الفنان محمد عبدالفتاح: كيف تصنع فنا من النفايات؟

من الخامات المستهلكة ومخلفات البيئة المحيطة، يُنفذ محمد عبدالفتاح، ابن قوص في قنا، قطع فنية متنوعة تجسد الحياة قديما من أجل الحفاظ على التراث وتعريف الأجيال الجديدة به. «الحنطور، الناموسية، الرحايا، الهودج» مصنوعات الرجل الستيني من مخلفات البيئة التي لا يعرضها للبيع ولكن يكتفي بالاحتفاظ بها وتزيين منزله.. «باب مصر» يتعرف على قصته.

الفنان الستيني

يحب محمد عبدالفتاح خليل القاضي، عمله كثيرا منذ صغره، ويحكي لـ«باب مصر» عن موهبته، ويقول: بدأت العمل في استغلال الخامات بيدي منذ المرحلة الإعدادية، وكنت أود الالتحاق بالمدرسة الصناعية للدراسة واستكمال ما أحب عمله من الأعمال اليدوية، ولكن رفض والدي، وأدخلني مدرسة ثانوية حتى تخرجت في معهد الخدمة الاجتماعية.

وتابع: في أثناء الدراسة في المعهد، كنت أتعلم حرفة النجارة لموهبتي في تقطيع الأخشاب وصناعة أشكال منها، ثم تعلمت صناعة أشكال من الزجاج الآن، وبعد تخرجي عملت موظفا في الشؤون الاجتماعية، إلا أنني كنت أمارس موهبتي التي أعشقها منذ صغري، وبدأت في تحويل كل أشياء البيئة المهدرة أثناء عملي، وبعد إحالتي للمعاش تفرغت بشكل كامل لما أحبه، إلى أن صنعت مشربية كاملة احتفالا بمولودتي الأولى “سارة”.

ويضيف القاضي، أنه سعى إلى الاستفادة من الخامات المستهلكة في البيئة المحيطة به في عمل مجسمات وأشكال وتصميمات يحاكي فيها العناصر والأدوات والمهمات في الحياة قديما، ومنها عربة الحنطور وعربة الرش وعربة الجاز، وأيضا عربة البطاطا وعربة الدندرمة. كما امتدت تصميماته إلى الأجهزة والأدوات المنزلية، مثل الغسالة والبوتاجاز وغيرها حفاظا على التراث والهوية.

شغف لا ينتهي

ويشير القاضي إلى أنه شغوف جدا بصناعة هذه الأشياء، إذ يستغل أي منتج مهدر ويصنع منه أشكال مختلفة ومهدرة، فمن زجاجات المياه الغازية صنع أداة للقهوة، ومن أكواب البلاستيك صنع الفوانيس لأحفاده.

يتذكر القاضي في مناسبة المولد النبي الشريف العام الماضي، صنع بنفسه لوحة سبورة للأطفال الصغيرة من “نتيجة” قديمة في منزله وزينها بالأضواء أيضا، وصنع سيارة رش مياه من علب الصفيح الفارغة وعلب المبيدات الحشرية، ومن أطباق البيض صنع “رحايا” قديمة بالجبس الأبيض، ومن بقايا لعب الأطفال صنع زينة ووضعها بالمنزل، وكذلك طربوش الملك فاروق، وهودج العروس قديما.

يقول القاضي: أصنع هذه الأشياء القديمة لرغبة داخلي منذ الصغر، وأحب أن أبدع وأطور ذاتي يوما بعد يوم، كما لدي خيال واسع قد تستغرق الفكرة التي أريد تنفيذها يومين كاملين، كما أصنع الأشياء القديمة التي تعبر عن التراث القوصي القديم من أجل تعريف الأجيال الجديدة التي لا تعلم عن تراثنا الجميل كثيرا.

أدوات العمل

يتمتع القاضي بإمكانية “تعشيق” الخامات مع بعضها البعض، وكل خامة لها أدوات معينة للاستخدام، ويستطيع تطويع الأدوات والخامات طبقا لما يريد فعله حتى تخرج منه لوحات فنية جميلة مبدعة.

«متعة غريبة» هكذا يصف القاضي شعوره عند إنجازه عمل معين، كما يشعر بفرحة كبيرة كما النجاح عندما يستغل مخلفات ما في صناعة أي قطعة جديدة.

أما عن الأدوات التي يستخدمها في عمله، فيقول: أعمل بأدوات بدائية جدا ويدوية استخدم فيها المخلفات المهدرة بدلا من إلقاءها في القمامة، وأحولها إلى منتجات جميلة للحفاظ على التراث ونظافة البيئة أيضا، كما أرفض بيع هذه المنتجات لأي شخص وأكتفي بعرضها ووضعها في منزله وتزيين الحوائط بها.

شارك القاضي مؤخرا في معرض بقصر ثقافة قوص على هامش ندوة عن البيئة، وقام بعرض منتجاته، «زي ولادي بالظبط» هكذا يرى الأشياء التي يصنعها بيده.

اقرأ أيضا

رحلة «القوصي» وراء الخط العربي

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر