«الميناء الشرقي»: عودة للانطباعية في لوحات الفنان حمدي عبدالكريم

بعد 10 سنوات من العمل على لوحات تخص الإسكندرية فقط، افتتح الفنان التشكيلي حمدي عبدالكريم معرضه «الميناء الشرقي» أمس السبت والذي سيستمر حتى 20 يناير الجاري بقاعة حامد عويس بمتحف الفنون الجميلة بالإسكندرية. يضم المعرض لوحات بمقاسات وألوان مختلفة تمثل عودة لفكر الانطباعيين الأوائل مرة أخرى حول الغروب والشروق بمدينته التي نشأ وعاش ودرس فيها.. «باب مصر» يستعرض تفاصيل المعرض.

الطبيعة السكندرية

يهتم الفنان حمدي عبدالكريم بالطبيعة خاصة الطبيعة السكندرية. إذ يحرص في لوحات معرضه على تصور السماء والبحر في الميناء الشرقي بالإسكندرية الذي يمتد من منطقة السلسلة بالشاطبي حتى قلعة قايتباي ببحري. يصور البحر في الغروب والشروق والشتاء والصيف والخريف والربيع في حالتهم الجوية المتقلبة خاصة في وقت الشتاء. وبالرغم من أن زوايا اللوحات مكررة على مدار ساعات اليوم. إلا أنه يعطى للرائي إحساسا بتوقف الزمن في لوحاته عند لحظات ساحرة للطبيعة تعطي فرصة للتمعن فيها عن كثب.

من لوحات المعرض
من لوحات المعرض

يتحدث عبدالكريم عن معرضه لـ«باب مصر» ويقول: “بحثت عن كلمات اكتبها حول الفن والعمل الفني وأيضا عن الرسم الذي أمارسه فلم أجد كلمات تعبر عما بداخلي تجاه ما أراه أو أشاهده في الكون من حولي عن السماء والأرض والإنسان”.

وتابع: ولكن هناك معنى جميل يتجلى أمامي دائما. أراه موجودا في الحياة وهو أن الفن والتعبير بالخطوط والألوان والظلال ضرورة. ضرورة إنسانية لا تتحقق إلا بممارسة هذا النوع من الأداء. وعلى هذا فالفن باعتباره لغة تعبير وتواصل فهو ضرورة وواجب لأنه لا يتم إلا بهذه الطريقة وهذا الأداء، وذلك دون استعمال الكلمات ودون التعبير بالألفاظ ولكن بتعبيرات شكلية وتناغم باستخدام هذه الأدوات. تعبيرات عما يجول في خاطر الفنان الذي منبعه الكون والحياة.

ويضيف الفنان: الإسكندرية مدينتي الجميلة التي ولدت ونشأت بها. هذا العالم الجميل الذي أعيشه وأعشقه. السماء والبحر، الأسرار والألغاز، حالة الحب والأمل، والحياة، والأنغام التي لا تتحقق إلا بالتعبير عنها بهذه اللغة الرائعة. لغة الشكل التي تخاطب البصر والفؤاد.

الميناء الشرقي

تنقسم لوحات معرض “الميناء الشرقي” إلى قسمين. الأول يضم 22 لوحة، ويضم الثاني  8 لوحات. يتفاوت حجم اللوحات المعروضة بين 150×120 و120×90 ومنها أقل من ذلك حوالي 20×30.

كما يطغى على لوحات القسم الأول من المعرض ألوان ومشاهد هادئة وتدرجات ناعمة للون الأزرق لتصور مشاهد نهارية من منظور متأمل. أما القسم الثاني من المعرض فيطغى على معظم لوحاته ألوان ساخنة وجريئة لتصور مشهد الغروب.

10 سنوات عمل

استغرق الفنان عبدالكريم حوالي 10 سنوات لإتمام لوحات معرضه الميناء الشرقي. فيقول عن ذلك: “لا اعتبر هذه التجربة مكتملة بل عملي عليها لم ينته بعد”. معللا غيابه الطويل عن المشاركة في المعارض الفنية أنه طوال هذه الفترة لم يكن مهتما بعرض لوحاته وإنما بالعمل عليها فقط.

وشارك عبدالكريم في العديد من المعارض الفنية عامة وخاصة ومحلية وعالمية. بداية من عام 1977 ليمثل مصر دوليا في العراق، مرورا بمعرض متجول في ألمانيا عام 1983. وأيضا معرض في قصر التذوق بالإسكندرية عن موضوع الدراسات التمهيدية ودورها الفعال في التصوير عام 1996. ومعرض في المنظر الطبيعي عن موضوع زيارة ريفية في قاعة خان المغربي بالقاهرة عام 2001. ومعرض عن المنظر الطبيعي السكندري ومجموعة تجارب من الفن الإسلامي بمتحف محمود سعيد عام 2008. وكان آخر المعارض التي شارك فيها معرض الفن المصري المعاصر بلندن عام 2011.

الفن الإسلامي

يذكر عبدالكريم أنه يهتم بالفن الإسلامي ومزجه بالتصوير المصري المعاصر. مشيرا إلى حصوله على الماجستير في الفنون الجميلة عام 1982 عن رسالته التي حملت عنوان “الخلفية الفكرية وأثرها في التصوير المصري المعاصر”. وفي عام 1989 حصل على دكتوراه الفلسفة في الفنون الجميلة تخصص تصوير عن رسالة موضوعها: “الفن الإسلامي ودوره في عمل تصوير مصري معاصر”.

ويقول: في تجربتي مع الميناء الشرقي لا يظهر الطابع الإسلامي في اللوحات من لغتها الرمزية في تصوير الطبيعة على عكس بعض أعماله الفنية السابقة.

وتابع: “بالرغم من أن فترة الطابع الإسلامي أخذت وقتها لكني أعمل على بعض الأعمال التي تعبر عنها. ولا استطيع القول أن الطابع الإسلامي لم يطغ على هذه التجربة. في هذه التجربة أصور الطبيعة والسماء والبحر. فأنا أرى هذه التجربة من زاوية صوفية تعكس خيالي ومزاجي وتعبر عن إنسانيتي”.

عودة للانطباعية

ويقول د.على سعيد، مدير متحف الفنون الجميلة بالإسكندرية عن معرض الميناء الشرقي: “عندما أراد مونيه أن يضيف للانطباعية بعدا آخر. عمد إلى رسم كاتدرائية “روان” أكثر من ثلاثين مرة من نفس الزاوية ولكن في أوقات مختلفة على مدار اليوم الواحد. وفي أجواء مختلفة على مدار العام. كان هذا في بدايات القرن العشرين إبان مولد الانطباعية كحركة ثورية غيرت من منطق الفنون التشكيلية في العالم”.

وتابع: الآن، يعيدنا الفنان حمدي عبدالكريم لنفس فكر الانطباعية وينقل لنا في حالة شديدة الخصوصية منظر هو الأشهر في مدينة الإسكندرية. المدينة التي نشأ ودرس وعاش فيها. منظر الميناء الشرقي رسمه الفنان عشرات المرات ليؤكد لنا على قيمة عامل الزمن في العمل الفني، ينقل لنا تقلبات الجو في مدينتنا الساحرة. وهي الأجواء التي تتغير ربما عشرات المرات في اليوم الواحد وخاصة في فصل الشتاء.

ويضيف، هنا سحر اللمسة وعفوية التلوين شاهد على سرعة تقلب الجو في نفس المكان. أن تعيش أجواء الشتاء والصيف والربيع والخريف في آن واحد من نفس الزاوية. فهذه قدرة امتلكها الفنان ليخرج لنا هذا المعرض بعد 10 سنوات تقريبا من دراسة هذا التباين الواضح والغني. فنراه وكأنه تسجيل صادق لحالات شديدة الرومانسية لمدينة الإسكندرية.

اقرأ أيضا

«التيتي» بلياردو.. الذي حير الإسكندرية

مشاركة
زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر