“ولاد البلد” داخل ساحة المرماح.. 8 ساعات كانت مدة الرحلة

تصوير ـ أحمد دريم

هنا في ساحة المرماح، عالم آخر بمفاهيمه، ومصطلحاته، له عادات وتقاليد، وبروتوكول الفروسية الذي وضع منذ مئات السنين، يعيدك لهذا العصر، وكأنك عبرت بآلة زمن، ولمعرفة العديد عن ذلك العالم وكيف يتم الاستعداد لإقامته وما هي أصوله وآدابه، كان لابد أن يقتحم “ثقافة وتراث” ذلك العالم ولكن بشروطه.

8 ساعات مدة الرحلة بمحافظة سوهاج، مدينة جرجا تحديدًا، وفي ضيافة الحاج محي الدين محمد أحمد حجاج، من مقيمي مهرجان المرماح.

الزفة

شباب في العشرينات والثلاثينات من عمرهم، لا تفرقهم في الهيئة عن باقي الشباب العاديين، ولكن شيمهم ذات الهيبة الغير مفتعلة توشي لك بخصوصية سماتهم، خاصة حين تراهم أعلى خيولهم، منذ بداية اليوم، الجميع على أتم الاستعداد، متفقين من سيكون فى البداية في حركة استعداد للمهرجان.
حتى داخل المنزل السيدات في انشغال تام بين إعداد الطعام، والاستعداد لاستقبال النسوة من الجيران لمشاهدة  ما يسمي بـ”الزفة”، وهي خروج الفرسان بخيولهم تصاحبهم موسيقى المزمار البلدي، حيث يرمين بعض الحلوي ويطلقن الزغاريد في جو تشع البهجة به من كل اتجاه، متوجهين إلى ساعة المرماح.

 الساحة

بشموخ  وجباه ساطعة، يدخل الفرسان ممتطين خيولهم ذات الصهيل الذي يخبرك عن نوعها العربي الأصيل، ساحة المرماح، وهي قطعة أرض فضاء تصل مساحتها لـ3 آلاف متر، محاطة بجماهير بالآلاف من أبناء القرية، والحضور من البلدان والمحافظات المجاورة، فضلاً عن أهالي القرية المتأخذين من أنحدارات الشوارع مقاعد عالية لمشاهدة المرماح، وإطلاقهم الصيحات من وقت لأخر إعجابًا بمهارت أحد الفرسان وجواده.

يقول محي الدين  محمد، 42 عامًا، مزارع وتاجر أراضي، «المرماح يتم إقامته على مدار المئات من السنوات السابقة احتفالاً بالمولد النبوي، ومولد الشيخ أبو عمره، حتى أنها انقطعت لمدة 40 عامًا، ليعيدها والدي في 1997، راويًا أن تربية الخيل في الدم، والمرماح وأدب الخيل “أي استعراض الحصان لمهاراته في الرقص على المزمار داخل الحفالات”، والتحطيب ينتمون جميعًا للعب العصا رغم اختلافهم، يتفقون فقط في مصاحبة المزمار البلدي، والعصا كعناصر مشتركة.

عدد الفرسان المشاركين بالمرماح

يسترسل محي الدين، أن عدد الفرسان المشاركين في المرماح من 40 إلى 50 فارسا. وعن مراحل لعبة المرماح أخبرنا، «بعد دخول الفرسان ممتطين خيولهم. يرمون التحية عن طريق رقصة الحصان على المزمار».

ويتابع محمد نصر، أحد المنظمين الشباب” «يلي التحية  المراحل الثلاثة (التقطيع وهو لعب الحصان تحت الزان. المشالاة وهي اللف بالعصا. والصابية وهي تشبه التحطيب بالعصا. ثم الختام بقراءة الفرسان للفاتحة».

ويضيف، «اللعبة قديمًا كان من يكسب فيها يفوز بلقب الفارس أو فارس الفرسان. ولكن مع مرور الوقت وكونها لعبىة استعراضية لمهارات الفارس وجواده. وقد أصبحت دون القاب أو سباق، وإنما فقط استعراض ومتعة اللعب والمشاهدة للمتفرجين».

تنظيم البطولة

ويلفت محمد حفني الجبالي، من محبين الفروسية والمرماح، أحد شباب القرية، أن هناك تنظيم ضمني بين الشباب القرية القائمين على المرماح. وهو تبادل الأدوار بين ممارسة اللعبة والتنظيم، لخطورة اللعبة. فالساحة فضاء واسع مفتوح، فقد يمر أطفال أثناء اللعبة فيصابوا.

ويشير إلى حدوث زفة أخرى بعد قراءة الفاتحة للفرسان. وهم في طريقهم للسامر، مكان السامر وتقام فيه الاحتفال لاستعراض أدب الخيل ورقص الحصان، ويسبقه بقليل راحة للفرسان والخيل.

وجوه شابة

لم تخلو الساحة من وجود الشباب  الغاوين أي الهاوين، بالإضافة للمحترفين، يصنف عبدالناصر عبدالرحيم السراج، محام، نفسه من الغاوين لركوب الخيل وممارسة المرماح، يقول تعلمتها منذ عمر الـ6 أعوام، على يد أبي فهو أبًا محب للخيل.

يضيف، أملك من الخيول “هوجن- لهب- مستر سعد- شداد”، لافتًا إلى أن الخيل “زي البني أدمين، علاقتك به لابد أن تقوم على التعامل الطيب والأخلاق”، هو أيضًا يعلمك هذه الصفات، يرى أن الفارس الهمام هو من يستطيع أن يلجم أي فرس يمتطيه.

تواجد الأطفال

الملفت أيضًا تواجد الأطفال غير عابئين بعنفوان الخيول، أو الرهبة، نظراتهم مليئة بالشغف لاتقان اللعب ليس فقط ممارستها، محمود أحمد، 11 عاما ، كان أبرزهم، بالإضافة إلى علي 7 أعوام، محمد 7 أعوام، محمد إسماعيل 13 عامًا ودقدق 5 أعوام.

في نهاية يوم شاق غلبت متعته وشغفه المعرفة بتفاصيل عالم المرماح في الصعيد، الذي يثبت أصلة ممارسة الفروسية وامتدادًا لتاريخ بطولي لفارس العربي يأبى التنحي في وجود ألعاب تراثية توطد من بقائه بأجيال شابه هنا في جرجا وغيرها من مدن الصعيد.

 

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر