فيروز الأسطورة التي لم تعجب محمد التابعي

لا شك أن السيدة فيروز دخلت التاريخ كواحدة من أهم مطربات العرب في تاريخهم، ولعلها أيضا من أهم الشخصيات النسائية المؤثرة أيضا في التاريخ الحديث، ذات الجماهيرية الطاغية والأداء المميز، الذي يمتاز بالشموخ والكبرياء والاعتداد بالنفس الذي يصل إلى حد الغرور المقبول، فيروز تعني لدى الكثير الرصانة والكرامة.

قال عنها أحد علماء النفس أنها عنيدة، عنيفة مقاتلة من الصعب أن تضحك وإذا ضحكت ملأت الدنيا ضحكا.. فالغناء لديها ليس وسيلة للتنفيس عن كبت.. ولكنه لقاء سعيد يشبه لقاء الحبيب بالحبيب.. غير أن هذا الرأي الذي يجمع عليه معظم الجمهور العربي وغير العربي عن المطربة لا يوافق عليه الأستاذ الكبير محمد التابعي.. الذي كتب في مارس 1965 مقالا في مجلة الشبكة.. بعنوان “مذكرات عن مطربات من لبنان”.

وكتب عن نور الهدى، وصباح، ونازك، وسعاد محمد، وفيروز.. ولم يرتبهن التابعي في مقاله على حسب جمال الصوت أو الشهرة.. ولكن تحدث عنهن حسب الترتيب الزمني من كانت أول ما قابل ومن كانت الثانية وهكذا.. وجاءت فيروز في المرتبة الثالثة بعد نور الهدى وسعاد محمد.

اللقاء الأول

يقول التابعي عن اللقاء الأول الذي جمعه بفيروز:

“لست أذكر في أي عام كان ذلك، الذي أذكره أن الأستاذ أنور أحمد وهو أحد كبار الموظفين بالحكومة.. ومن هواة التمثيل والغناء دعاني لمقابلة مطربة لبنانية اسمها فيروز.. ولكني اعتذرت من عدم قبول الدعوة. وهنا عرض الصديق أن يحضر هو وهي إلى مسكني.. ولكني اعتذرت بالمرض. ويومئذ ولأول مرة سمعت غنائها من إذاعة القاهرة”.

وكانت أول أغنية سمعتها “يا با لا..لا..لا بتريد تحاكينا أم لا”.. ثم أغنية “دقت على صدري وقالت لي افتحه”. وأعترف أن صوتها حلو وفيه شيء جديد أو لعل اللحن من موسيقى الأخوين رحباني.. ولكن في صوتها كذلك “خنانة” سببها فيما اعتقدت يومئذ وجود لحمية في الأنف.. وفي هذا المعنى كتبت كلمة وقلت ما خلاصته أن صوت فيروز ضيق وليس بالعريض.. وأن نفسها قصير.. وأن الامتحان الحقيقي لصوت أية مطربة هو غناء القصيدة لا الطقاطيق أو الأغاني الخفيفة”..

بالطبع غضبت الأسطورة من الأستاذ التابعي خصوصا أن رأي أرباب الموسيقى المصرية بها كان غير ذلك.. فقد قال عنها عبدالوهاب في ذلك الوقت: “أن صوتها به صفاء ونقاء قل أن تجده في مطربات كثيرات”.

فيروز والتابعي

تمر الأيام ويذهب التابعي إلى لبنان عام 1960 ويقيم في الفندق الذي يتواجد فيه محمد عبدالوهاب وزوجته.

وذات صباح وعلى شرفة الفندق المطلة على واد عميق. وحول مائدة جلس التابعي، وعبدالوهاب، وعبدالغني السيد، والفنان اللبناني محمد سلمان.. وبينما وهم كذلك أقبلت سيدة نحيلة ومعها سيدان. ويقول التابعي: “قدمنا محمد عبدالوهاب بعضنا لبعض وعرفت أن السيدة هي المطربة فيروز واللذين معها هما الأخوان رحباني.. وصافحتني السيدة بابتسامة ويظهر أنها لم تسمع اسمي جيدا عندما قدمني عبدالوهاب.. أو لعل الاسم لم يحرك شيئا في ذاكرتها. وبدأ الحديث بين عبدالوهاب وبينهم في الفن والموسيقى. ورأيت أنا أن أنسحب من هذه الجلسة الفنية، فقمت وجلست في مقعد آخر في مدخل الفندق.. وبعد نحو ساعة أقبلت المطربة والأخوان رحباني في طريقهما إلى باب الخروج.. وكان لابد لهم من أن يمروا بي وابتسامة عريضة كانت تعلو شفاة الأخوين، وقد تقدما إلى حيث كنت أجلس وأيدهما ممدودة لمصافحتي، أما فيروز فقد “لوت بوزها” وشاحت بوجهها عني وعلى وجهها تكشيرة عرضها ما بين السماوات والأرض!”. بالطبع استعجب التابعي من الابتسامة التي قابلته بها فيروز في بداية اللقاء ثم “البوز الملوي” وعدم المصافحة عند المغادرة وبالطبع كان التفسير الوحيد هو أن أحد الحضور عبدالوهاب أو عبدالغني السيد قد ذكّرها بأن هذا الشخص هو محمد التابعي الصحفي الذي كان قد كتب عنك كذا وكذا.

اقرأ أيضا

بيت صغير بالقاهرة.. متحف عاشق لفيروز

كيف نقرأ لوحة الوجوة الثلاثة في بيت فيروز؟

مشاركة
المقالات والآراء المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة، بل تعبر عن رأي أصحابها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر