منى “غازلة” الطواقي تبحث عن زبائن في زمن القميص والبنطلون
الست منى ذات الـ 53 عامًا من قرية السنباط، والتي تعمل في غزل وبيع الطاقية الرجالي التي يلبسها المزارعين أو الذين يعيشون في القرى والمكملة للزي التقليدي للفلاح، تعد نموذجًا مصريًا أصيلًا للسيدات اللائي يعملن ليوفرن ويساعدن في تدبير احتياجات أسرهن رغم الظروف القاسية التي تتواجد بها.
تجلس الست منى في الشارع طوال اليوم من العاشرة صباحًا حتى نهايات النهار فتجمع أشيائها وبضاعتها وتعود إلى منزلها، وأتعبتها القعدة ومناكفة الزبائن ولكن بملامح من الرضى تعلو وجهها عندما تدخل على أبنائها ومعها ما يكفي ولو قليل من احتياجات الأسرة.
تجلس الست منى – وهي تقوم بتحضير الصوف أو شغل الطواقي- وحولها ماتبيعة من منتجات صوفية من الطواقي موضوعة على أقفاص من الجريد لتعرض عليه بضاعتها في الشارع حتى يراها المارة من الزبائن والذين قل توافدهم عليها بمرور الزمن.
تقول الست منى: كنت أبيع حوالي 50 طاقية في اليوم الأن هناك أيام لا أبيع سوى 5 أو مافيش حسب التساهيل.. وتضيف ظروف الناس أصبحت صعبة والجيل الجديد متحضر لا بيلبس جلابية وطاقية والشباب خلاص يفضل القميص والبنطلون حتى لو بيشتغل في الأرض.
وتضيف منى: “الجيل القديم هو اللى متمسك بالجلابية والطاقية”.
ترجع الست منى بالذاكرة إلى أيام زمان وتحكي وهي تبتسم قائلة: الزمن اتغير يا أستاذة كل حاجة الآن أصبحت سهلة لكن بدون بركة يعنى زمان كنا بنتعب عشان نحصل على الصوف ونعدة للغزل وعمل خيط، كان عبارة عن صوف الغنم وشعر الماعز ووبر الجمال كان تحضيره متعب جدًا ويحتاج مجهود الآن الصوف معد من المصانع جاهز ونظيف وغير مرهق وأغلب الصوف يكون من محافظة المنوفية يسافر تجار الجملة لإحضاره ثم نذهب إليهم لشرائه، ولكن ما زال هناك من يطلب طاقية “وبر صوف بلدي”، وهي النوع القديم ولكن نادرًا ومن يطلبها هم الرجال الكبار في السن.
تقول منى: “لا أعرف شغلانه تانية غير الطاقية من يوم ما اتولدت وحتى بعد ما تزوجت وإلى الآن هي مصدر رزقي”.
وتضيف: “جوزي كان خفير وطلع معاش لأنه عمل عملية في القلب وقاعد في البيت والمعاش لا يكفي التزاماتنا من علاج ومصاريف وأنا شغال معايا ستات من القرية كتير وأعطيهم أجرهم”.
تسكت الست منى عن الحديث عندما جاء زبون يشتري هو وزوجته فأخذت جانبًا عرضت عليه “منى” أكثر من طاقية وهو أخذ يعاين أكثر من طاقية ويفاصل في السعر معها، وبعد فترة من الفرجة والفصال ذهب دون أن يشتري وأخذت هي في إعادة الطواقي إلى مكانها ثم نظرت إلى وقالت أنا تعودت على كده فيه ناس بتتفرج وتمشي من غير ما تشتري.
ثم رجعنا إلى حديثنا وأخذت تحكي لي عن أن زمان كانت السيدات والفتيات اللائي كن يعملن معها كن أكثر عددًا من الآن.
وقالت زمان الست لم يكن يشغلها سوى غير البيت والغيط وكانت بتشتغل وهى فى البيت أما الأن البيوت محتاجة شغل أكتر وكمان البنات تفضل العمل في المحال التجارية عن غزل الطواقي حتى يراها الناس وتروح وتيجي وتخرج وتلبس وتطلع من البيت رغم أن أجرها كان 2 أو 3 جنيه على الطاقية الواحدة أما الأن أجرها 10 جنيهات.
وعندما سألتها عن ما يتعبها قالت: “الشمس والرجالة اللي بينظروا للست اللي قاعدة في الشارع على أنها سايبة وليس لها أهل ولا كرامة وهذا ما يتعبها”.
كانت الشمس شارفت على المغادرة وأخذت الست “منى” في جمع بضاعتها واستعدت للمغادرة وهي تقول إن شاء الله الدنيا هتتصلح كل حاجة بالصبر.
تعليق واحد