دليل الفعاليات الثقافية فى مصر

الدليل - تعالى نخرج

«شبابيك للثقافة والفنون».. ملتقى يفتح نوافذ الإبداع على مواهب الجنوب

في أجواء يسودها الشغف بالفن والتراث، وُلد ملتقى «شبابيك للثقافة والفنون» بأسوان ليمنح الموهبة الجنوبية مساحة للظهور والتعبير. فكرة الروائي «مصطفى محمود عواض» لم تكن مجرد مشروع ثقافي، بل حلم تحول إلى واقع يهدف إلى أن يكون الإبداع جزءا من الحياة اليومية في الجنوب.

ومن المسرح إلى السينما، ومن الفن التشكيلي إلى الحرف التراثية والكتابة والموسيقى، يفتح مشروع “شبابيك” نوافذه لاكتشاف المواهب الشابة وتنمية قدراتها، رابطًا بين الهوية الأسوانية وروح العصر.

حلم مجموعة من الشباب

يقول الروائي مصطفى محمود عواض، من مؤسسي ملتقى “شبابيك للثقافة والفنون” لـ«باب مصر»: “الملتقى كان حلم مجموعة من الشباب. كل واحد فينا عنده موهبة تحتاج لمن يكتشفها. كان فينا اللي بيكتب، واللي بيرسم، واللي بيغني. وأنا كنت من هؤلاء الشباب، نشأت في قرية نوبية بعيدة عن المدينة، ومنذ الصغر وأنا مولع بالكتابة”.

ويضيف: “كنت أحب كتابة الرواية، لكن لم يكن أمامي المكان الذي يحتضن تلك الموهبة. وكانت أمنياتنا كمجموعة مواهب أن يكون لدينا ملتقى ثقافي يجمع المواهب ويكتشفها، خاصة لأبناء القرى البعيدة. لأن غالبية المجموعة كانت تسكن تلك القرى بعيدا عن مدينة أسوان، فكان هذا حلمنا”.

انطلاقة للشباب الموهوبين

يكمل عواض: “أسوان من المحافظات الغنية بثقافات متعددة، منها النوبة، والعبابدة، والبشارية، والجعافرة، والصعايدة. وجميعهم يملكون تراثًا هائلًا ومواهب فنية في كثير من المجالات. لكنها تحتاج فقط إلى من يسلّط الضوء عليها.

لذلك فكرنا في تأسيس منصة ثقافية حرة، بعيدا عن الروتين، نفتح بها نوافذ لكل من يريد أن يعبّر عن موهبته. ولأن الموهوب يحب أن ينطلق ليبدع، اخترنا أن يكون الملتقى في قلب الطبيعة. عبارة عن لوحة فنية تمثل أسوان، وانطلاقة للشباب الموهوبين”.

وحول سبب اختيار الاسم، يقول عواض: “السبب الرئيسي لاختيار اسم “شبابيك” هو أننا من محبي الفنان محمد منير. وأغنية (شبابيك) التي لحنها الفنان أحمد منيب الأسواني الأصل كانت مصدر إلهام كبير لنا. الأغنية من جميع النواحي تعبر عن أسوان. والسبب الثاني أن الملتقى يفتح شبابيك لكل الموهوبين”.

جانب من الأنشطة.. الصورة بواسطة مؤسسس الملتقى مصطفى عواض
جانب من الأنشطة.. الصورة بواسطة مؤسسس الملتقى مصطفى عواض
طبيعة الأنشطة المقدمة

حول طبيعة الأنشطة التي يقدمها مشروع شبابيك الثقافي، يقول مؤسس المشروع: “الأنشطة التي يتم تنظيمها في شبابيك تشمل ورش (الحكي) التي تتناول أماكن وقرى في أسوان لا يعلمها الجميع. وورشًا فنية لتعليم الرسم، والمشغولات اليدوية، والنحت، والموسيقى، والفنون التشكيلية. إلى جانب عروض فنية وورش لغات، وكورسات برمجة، وسينما، وكتابة سيناريو، ومونتاج، وتصوير.

ويتابع عواض: “ننظم أيضًا أنشطة تجمع بين أولياء الأمور وأطفالهم، وأخرى تناسب ذوي الاحتياجات الخاصة. علاوة على تقديم أنشطة موسيقية خاصة بـ(شبابيك) وأغان تراثية قديمة، وورشًا فنية للسائحين الأجانب لتعلم الحرف التراثية. كما ننظم رحلات مدرسية وبرامج ثقافية وترفيهية للأطفال لتنمية مهاراتهم الإبداعية. فضلا عن تنظيم معارض للوحات والأعمال الفنية. الفكرة الأساسية في شبابيك هي اكتشاف المواهب وصقلها”.

مدرسة للرسم ومسرح للعرائس

يستطرد عواض: “من أهم المبادرات التي نفذناها كانت مدرسة الرسم الأولى في أسوان. نقدم فيها تعليمًا نظريًا وعمليًا بمنهج مبسط للأطفال والكبار، مستلهمين تجربة كلية التربية النوعية. كما أطلقنا مسرح العرائس لتنمية مهارات الأطفال والتعبير الفني لديهم، ونظمنا فعاليات يومية للفنون”.

ويضيف: “نفتخر جميعا بعملنا مع ذوي الهمم. حيث ننظم ورشا للتمثيل والرسم والتصوير والنحت، وسنعرض ذلك من خلال فيلم كامل عن أعمالهم قريبًا. كما نحضر الآن لإنتاج بودكاست للأسرة المصرية يناقش قضايا ومشكلات الأسرة الأسوانية بشكل فني وتوعوي. متمنيا أن يكون ملتقى شبابيك منارة ثقافية لأسوان كلها”.

 جزيرة وسط النيل

اختارت مجموعة “شبابيك” أن يكون الملتقى على إحدى الجزر في نيل أسوان. تقول الدكتورة رية أحمد، إحدى مؤسسات الملتقى: “من أول لحظة فكرنا فيها في إنشاء الملتقى، كان هدفنا أن نقدم تجربة مختلفة للموهوبين في أسوان. فاخترنا جزيرة في وسط النيل لأنها ببساطة المكان الذي يلهمنا جميعًا. الطبيعة هنا ليست مجرد خلفية، لكنها شريك في الإبداع تضيف طاقة إيجابية”.

وتضيف: “أردنا أن يعيش المشاركون التجربة بكل حواسهم. في حضن المكان الذي ولد فيه الفن النوبي والتراث الأسواني العريق، بعيدا عن الروتين أو القيود. شبابيك لن تتوقف عند حدود التدريب، بل ستتطور لتصبح منصة دائمة لاكتشاف المواهب في أسوان”.

مساحة للتعبير والإبداع

تتفق سماح أحمد، إحدى مؤسسات الملتقى مع زميلتها رية حول اختيار المكان، حيث قالت:” اختيارنا إقامة الملتقى في جزيرة وسط نيل أسوان لم يكن صدفة، بل امتدادًا لهويتنا وانتمائنا للمكان. نحن من أبناء أسوان، ونرى أن الجمال الطبيعي المحيط بنا يستحق أن يكون منصة للإبداع والفن.

فالجزيرة تمنح المشاركين حالة من الهدوء والتأمل، وتفتح أمامهم شبابيك جديدة على الفن والثقافة، وسط الطبيعة التي تحتضن النيل والجبل والنخيل في لوحة بديعة،. وهو ما يتوافق تمامًا مع روح ملتقى (شبابيك) الذي يحتفي بالفن والثقافة والانفتاح على الحياة”.

وأضافت: “الهدف من إقامة الملتقى هو صقل المواهب الشابة ودمج ذوي الهمم في الأنشطة الثقافية والفنية. نرى أن الملتقى مساحة للتعبير والإبداع، يمنح الشباب الفرصة للتعبير عن أنفسهم بحرية وتطوير مهاراتهم. وقد لاحظنا بالفعل تطورًا واضحًا في أداء المشاركين. خاصة من ذوي القدرات الخاصة الذين أبدعوا بطرق مؤثرة ومُلهمة”.

قعدة ستات.. أول بودكاست نسائي في أسوان

كانت فكرة بودكاست “قعدة ستات” إحدى أبرز مبادرات الملتقى، تقول ريم عبدالكريم، صاحبة الفكرة ومتدربة في الملتقى: “فكرة البودكاست وُلدت من احتياج حقيقي لمساحة آمنة تُسمع فيها أصوات السيدات. بعيدًا عن الأحكام المسبقة أو الخجل. (قعدة ستات) هي مساحة حرة لكل بنت وسيدة وأم وزوجة، مرت بتجارب قاسية أو تحديات حياتية، لتتحدث عنها وتستعيد ثقتها بنفسها من جديد”.

وأضافت: “قعدة ستات هو أول بودكاست نسائي بأسوان مخصص للنساء فقط. يفتح الباب للنقاش حول قضايا المجتمع الجنوبي من منظور نسائي. ويتيح للمتحدثات مشاركة قصصهن وتجاربهن بصدق وراحة. كانت فكرتي بسيطة: أن نخلق مكانا تسمع فيه المرأة صوتها. وتجد نفسها بعد كل تعب أو عزلة، ولأننا نحتاج للحكي، نحكي عشان نعرف إحنا مين وعايزين إيه”.

وأكدت ريم أن وجود “قعدة ستات” داخل ملتقى شبابيك أتاح لها الدعم الحقيقي لتنفيذ الفكرة على أرض الواقع، وسط بيئة ثقافية وفنية تُقدّر دور المرأة الجنوبيّة في صناعة الوعي والتغيير. وأضافت أن الملتقى يشجع كل مبادرة تسهم في تمكين المرأة فنيًا وثقافيًا وأن “قعدة ستات” ليس مجرد بودكاست. بل هو صوت مسموع من الجنوب، لكل سيدة تريد أن تحكي.

الغناء في ملتقى شبابيك

يقول محمد مصطفى بكر، 12 عاما، طالب بالصف الأول الإعدادي بمدرسة النور للمكفوفين بأسوان: “شاركت في ملتقى شبابيك للثقافة والفنون لحبي الشديد للإنشاد الديني ورغبتي في أن يسمعني الناس. فقد كانت أختي هي من تقوم بتحفيظي الأناشيد منذ صغري”.

وأضاف: القائمون على الملتقى وفروا له دعمًا كبيرًا وشجعوني على تنمية موهبتي لتقديم عروض أمام الجمهور. وأنا مبسوط جدا إن في حد هيسمع صوتي”.

وأكد محمد أن مشاركته في الملتقى منحته ثقة أكبر بنفسه. وأن الموهبة يمكن أن تكون نورا في حياته و حياة الموهوبين من ذوي الهمم. متمنيًا أن يُتاح للمنشدين من ذوي الهمم فرص أكبر في الفعاليات الثقافية بأسوان، لأن لديهم مواهب حقيقية تستحق الدعم والظهور.

 فنانة مشهورة تحمل اسم أسوان

أما أميرة أنور، 16 عاما، طالبة بالصف الثاني الثانوي بمدرسة أبو الريش المشتركة بأسوان، ولديها موهبة الرسم منذ طفولتها. فقد وجدت ضالتها في الملتقى، حيث قالت:

“كنت دائما أرسم على أي شيء أمامي، حتى على صفحات كتبي أثناء المذاكرة. شجعني وجود ورشة تدريب للرسم ضمن ملتقى شبابيك للثقافة والفنون، فانضممت إليهم لصقل مهاراتي وتطوير موهبتي. وبالفعل تعلمت خلال الورشة أهم أساسيات الرسم. والطريقة الصحيحة لرسم الوجوه والبورتريه، وهو النوع الأقرب إلى قلبي”.

وأشارت أميرة إلى أنها تتمنى المشاركة بلوحاتها في المعارض الفنية التي ينظمها الملتقى. معتبرة أن عرض الأعمال الفنية يمنح الفنان ثقة بنفسه ودافعًا للاستمرار والإبداع. وقالت: “أسوان فيها كتير من الموهوبين في الرسم، يحتاجوا مكان يحتضنهم ويشجعهم. نفسي أشارك في مسابقات وأفوز باسمي كفنانة أسوانية. والناس تعرف أن أسوان فيها فنانات، وتعرف أسماءهم في عالم الفن”.

ملتقى شبابيك أعاد لي الثقة والقلم

أكدت ريهام أحمد محمد، متدربة بملتقى “شبابيك” وحاصلة على ليسانس آداب قسم اللغة الفرنسية، أن موهبتها الأدبية بدأت منذ الطفولة. حيث كتبت أول قصة لها في المرحلة الابتدائية بعنوان “الألوان وعلم مصر”. وكانت تهدف من خلالها إلى تعليم إخوتها الصغار ألوان العلم ومعانيها. ثم تلتها قصة أخرى في المرحلة الإعدادية بعنوان “أسطورة المدينة المفقودة”.

وقالت ريهام: “منذ صغري وأنا شغوفة بالقراءة، وتأثرت كثيرًا بفكرة المدينة الفاضلة. أكتب خواطر وأزجالا، واستوحي أفكاري من القصص أو المواقف اليومية التي أمر بها. أحيانًا أقرأ رواية ولا أفهم نهايتها، فأعيد صياغتها بطريقتي الخاصة لأناقشها بمنظور أوسع يعالج الفكرة بشكل مختلف”.

وأضافت: “شاركت في مسابقة (إبداع) بجامعة أسوان عام 2013 – 2014 برواية “بحر الحياة” التي فازت بالمركز الأول على مستوى الجامعة. لكني لم استطع السفر للمشاركة في التصفيات النهائية”.

وعن مشاركتها في ملتقى شبابيك للثقافة والفنون، قالت: “التجربة كانت نقطة تحول مهمة في مسيرتي الأدبية. ملتقى شبابيك رجعني أمسك القلم من جديد، وكتبت قصة جديدة بعنوان “أطلال الذاكرة”. الملتقي وسع آفاقي خارج حدود الأدب العربي، فتعرفت على الأدب الروسي والسويدي والإنجليزي والإيراني. كما ساعدني في تحسين لغتي وطريقة عرض القصة. والأهم أنه أزال عني الخجل، وأعاد لي الثقة في نفسي ككاتبة”.

واختتمت ريهام حديثها قائلة: “أتمنى أن أصل يوما إلى مستوى الكتّاب الذين توضع أعمالهم على طاولة النقد الأدبي”.

اقرأ أيضا:

«المانجو الأسواني» ذهب الصعيد المنسي

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر
إغلاق

Please disable Ad blocker temporarily

Please disable Ad blocker temporarily. من فضلك اوقف مانع الاعلانات مؤقتا.