طب الفراعنة| كيف يعمل جسمك؟.. القدماء أصحاب السبق في «التشريح»

بدأت بذور علم التشريح في مصر القديمة منذ عصر الأسرة الأولى (3100-2890 ق.م)، كما جاء في كتاب “تاريخ الطب والتحنيط في عهد الفراعنة”، للويس جيار.
يعتقد جيار أن براعة القدماء في مجال التحنيط، أهلتهم ليكونوا أصحاب السبق في مجال التشريح، لافتا إلى أن الملوك وجهوا عناية الكهنة الأطباء إلى القيام بعمليات تشريح للحيوانات لمقارنتها بالجسم البشري واستطاعوا أن يجدوا تشابها بين بعض الأعضاء في الإنسان والحيوان.
كيف يعمل جسمك؟
توصل الطبيب المصري من خلال تشريح الأجسام البشرية والحيوانية إلى آلية عمل الجسم الإنساني، ليعرفوا أهمية الغذاء، والذي يبعث الطاقة لكل أرجاء الجسم من عضلات وأنسجة وأعصاب من خلال عملية حرق الغذاء، بحسب حسن كمال، في كتابه “الطب المصري القديم”.
وأدرك المصري القديم دور المعدة في عملية هضم الغذاء، وأهمية أن يلائم نوع الغذاء المعدة حتى لا يمرض الإنسان، ويشير كمال إلى أن الطبيب المصري عرف دور القلب في إرسال الدم إلى سائر الأعضاء والتي عبر عنها بالرسائل أو كلام القلب، واعتبر أن القلب هو العضو الحاكم على جميع أعضاء الجسد.
نسمة
ويلفت جيار في كتابه إلى أن القدماء عرفوا تأثير الأكسجين على عمل الدورة الدموية في الجسم، وهو ما عبروا عنه بـ”النسمة” الموجودة بالدم، والتي تمر بالرئتين لتمتلأ بالهواء ويستنشقه القلب ثم يوزع تلقائيا عبر الشرايين ويمتزج بكريات الدم البيضاء وسائر الأعضاء، لافتا إلى أن ذلك الاكتشاف جعلهم يعرفون بعض الأمراض التي تنتج عن تلوث الهواء، لذلك فقد عنوا بعمليات نظافة البيئة المحيطة بالإنسان.
ويلفت جيار إلى ما أشارت إليه بردية أدوين سميث الطبية من أن القدماء استطاعوا حساب وقت الدورة المدوية بمقياس مقارب من الثانية، واستفادوا من تلك المعلومة في عمليات مقاومة العدوى، حيث تبين لهم تسارع معدل الدورة الدموية في حالة انتقال العدوى.
مباحث التشريح
يورد حسن كمال، في كتابه “الطب المصري القديم”، بعض المصطلحات المستخدمة في البرديات الطبية والتي تشير إلى بعض أهم مباحث التشريح من خلال وصف الجسم البشري:
– “خت” وتعني الجسم البشري وتشير أيضا إلى البطن.
– “اوف” وتشير إلى اللحم.
– “عت” وتعني عضو بالجسم.
– “قس” وتعني عظمة.
– “راعمي” وتعني مفصل.
– “مت” وتشير إلى الأوعية الدموية والأوتار والعضلات.
النخاع الشوكي
يلمح كمال إلى أن أهم ما خلفه القدماء المصريون في مجال التشريح هو وصف الهيكل العظمي، وتحديد وظيفة كل جزء فيه، وبحسب بردية إيبرس فقد وصف القدماء الهيكل العظمي بأنه جمجمة والعمود الفقري وملحقات العمود الفقري من الأطراف والقفص الصدري، وتتكون الجمجمة من عظام ملتحمة ببعضها البعض، جميعها ثابتة ما عدا الفك السفلي، وعدد فقرات العمود الفقري 33 فقرة ومرتبة فوق بعضها ويفصل بينها الغضاريف.
ويشير كمال إلى أنهم عرفوا أن النخاع الشوكي يمر من داخل الفقرات، وأنه متصل بالمخ لنقل الإشارات العصبية، ولخصت البردية وظائف الهيكل العظمي في حماية الأعضاء الداخلية للجسم وتدعيم الجهاز الحركي.
وينوه كمال أنه باعتبار أن الطريقة الوحيدة للتشريح حاليا بدراسة الأجنة، وكون ذلك كان شبه مستحيلا في ذلك الوقت، فإن الحقائق التي توصل إليها القدماء المصريون حول الجسم الإنساني تؤكد ريادتهم في مجال التشريح.
هوامش
1- الطب المصري القديم “بي دي أف” – حسن كمال – من ص 63 إلى 66 –الهيئة العامة للكتاب 1998.
2-  الطب والتحنيط في عهد الفراعنة – تأليف يوليوس جيار ـ ترجمة: أنطون ذكري – من ص37 إلى 39 – مطبعة السعادة 1926.
الصورة المستخدمة في المقالة تحمل رخصة المشاع الإبداعي
طب الفراعنة| «الشعر معيار الصحة».. كيف عالج القدماء الصلع وأمراض الجلد؟
طب الفراعنة| مبادئ الطب الشرعي عند المصريين القدماء
طب الفراعنة| المصري القديم.. أول من وضع أسس «الطب الوقائي»

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر