طب الفراعنة| «الشعر معيار الصحة».. كيف عالج القدماء الصلع وأمراض الجلد؟

لم يقتصر تميز المصريين القدماء في مجال الطب على معرفة ومعالجة الأمراض الوبائية والباطنية فقط، بل تعداه إلى العناية بالجلد ودراسة طرق حمايته من التلف الناتج عن التعرض لعوامل الطبيعة، كما أولى المصريون عناية فائقة بصحة الشعر وتغذيته ومعالجة حالات تساقط الشعر الناتجة عن القرع أو الصلع، بحسب الدكتور حسن كمال، في كتابه “الطب المصري القديم”.
كما أوضحت مومياء الملكة نفرتيتي زوجة اخناتون (1500 ق.م) أنها كانت مصابة بالصلع في مقدمة رأسها، واستخدمت الباروكة أو الشعر المستعار لإخفاء ذلك، ويلمح كمال إلى أن اهتمام القدماء بالجلد بدأ من منظور ديني، إذ وجد بمخازن المعابد المصرية حجرات مخصصة لتحضير الدهانات الخاصة التي كان يستخدمها الكهنة قبل أداء الطقوس اليومية أمام الآلهة، وبحسب كمال فقد احتوت بردية هيرست الطبية على عشرات الوصفات الطبية التي تعالج بعض الأمراض الجلدية الشائعة، مثل التهاب فروة الرأس أو تهيج الجلد، بسبب لدغ الحشرات، والإكزيما والأمراض الجلدية الفطرية.

الشعر معيار الصحة

ويلفت كمال إلى أن الطبيب المصري اعتبر أن الشعر أحد معايير الصحة، إذ أدركوا أن نوع التغذية يؤثر في حالة الشعر، وكانوا من أوائل من عالجوا مشكلات عجز الشعر من خلال تناول الخضروات، لاحتوائها على الفيتامينات والمقويات الطبيعية للشعر، ملمحا إلى أنه انطلاقا من اعتبار النظافة الشخصية أحد عوامل الصحة، فقد ابتكر المصريون القدماء أمشاطا مخصصة لتخليص فروة الرأس من القمل والصئبان، عندما عرفوا تأثيراتها الضارة على قشرة الرأس، كما استخدموا أمشاطا أخرى لتنشيط الدورة الدموية لفروة الرأس.
وبحسب كمال كان المصري القديم أول من عرف تأثير الحالة النفسية والعصبية على الشعر عموما وعلى ظاهرة الشيب المبكر والتي تحدث نتيجة الصدمات العصبية العنيفة، وابتكروا بعض الوصفات التي تعالج ظهور الشيب، من أبرزها الحناء وصبغات الشعر المعدة من العناصر الطبيعية، وبحسب ترجمة حسن كمال لبردية هيرست الطبية فقد وردت هذه الوصفة لعلاج سقوط الشعر والصلح وتحتوي على زيت الخروع وزيت البرسيم، كما يورد وصفة تحتوي على الصنوبر لاحتوائه على الراتنجات وحب العزيز لمعالجة مشكلات التهاب فروة الرأس المسبب للصلع، وكانت تستخدم الوصفة كلبخة توضع على الجزء المصاب؛ تؤدي إلى انقباض الأنسجة وتساعد في عودة نمو الشعر.
كما يلمح كمال إلى استخدام القدماء زيت مستخلص من السمك لعلاج مرض الصلع، والذي كان منتشرا بشكل كبير بين المصريين، دلت عليه المناظر المتعددة لأشخاص صلع في المقابر والمعابد المصرية، ويرجع حسن سبب انتشار الصلع في مصر القديمة إلى كثرة استخدام الشعر المستعار وأغطية الرأس عند المصريين، والذي يؤدي إلى ضعف نمو الشعر بشكل عام.

إكزيما

ويوضح حسن كمال أن الطبيب المصري القديم عالج نوعين من الإكزيما، الرطبة والجافة، سواء كانت حادة أو مزمنة، ووصف لها بعض العقاقير ذات التأثير المطهر خصوصا في حالة الإكزيما المصحوبة بالحكة والإفرازات الصديدية، وبحسب كمال فقد استخدم الطبيب المصري، نبيذ البلح ونبيذ العنب والكندر والفحم النباتي والبيرة كمطهرات، واستخدم بالتوازي مسكنات الألم المستخلصة من النشا والنطرون والردة ولبخة الفول ودقيق القمح والملح وأخيرا المجففات من العرق ومسحوق الشعير والمر الجاف، ويلمح كمال إلى أن الطبيب المصري القديم اكتشف أن كبار السن أكثر عرضة من الشباب للإصابة بالإكزيما بسبب نقص إفرازات غددهم.

داء الجرب

وطبقا لحسن كمال فقد ورد مرض الحكة أو الجرب في (قرطاس زويجا القبطي)، وقد عرفه الطبيب المصري مرض معدي ينتشر في أنحاء الجسم في شكل حبيبات متقيحة ويؤدي إلى الضعف العام، ومن أهم مسبباته الاتصال بحيوانات مصابة بالمرض مثل القطط والكلاب، وهو ما  سماه المصريون القدماء “حيوان الجرب”، كما رصدوا أن من أهم أسبابه عدم الاهتمام بالنظافة الشخصية، وقد عولج المرض باستخدام مادة الكبريت، والذي ما يزال مستخدما حتى الآن كما عولج باستخدام النطرون والبابونج والأفيون، كما يشير كمال إلى بعض الوصفات الطبية التي استخدمت لعلاج أثر لدغات الحشرات مثل البعوض والبراغيث والتي احتوت على مواد قابضة للأوعية الدموية، كانت عبارة عن لبخات ومراهم معدة من مستخلصات السنط وملح النطرون.

هوامش

1- الطب المصري القديم “بي دي أف” – دكتور حسن كمال – الهيئة العامة للكتاب – الطبعة الثانية 1998 – من ص 204 إلى صفحة 208، ومن ص 560 إلى 564، ومن ص 596 إلى 598.

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر