فلسطين.. قضية تفضح بشاعة النظام الدولي وإفلاسه

جرح لا يندمل في القلب، مظاهر بشعة تُكسف معها شمس الإنسانية. وحشية لا تختلف في شيء عن جرائم النازية، دموية تقتل كل ما هو إنساني في نفوس البشر. ما يفعله الاحتلال الإسرائيلي في غزة والفلسطينيين عموما من بشاعة تقف أمامها العقول حائرة أمام قدرة بعض النفوس البشرية على ارتكاب كل هذه الفظائع بدماء باردة. لكن عباءة العار والخزي لا تقتصر على القتلة الذين نفذوا جرائم حرب لا تسقط بالتقادم. بل في رأيي أن المجرم الحقيقي هو الحكومات الغربية التي تمول وتوفر الدعم لكل هذه الجرائم البشعة التي ترتكب في حق عشرات الآلاف العزل من الفلسطينيين.

ما يحدث في غزة حاليا وكل الأراضي الفلسطينية المحتلة أمس واليوم. جرائم أكبر كثيرا من تلك الجرائم التي ارتكبها النظام النازي في أحداث الحرب العالمية الثانية. وتلك الجرائم التي ارتكبها نظام سلوبودان ميلوشيفيتش في الحرب البوسنية. وجرائم الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، نحن أمام جرائم جماعية وجرائم ضد الإنسانية. تتفوق ببشاعتها على جرائم الهولوكوست التي يبتز بها النظام الصهيوني العالم الغربي حتى يوم الناس هذا. وفي مستقبل -نظنه قريبا- ستنشغل محكمة العدل الدولية بملف ثقيل للتحقيق في جرائم العصابة الصهيونية.

**

ما جرى في فلسطين يتحدى الضمير العالمي، ويكشف العوار الذي يعيشه النظام الدولي الذي تقوده العواصم الغربية (الأمريكية والأوروبية). إذ يتحول القانون الدولي إلى مجرد خرقة بالية لا تستخدم إلا لتبرير مصالح الدول الكبرى. فمرة يضرب به عرض الحائط عند الغزو الأمريكي البريطاني للعراق، ومرة يعطل القانون الدولي لإطلاق عنان آلة الوحشية الإسرائيلية ضد الفلسطينيين. نفس القانون الدولي الذي يتم التباكي على مذبحه من أجل عيون أوكرانيا. في مشاهد جعلت من القوانين الدولية مجرد مزحة ثقيلة لا تضحك أحدا. بل واقع يفضح كل ادعاءات الحكومات الغربية بحماية القانون الدولي وحماية قيم الإنسانية. ويكشف عن إفلاسه الكامل بعدما ظهر مدى التعاطي الانتقائي للحكومات الغربية له بما يخدم مصالحها لا بما يعكس اقتناع حقيقي بأخلاقية هذه القوانين. فأي عار يغرق فيه المجتمع الغربي بنخبه المختلفة التي سلمت قيادها للتضليل الصهيوني؟

المذابح والمجازر التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، ليست وليدة اليوم بل هي ممتدة على مدار عقود طويلة. تكرس حالة من المشاركة الدولية في التعامي عن هذه المذابح التي لا غرض لها إلا إبادة الشعب الفلسطيني الذي يدافع عن أرضه وعرضه. ببسالة ستجد الاعتراف الإنساني بها يوما ما. عندما يسترد العالم ضميره المحبوس خلف أسوار التضليل الإعلامي الذي تشارك فيه منابر أمريكية صدعت العالم بحديثها عن الموضوعية والانحياز للحقيقة. لتنقلب عند الممارسة إلى نماذج سيئة السمعة من الإعلام الموجه القائم على التضليل وتجاهل الحقائق.

**

تتجلى عظمة القضية الفلسطينية ليس في فقط في استمراريتها رغم كل ما تتعرض له من محاولات تصفية وإبادة. بل في قدرتها على تعرية النظام الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة. وكشف أكاذيبه بشكل غير مسبوق وحاسم في الآن ذاته، وفضح ازدواجية معاييره، وحسه النازي الذي لا تخفيه بريق أحاديث الإنسانية الزائفة. ففلسطين قضية كاشفة وفاضحة لنظام دولي قائم على البشاعة وقانون الغاب. حيث الوحشية التي تقتل كل ما هو إنساني هي القانون الوحيد، نظام تقوده الولايات المتحدة وتابعتها إسرائيل إلى إفلاس كامل.

أهمية القضية الفلسطينية في بساطتها، كونها قضية إنسانية من الطراز الأول، قضية عادلة لشعب يبحث عن استقلاله واسترداد أرضه. ورغم بديهية هذه المطالب، التي تمتلك قوة قاهرة للكشف والفرز، إلا أن الوحشية الإسرائيلية ومن خلفها التغطية الأمريكية، تكشف عن واقع العالم كما لا نتمناه. غابة يمرح فيها مجرمو الحرب من الإسرائيليين الذين يحصلون على حماية فورية من قائدة العالم الحر. فيتكشف لنا النظام الدولي كمسخ قبيح الشكل والرائحة مؤكدا بشاعته وإفلاسه في الوقت ذاته. لكن الضمير الإنساني سيقول كلمته يوما وسيصدح بالحق في فجر قريب. وستنتصر فلسطين وأهلها، وقتها فقط سيكون العالم مكانا أفضل وأقل شرا وبشاعة.

اقرأ أيضا:

حوار| المصور الفلسطيني أسامة سلوادي: عين على المعاناة والتراث الفلسطيني

مشاركة
المقالات والآراء المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة، بل تعبر عن رأي أصحابها
زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر