ما هو سر عاصفة الصحراء المنبعثة من ممرات “الهرم المنحني”؟

الهرم المنحني هو أول هرم ذو واجهات مكسوة، شيده الملك سنفرو مؤسس الأسرة الرابعة (2575-2465 ق.م) واختار له دهشور مكانًا، بحسب الدكتور أحمد فخري في كتابه الأهرامات المصرية.

يوضح فخري أن البناء بطرازه المميز بين الأهرامات حير العلماء لفترة محاولين فهم ما حدث؟ والسبب في تغيير زاوية البناء ليخرج الهرم بهذا الشكل المدبب في قمته، لتخرج نظريات متعددة لتفسر هذا الطراز الفريد بين أهرامات مصر.

تطور الشكل الهرمي

يقول الآثاري خالد بكير، ماجستير في الآثار، إن محاولات المصري القديم لبناء الشكل الهرمي بدأت في عصر الأسرة الأولى (3100- 2890ق.م)، واتخذت شكل المصطبة المربعة ذات الجوانب المائلة إلى الداخل.

وفي الأسرة الثالثة (2668- 2613ق.م) تفتق ذهن المهندس العبقري (إيمحوتب) عن بناءه المميز والمعروف بـ”الهرم المدرج” لملكه زوسر، وهو عبارة عن 6 مدرجات، وبحسب الآثاريين كان أول محاولة قريبة من الهرم الكامل.

وفي عصر الأسرة الرابعة، والذي عرف بعصر بناة الأهرامات، شيد سنفرو هرمه المنحني، والذي يمكن اعتباره صورة من صور التطور المعماري في بناء الهرم الكامل، ويعتقد بكير أن تغيير الزاوية كان مقصودًا ولم يحدث نتيجة خلل في حسابات الزوايا، مبرهنًا على ذلك أن مهندسو سنفرو شيدوا له بعد ذلك هرمين مكتملين في نفس المنطقة، أشهرهما (الهرم الأحمر)، ملمحًا أن تصديق احتمالية أن العمال أرادوا أن ينهوا البناء على عجل أمر غير مقبول حين يتعلق الأمر بهرم الفرعون.

رسم تخطيطي للهرم المنحني - من كتاب الهرامات المصرية
رسم تخطيطي للهرم المنحني – من كتاب الأهرامات المصرية

نظريات

يوضح الدكتور أحمد فخري، في كتابه “الأهرامات”، أن زاوية الانحناء في القاعدة 54 درجة بينما في القمة 43 درجة، ملمحًا لاحتمالية أن العمال واجهوا مشكلة طارئة هددت البناء فغيروا الزاوية، ويرى فخري أن أحد النظريات اعتبرت أن استمرارية بناء الهرم على زاوية 54 يؤدى إلى ثقل وزن المبنى بما يهدد سقف الحجرات الداخلية والدهاليز، وقد ظهرت بالفعل بعض الشروخ في الغرف الداخلية وتم ملأها قديمًا بالجبس.

ويرى بعض الآثاريين بحسب فخري، أن العمال أنهوا بناء الهرم سريعًا لتخوفهم من وقوع أحجار أو انزلاق أحجار الكساء من أمكانها لو بقيت الزاوية على ما كانت عليه.

ويوضح كاتب الأهرامات أن الهرم المنحني مبني من الحجر الجيري المحلي وله كساء من الحجر الجيري الأبيض ولد مدخلان في الواجهة الشمالية والجنوبية، ويؤدي الممر الشمالي إلى ممر هابط ينتهي بصالة أفقية لها سقف متدرج، ويؤدي الممر الجنوبي إلى دهليزين يؤدي أحدهما إلى بئر دفن ترتفع رأسيًا لكن لا تتصل على ما يبدو ببقية الغرف والممرات، أما الممر الأخير والذي يرتفع بمقدار 12 مترًا عن الأول فيؤدي إلى ممر أفقي يؤدي بدوره إلى حجرة دفن ثانية.

رسم تخطيطي لممرات الهرم الداخلية - من كتاب الاهرامات المصرية
رسم تخطيطي لممرات الهرم الداخلية – من كتاب الأهرامات المصرية

لغز الأرز

ويلفت فخري إلى وجود عروق من خشب الأرز في حجرة الدفن السفلى موضوعة بشكل ملتصق مع الجدران تجعل الزائر يعتقد أنها سفالات استخدمت في البناء، لكن هذه النظرية ثبت خطأها بعد الأبحاث التي قام بها كل من “بيرنج” و”فيز” ووجدا أخشابًا مماثلة منتشرة في جميع حجرات الهرم، وهو الأمر الذي حير وما زال يحير العلماء، فيعتقد بعضهم أنها ربما استخدمت كمظلة خشبية للتابوت، بينما يرى آخرون أنها ربما هي ما تبقى من أخشاب الأرز التي جلبها سنفرو من لبنان وأراد أن يخلدها معه.

عاصفة الصحراء

ويروي فخري أنه أثناء عمله في منطقة الهرم المنحني في الخمسينات لاحظ أنه في بعض الأيام التي تهب فيها رياح الصحراء الشرقية وتمر من خلال أحد الممرات تحدث ضوضاء يمكن سماعها وعلى الأخص في الممر الأفقي وتستمر تلك الضوضاء لمدة قد تصل إلى 10 ثوان، ويفسر فخري تلك الظاهرة بأنه يوجد جزء بالهرم لم يتم الكشف عنه بعد وعلى ما يبدو فإن هذا الجزء متصل بالخارج بطريقة تسمح لعاصفة الصحراء أن تمر من خلاله بتلك السرعة محدثة صوتًا أشبه بالنفير.
++++++++++++++++++++++++++++++++
هوامش:
–  الأهرامات المصرية (بي دي إف)– د. أحمد فخري– مكتبة الأنجلو المصرية بالاشتراك مع مؤسسة فرانلكين للطباعة والنشر 1963- من ص 109 إلى 138.
– الصورة الرئيسية من موقع ويكيبيديا برخصة المشاع الإبداعي.
– جميع الصور التوضيحية من كتاب الأهرامات المصرية (بي دي إف) ص 133 و134.

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر