في تنقلاته الخاصة، وكان يقودها بنفسه في بعض الأحيان.

تعتبر القاطرة تحفة فنية. تم تصنيعها في إنجلترا عام 1962 وتنقسم القاطرة إلى قسمين آلة جر وصالون ملكي خاص بالخديوي، وهي مصنوعة من النحاس وأجود أنواع الخشب، ومزينة بنقوش دقيقة للغاية، وتضاء من الداخل بواسطة الشمعدانات، كان يستخدم فيها زيت الزيتون.

وفي الناحية المقابلة للقاطرة الملكية، نموذج بالحجم الطبيعي، لقاطرة أكسبريس تعمل بالبخار، وهي مشطورة إلى نصفين بشكل طولي حتى توضح كيف كانت تعمل تلك القاطرات.

ويعود تاريخ القاطرة إلى عام 1906. وتوضح للزائرين ما بداخلها حيث الفرن، المدخنة، الإنجكتر، صندوق الدخان “الجرنبديه”، واسطوانات خلخلة الهواء، وأجهزة التغذية.

 الطابق العلوي

تم تخصيص الطابق العلوي من المتحف لعرض نماذج للكباري المتحركة والثابتة، التي كانت القطارات تسير من تحتها. كما يضم نماذج للمحطات والقاطرات وبعض الوثائق الهامة.

يضم الطابق العلوي أيضًا العديد من نماذج القطارات القديمة البخارية، ومنها قاطرات نقل البترول، وقاطرات الركاب، ويعرض نموذج لأول قاطرة ركاب، كانت مزودة بجهاز لتسخين المياه عام 1894، بجانب نموذج القطار الملكي.

الكباري التاريخية

تضم مصر العديد من الكباري المتحركة، والتي كانت تساعد في سهولة حركة القطارات، وصممت لذلك الغرض. ويعرض المتحف بعض منها مثل: نموذج لكوبري متحرك يوجد على النيل بإدفينا تم تدشينه عام 1930 على فرع رشيد، ونموذج لكوبري نجع حمادي، ونموذج لكوبري متحرك دوران ببنها على النيل.

وثائق هامة

 بداخل الصناديق الزجاجية بالطابق العلوي، يمكنك مشاهدة بعض الوثائق الهامة. ومنها النسخة الأصلية لعقد إنشاء السكة الحديد، والذي أبرم في عام 1851 بين حاكم مصر عباس باشا، والمهندس روبرت ستيفنس. وكان أول خط سكة حديد يربط بين مصر والإسكندرية.

وهناك أيضًا وثيقة افتتاح المتحف من قبل الملك فؤاد الأول في عام 1933. والممهورة بإمضاء الملك فؤاد، وصورة لتوقيع الملك الفاروق عند افتتاح محطة أسيوط. هذا بجانب بعض الأدوات التي كان يستخدمها العاملين في السكة الحديد قديما، مثل حقيبة محصل القطارات.

المحطات الأولى

كان أول خط للسكك الحديد المصرية يربط بين القاهرة والإسكندرية. ثم توالى إنشاء الخطوط بين المدن المصرية، وداخل المدن في خطوط داخلية متفرعة ومتعددة.

ويعرض المتحف مجموعة من نماذج محطات سكك الحديد المصرية القديمة والحديثة. وصور قديمة لها عند بنائها، مثل صور بناء محطة إدفو، ومحطة طنطا، محطة بورسعيد، محطة سيدي جابر.

التذاكر وآلات الطباعة

من خلال المتحف، يمكن مشاهدة تذاكر القطارات المصنوعة من ورق الكارتون، والتي كان يتم طباعة رقم الرحلة على أوجهيها. ويضم المتحف طابعات حقيقية للتذاكر والتي يعود تاريخ أقدمها إلى عام 1877.

وعلى الحائط خلف ماكينات الطباعة علق أحد البراويز الزجاجية. ويضم مجموعة نادرة من تذاكر القطارات القديمة، وبعض العملات النقدية الورقية التذكارية، التي صدرت في بعض المناسبات الخاصة بالسكك الحديد.

في نهاية جولتك بالمتحف تشاهد بانوراما مجسمة ومصغرة، تضم نماذج لحركة سير القطارات، وورش التصنيع، والكباري، والمحطات، والقطارات المتنوعة الأشكال.

صور نادرة وطريفة

يمكنك الرجوع بالزمن إلى الوراء، من خلال الصور المعلقة على جدران المتحف أعلى المعروضات. فهي تصور لك كيف كانت الحياة قديما، صالونات القطارات الملكية، الشوارع والمحطات، وغيرها من الذكريات.

هناك أيضًا صورة لإعلان قديم، تحث فيه هيئة السكة الحديد الركاب على التأكد من أن التذاكر التي معهم مدون عليها جهة الوصول وثمن التذكرة باللغتين العربية والإنجليزية. وذكر الإعلان أن الجنيه الإنجليزي يساوى 97 قرش صاغٍ ونصف، وأن الجنيه الفرنساوي يساوي 77 قرش صاغٍ.

هناك أيضًا صورة نادرة لرخصة سير حمار في أرض المحروسة، لصاحبها الخواجة نخله أبادير. وخرج التصريح من ديوان الدائرة البلدية عام 1878.

تعليمات دخول المتحف

يقع المتحف في ميدان رمسيس بالقاهرة أمام محطة السكة الحديد. وتبدأ مواعيد الزيارة من الساعة التاسعة صباحًا وحتى الثانية ظهرًا، ويغلق المتحف في يوم الجمعة.

ويبلغ ثمن تذكرة دخول المتحف للمصريين خمسة جنيهات. وخمسون جنيها للأجانب. ويدفع الزائر الذي يرغب في التصوير بالهاتف عشرة جنيهات. ويمنع دخول المتحف بأي مأكولات. مع التشديد على مراعاة اتخاذ الإجراءات الاحترازية وارتداء الكمامة عند الدخول.

اقرأ أيضا

فيديو| جولة داخل متحف المركبات الملكية

مشاركة
زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر