“ملهمة” و”غاضبة” و”سندريلا”.. “المرأة” في التراث المصري القديم

يشير أيمن فياض في كتابه (المرأة في مصر القديمة ) إلى أن المرآة احتلت مكانة متميزة في الدراما المصرية القديمة، ملمحا إلى أن أغلب القصص المصرية القديمة أظهرت المرآة في أشكال درامية متنوعة بحسب سياق الحكاية.

الالهة ايزيس
الإلهة إيزيس

إيزيس الملهمة
وبحسب الدكتور سليم حسن في كتابه الأدب المصري القديم فإن أعظم القصص التي لعبت فيها المرأة دورًا محوريًا ومؤثرًا في الأحداث ( قصة الصراع بين حورس وست )، ويلمح حسن أنه يمكن اعتبار إيزيس هي بطلة القصة في جميع مراحلها، وبحسب حسن فقد كانت إيزيس الشخصية الأولى في الحكاية، فهي من جمعت جسد زوجها وأعادته للحياة في قصة (قتل أوزير) ، وهى من هربت بابنها إلى مناقع الدلتا خوفا من بطش ست في حكاية (إيزيس والسبعة عقارب )، وفي قصة (الاسم الخفي لرع )، تحتال إيزيس على ملك الآلهة لتعرف اسمه الخفي، الذي إذا نودي به أجاب لتستخدمه في خدمة قضية ابنها حورس ضد عمه ست، وهى أيضا من خدعت ست في قصة  (العجوز والعذراء والحدأة ) لتنتزع منه اعتراف بأحقية ابنها في العرش.

ويلفت محمد فياض في كتابه (المرأة المصرية ) إلى أن أسطورة إيزيس وأوزوريس من أقدم أنواع الدراما المصرية والتي طرحت النموذج المطلق للمرأة في أدوراها المختلفة بما فيها من متناقضات، موضحا أن إيزيس هي الأخت والزوجة والأم، وهي أيضا الأنثى الجميلة صاحبة الحنكة والدهاء ، مشيرًا إلى أن صدى حكاية إيزيس تردد مثيرا في قطع لاحقة من الأدب العالمي معظمها استلهمت شخوصها من شخصية إيزيس.

على اليمين حاتحور الوديعة وعلى اليسار حاتحور الغاضبة
على اليمين حاتحور الوديعة وعلى اليسار حاتحور الغاضبة

حاتحور الغاضبة
ويتابع فياض وبجانب قصة إيزيس تطل قصة (هلاك البشرية ) والتي كانت بطلتها الإلهة حاتحور، لافتا إلى أنه بالرغم من  أن حاتحور كانت رمزا للأمومة والخصوبة والنماء ألا أن الحكاية صورتها في صورة سخمت الإلهة اللبؤة الغاضبة والمتعطشة لدماء بني البشر انتقاما لوالدها رع ، وبحسب الأسطورة لم تتوقف حاتحور عن قتلها للبشر إلا بحيلة من الآلهة جعلت حاتحور تثمل من الشراب وتكبل بالأغلال وتساق إلى رع.

سننفر وزوجته
سننفر وزوجته

الأم 
وفي قصة (خزانة رمسيس ) يورد أبو رحمة أن شخصية الأم كان لها دور مؤثر في تحفيز الشقيق على استعادة جثة  شقيقه  المفصولة عن راسه والمحبوسة داخل الخزانة التي سرقاها لتدفناها مع رأسه، فيقدم الشقيق على (أنكر وامكر الافعال )، لاستعادة جسد شقيقه، وهو ماكان سببا في النهاية لان يكافئه الفرعون بأن يزوجه ابنته ويعينه مستشارا للملك.

الزوجة
يلفت الدكتور سليم حسن  إلى أن قصة ا(لأخوين) تعد من أهم القصص المصرية القديمة والتي تقترب في حبكتها من فن الرواية، ملمحا إلى أن الخط الدرامي ا للقصة يقوم على دور المرأة في الأحداث، موضحا أن القصة تتحدث عن شقيقين، وبحسب القصة تراود زوجة الأخ الفتى عن نفسه بالرغم من أنه كان يعتبرها أما له، فيغضب وينهرها فتخاف افتضاح أمرها، فتسرع لتخبر الزوج بأنه حاول أن ينال من شرفه، وبحسب حسن تتصاعد الأحداث حين يحاول الأخ الأكبر قتل اخيه، لتتدخل الآلهة، ويقدم الفتى برهان براءته ويحزن الأخ الأكبر لكن  بعد فوات الأوان، فقد  اقتلع الأخ الأصغر قلبه وعلقه على شجرة وأخبر أخاه أنه هو من سيحمى حياته إن اقتلع قلبه، يعود الأخ الأكبر ليقتل الزوجة الخائنة، ويجلس حزينا على شقيقه، وفي الفصل الثاني من الحكاية  تكون المرأة محركا للإحداث حيث يفشي الفتى سره لزوجته الجميلة والتي يختطفها الفرعون حين يصل شذى عطرها إلى بلاطه فتفشي سر زوجها، فيتعرض قلبه للقتل لكنه يعود في أشكال سحرية لينتقم من قتلته وبالتوازي يلتقي  أخاه الاكبر فيساعده  في الثأر من قتلته والعودة إلى الحياة .

وينوه حسن إلى أن نموذج المرأة الخائنة لم يكن هو النموذج السائد في الأدب المصري ، لافتا إلى وجود قصص أبرزت دور الزوجة المحبة والوفية لزوجها ، ويورد حسن قصة (الامير الموعود )، والذي هام حبا في ابنة أحد الملوك  وتزوجها فكانت نعم الزوج له وأنقذته من أحد أقداره الثلاثة بان قتلت الأفعى السامة .

نقش لفتاة ريفية من مقبرة مينا بالبر الغربي بالاقصر
نقش لفتاة ريفية من مقبرة مينا بالبر الغربي بالاقصر

سندريلا
ويورد محمد ابو رحمة في كتابه حواديت فرعونية قصة (الحذاء ) ، ملمحا إلى أن القصة في تفاصيلها تعتبر المصدر الأصلي لقصة سندريلا، حيث تدور أحاث الحكاية عن رادوبيس  الفتاة الريفية التي  كانت تغسل ثيابها في البحيرة فيخطف الصقر العملاق حذائها ويلقي به في قصر الأمير فيهيم  حبا  في صاحبة الحذاء ويرسل جنوده بحثا عنها، وبحسب أبو رحمة تنتهي أحداث القصة نهاية سعيدة بأن تتزوج الفتاة الريفية من الأمير، ويلمح أبو رحمة إلى أن  القصة  تعد نموذجا للقصص الرومانسية في الأدب المصري القديم
++++++++++++++++++++++++++

هوامش :
1- المرأة في مصر القديمة (ب يدي اف ) – محمد فياض – الشروق 1995 – من ص 160 الى 166 

2- الأدب المصري القديم (ب يدي اف ) –سليم حسن – الهيئة العامة 2000 – ص 87 الى ص 151 .

3-  حواديت فرعونية –دارحابي للطباعة والنشر – 2005-  ( ص  15 الى 20) و (ص 183 وص 255).

  • جميع الصور المستخدمة في الموضوع برخصة المشاع الإبداعي.
مشاركة
المقالات والآراء المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة، بل تعبر عن رأي أصحابها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر