المعرض الدولي للمنتجات اليدوية.. حلقة وصل العالم بالقاهرة
على سنوات كانت المنظمات الأهلية المحلية، كالتجارة العادلة وcreative Egypt، هي شريان القلب الرئيسي لضخ الحياة للحرف اليدوية المصرية المُوشكة على الاندثار.
وتؤدي تلك المنظمات، المحدودة العدد، دورًا أساسيًا في التسويق المحلي والدولي، وتساعدهم على إضفاء طابع الحداثة الممزوج بالتراث على المنتجات، هذا بجانب تأهيل أصحاب الحرف لتطويرها.
وللمرة الأولى تشهد الحرف اليدوية منصة موحدة، يجرى من خلالها تجميع أغلب المنتجين العاملين في المنظمات الأهلية في مكان واحد، وسط وجود مؤسسات دولية من 6 دول أجنبية، في معرض بدأ منذ 18 نوفمبر وينتهي اليوم 25 من ذات الشهر في أرض المعارض بصلاح سالم.
المؤسسات الأجنبية التي تحضر المعرض تهتم بشراء المنتجات المصرية، وعرضها للمستهلكين في أوروبا والتعاقد مع المنتجين لتصدير خطوط من الإنتاج المحلي.
“هو إحنا بجد عندنا الجمال دا كله وكمان مصنوع بأيدينا إحنا؟ أمال كنا بنسيبه ليه السنين دي كلها، ونروح لحاجات أغلى وأوحش والاسم أنها مستوردة” هكذا تعلق إحدى الزائرات، وهي تسير في أروقة المعرض.
المعرض الدولي للحرف اليدوية رأي النور للمرة الأولى، عبر “حملة إبداع من مصر”، وهي حملة أطلقها بنك الإسكندرية، بهدف تشجيع الصناعات المحلية وتطويرها، وإشراف وزارة التعاون، ووزارتي البيئة والثقافة، بالإضافة الى اتحاد الصناعات المصرية، ومصر الخير، ومؤسسة الأهرام، والمجلس التصديري للصناعات اليدوية، وغرفة صناعة الحرف اليدوية.
يشار إلى أن “إبداع من مصر” هي مبادرة عمرها أقل من عام واحد، أنشأها بنك الإسكندرية كجزء من أهم برامجه الخاصة بالمشاركة الاجتماعية، وتهدف المبادرة إلى مشاركة الجماهير مع البنك في دعم لاقتصاد الوطني، وفي نفس الوقت خلق فرص لتسويق الصناعات اليدوية على المستويين المحلي والعالمي.
ويذكر دانتي كامبيوني، الرئيس التنفيذي، العضو المنتدب لبنك الإسكندرية أن مبادرة “إبداع من مصر” تهدف أيضًا إلى ساندة الحرفيين المصريين الماهريين، وتشجيعهم لزيادة فرص ريادة الأعمال، وكذلك تمكينهم من إظهار جمال منتجاتهم اليدوية وإبراز تراثهم.
محمد السعيد، أحد منظمي المعرض، يقول: بالإضافة إلى وجود العديد من العارضين المصريين، سواء كانوا جمعيات أهلية أو أفراد محترفين أو شركات خاصة أو جمعيات خيرية، فهناك أيضًا مؤسسات دولية عارضة لمنتجات مصنعة محليا في دول خارج مصر، مثل اليونيدو UNIDO وهي مؤسسة دولية تدعم الحرفيين في شمال أفريقيا، ومؤسسات أهلية من السودان تعرض منتجات جلدية وحقائب وأحذية وأكسسوارات مصنعة يدويا من حرفيين سودانيين.
يتابع السعيد: المعرض الدولي هو منصة عرض، لكل الحرف اليدوية المصنعة عالميًا وليس فقط في مصر، وكان من المفترض حضور الكثير من الدول الأفريقية المعروفة بحرفيتها ومصنعيتها عالية الجودة للحرف اليدوية، والتي تبحث عن سوق عالمي لتوزع فيه تلك المنتجات، لكن فضلت العديد من الدول الانتظار لرؤية مدى حرفية وجودة تنظيمه قبل أن تشارك في الدورة الثانية.
بحسب السعيد فإن المعرض يهدف في دوراته المستقبلية أن يكون المنصة الرئيسية للتواصل المحلي والقاري بين المنتجين والسوق العالمية، والمتمثلة في أوروبا وأمريكا، تلكل الأسواق التي بدورها تقدر ارتفاع أسعار المنتجات وتبرره بجودة وحرفية الصنع على عكس السوق المحلي.
المعرض ضم أكثر من 90 عارضًا محليًا، بمنتجات يدوية الصنع من أثاث وسجاد وأخشاب وأكسسوارات ومفارش وملابس، وحقائب وشمع، خزف، وموزاييك.
عمل المشاركون لمدة 9 أشهر متواصلة من أجل التحضير للمعرض وتسويق المنتجات، والتي كان من أساسياته دعوة شركات دولية أجنبية للاطلاع على الحرف المعروضة.
يقول هشام الجزار، وكيل المجلس التصديري للصناعات اليدوية، وكيل غرفة الحرف اليدوية، إن عدد الشركات المدعوة بلغ 80 شركة دولية، لكن لضيق الوقت أبدت 15 مؤسسة فقط ترحيبها بالمشاركة، بينما أكدت مؤسسات من ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وبولندا وكوريا الجنوبية وكندا اعتزامها الحضور على مدار أيام المعرض الثمانية.
شهد المعرض في ثاني أيامه حضور 5 شركات من دول مختلفة، دهشوا جميعًا من صناعة تلك المنتجات يدويا.
ولم يكن الاندهاش صفة مقصورة على الأجانب فقط، بل كان صفة سائدة لكل زوار المكان ما بيت الذهول بالعدد الكبير للعارضين من كل أنحاء الجمهورية، وما بين مدى جودة وحرفية المنتجات المعروضة.
“احنا مخضوضين من كم إقبال الناس” هكذا يعلق السعيد “عادة أول كام يوم من أي معرض خاصة لو كان مدته طويلة بيكون مفيش فيهم ناس كتير، لكن أحنا من أول يوم الممرات حرفيا مفيش مكان ممكن تقف فيها من كتر الزوار”.
اقتصرت منتجات المعرض على تلك ذات الجودة العالية والدقة والحرفية، التي تسمح لأصحابها بتصديرها مباشرة، والتي تستطيع المنافسة والتغلب على مثيلاتها من المنتجات العالمية، وعلًق على ذلك السعيد “على مدار شهور التحضير كان لازم نختار بعناية شديدة جدا واختبارات كتيرة نضمن من خلالها إن المعروضات دي ممكن تشارك بقوة في السوق العالمي، وإن جودتها لا تقل عن أي منتج تاني شبيه ممكن يتم تصنيعه في أي دولة تانية وفي نفس الوقت أسعارها مناسبة لجودتها، كمان مفيش ولا عارض موجود المنتج بتاعه غير مهيأ انه يتصدر بره مصر”.
وعلى الرغم مما يفتحه المعرض للمنتجين من سوق دولية نهمة لعرض منتجاتهم، إلا أنه كذلك يبلور لهم العقبات التي يجب أن يجدوا حلولا سريعة لها.
شايب موسى، أحد منتجي الأكسسوارات المنزلية الخشبية من قرية حجازة بالأقصر، على الرغم من سعادته بالمشاركة التي تجذب أنظار العالم نحو مصر إلا أن قلة الحرفيين المصنعين للمنتجات والخشب المستخدم يخيفه من مستقبل حرفته.
يقول موسى “مبقاش في ناس كتيرة تشتغل في الخشب زيينا والأجيال الجديدة مبقتش مهتمة، كما أن الخشب بقى قليَل وصعب نجيبه، ومع المعارض اللي زي دي إقبال الناس على المنتجات بيزيد بشدة”.
على جانب المعرض، يتم تنظيم ورش تدريبية للحرف اليدوية كالخزف والموزاييك للزوار المهتمين بتلك الصناعات، خاصة أولئك الذين لا يملكون أي خلفية عن تصنيعها.
كذلك يصحب المعرض فقرات تراثية وثقافية على مدار الثمانية أيام للمعرض، تنظمها مؤسسة مصر الخير، مثل حفل أوركسترا النور والأمل، ومسرح عرائس لنشر القيم والأخلاق، وفرقة الشيخ زين محمد والعديد من الفقرات المتنوعة للأسرة.
3 تعليقات