لماذا زار عبدالمنعم رياض "المعدية 6" قبل استشهاده؟
“فقدت الجمهورية المتحدة جنديا من أشجع جنودها وأكثرهم بسالة، هو الفريق عبد المنعم رياض، رئيس أركان القوات المسلحة…” كان هذا جزء من نص بيان رئاسة الجمهورية الصادر في 10 مارس 1969، تزمنًا مع تشييع جنازة الشهيد عبدالمنعم رياض.
يذكر البيان الرئاسي أن الفريق عبدالمنعم رياض في جبهة القتال، وأبت عليه شجاعته إلا أن يتقدم إلى الخط الأول، بينما كانت معارك المدفعية على أشدها وسقطت أحدى قذائف المدفعية على الموقع الذي كان الفريق عبد المنعم رياض يقف فيه، وشاء قضاء الله وقدره أن يصاب وأن تكون إصابته قاتلة، بحسب وصف البيان.
8 مارس معركة الردع
كانت مرحلة الردع آخر مراحل حرب الاستنزاف، التي وضع خطتها وأشرف عليها الشهيد، والتي سبقتها مرحلتي الصمود والدفاع النشط، اللتان أسهمتا في إعادة بناء الجيش المصري بعد النكسة واستطاعتا رفع الروح القتالية لدى الجنود ونجحت في توجيه ضربات متتالية للعدو في شبه عمليات عسكرية خاطفة مثل عش الغراب وتدمير إيلات.
مرحلة الردع كانت تستهدف في الأساس تدمير خط بارليف والاشتباك مع العدو خلف خطوطه في بروفة على حرب العبور، وفي صباح يوم 8 مارس 1969 اشتبكت وحدات من الجيش المصري مع العدو على طول الجبهة، وعلى مدار أربع ساعات متواصلة استخدمت فيها جميع الأسلحة يتصدرها سلاح المدفعية في ضربة مركزة معلنة انتهاء مرحلة الدفاع النشط والتحول إلى الهجوم .
مهمة انتحارية
بالرغم من وصول التقارير العسكرية إلى مقر القيادة، تؤكد نجاح الضربة وتدميرها أكثر من 60% من “دشم” وحصون خط بارليف، إلا أن القائد أراد أن يطمئن قلبه وقرر أن يذهب إلى الجبهة وسط ضباطه وجنوده ليعاين بنفسه مدى نحاج الضربة تكتيكيا، وليرفع من الروح المعنوية لجنوده.
كان هذا القرار في حد ذاته مخيفا، لأن المكان الذي قرر الشهيد تفقده هو أقرب نقطة من خطوط العدو، ولا يبعد سوى 250 مترًا، ويمكن أن يتعرض للقصف في أية لحظة، ولكن البطل يصمم على الذهاب .
المعدية رقم 6
يفاجأ الضباط والجنود بالفريق عبد المنعم رياض في ظهر يوم 9 مارس بطائرته المروحية يتفقد مواقعًا في الإسماعيلية والسويس ويجتمع بعدد من القادة ويواصل تقدمه إلى الخطوط الأمامية إلى أن يصل إلى أقرب نقطة من العدو “المعدية رقم 6”.
يترجل الفريق من طائرته، ويستعير خوذة ومنظار قائد الوحدة، وبعد عدة قفزات كان عند تلك النقطة “المعدية 6″، يراقب ويلاحظ تأثير الضربة على مواقع العدو، وما إن يقرر العودة إلى الخلف إلا تنهال عليه ضربات المدافع الإسرائيلية بشكل مكثف، ويعطي القائد أوامره بإدارة المعركة وينزل في أحد الخنادق، لتسقط عليه إحدى قذائف المدفعية الإسرائيلية، فيسقط شهيدًا .
يوم الشهيد
في يوم 10 مارس 1969 تخرج جنازة عسكرية مهيبة من ميدان التحرير، يتقدمها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وكبار رجال الدولة والجيش وعدد من السفراء والقواد العرب.
وبالرغم من أن الجنازة عسكرية إلا أن حشود المواطنين حولتها إلى شبه مظاهرة، وبينما يتحرك الجثمان المحمول على المدفع ببطء شديد، ويغطيه علم مصر، ترتفع هتافات المصريين “إلى جنة الخلد يا رياض”.
استعنا في توثيق المعلومات بكتاب “الشهيد عبد المنعم رياض”، تأليف عبدالله بلال، سلسلة رواد الاجيال، دار الأمين للطباعة والنشر، ط1، 1997