“شمو”.. العيد الشعبي الأهم في مصر

والعيد الشعبي القومي الأهم في مصر اليوم، إذ تحتفل به كل الفئات والطبقات الاجتماعية دون استثناء، وهو واحد من أقدم الأعياد الفرعونية، إلا أنه – وبخلاف الكثير من هذه الأعياد – احتفظ بمكانته ووجوده عبر المراحل التاريخية المختلفة وظل مستمرًا لارتباطه بدورة المناخ والطبيعة الجغرافية لوادي النيل، وكذلك لتنوع وتجدد الوظائف الاجتماعية التي يقوم بها في كل مرحلة، ففي العصر الفرعوني كان يوافق يوم الاحتفال به أول أيام فصل “شمو” وموعد بدء الانقلاب الربيعي، كما كان مرتبطًا بالعقيدة الأوزيرية القائمة على فكرة بعث الحياة بعد الموت، وقدرة الإله “أوزير” على التجدد، فكان الاحتفال به جزء من تعاليم الديانة الأوزيرية.

وبالرغم من تحول الدين الرسمي في مصر إلى المسيحية ثم الإسلام، فقد بقيت مكانة شم النسيم، وذلك لارتباطه بالعمل الزراعي ودورة النهر والمناخ، ويحدد موعده (الخامس والعشرين من شهر برمهات) بالتقويم القبطي الذي يعتمد تنظيم العمل الزراعي في مصر عليه، كما ساعد على استمرار مكانة شم النسيم، امتداد بعض أفكار البعث وخلود الحياة إلى المسيحية ثم الإسلام وعدم تعارض التعاليم الدينية مع مظاهر الاحتفال به، وأبرز مظاهر الاحتفال بشم النسيم هي الخروج الجماعي المبكر قبل شروق الشمس إلى الحقول والحدائق وضفاف النهر.

وكان ذلك يستند إلى المعتقد الفرعوني بخروج الرعية للقاء إله الخضرة أوزير وقد عادت إليه الحياة، فأصبح يستند بعد ذلك إلى المعقتد الشعبي بأهمية الخروج المبكر للاستمتاع بنسمات الصباح النقية وأثرها المفيد على الصحة العامة.

ويتناول المحتفلون بعض الأطعمة المميزة من النباتات الخضراء: كالخس والملانة والبصل الأخضر، وكذلك البيض المسلوق الملون، والأسماك المملحة، وفي كل واحد من هذه الأطعمة إشارة رمزية إلى تجدد الحياة وخروج الحىّ من الميت.

كما أن لكل منها أثره الإيجابي على تجدد الطاقة الحيوية للإنسان، وهذه المظاهر العامة للاحتفال تشهد بعض التنويعات الخاصة في المناطق المصرية المختلفة، ففي الصعيد يشتد خطر الزواحف مع اشتداد رياح الخماسين يكون الحرص على كتابة تعاويذ خاصة توضع وسط حزمة من نبات الشيح فى كيس من الصوف الخشن لإبعاد الثعابين، وتعلق هذه الحزمة مع نباتات البصل في أرجاء المنزل.

وفي ريف الدلتا يخرج الأطفال للسباحة في مجاري الترع مع حرق الملابس القديمة لطرد وخم الشتاء وبراغيثه، كما تحرص الأمهات على وقاية أطفالهن من الرمد الربيعي باستنشاق عصير البصل أو وضعه تحت الوسادة.

أما في محافظات القناة فيضاف إلى مظاهر الاحتفال العامة بشم النسيم الاحتفال بحرق دمية من القماش “دمية اللمبي” التى تشير في كل عام إلى أكثر الشخصيات التي تلقى كراهية من أبناء الإقليم، فيحرقون دميتها في ليلة الخماسين السابقة على يوم شم النسيم، ليبدأوا حياة جديدة في الفجر التالي لا يشاركهم فيها “اللمبي”.

مقدم من: الأرشيف المصري للحياة والمأثورات الشعبية

 

مشاركة
المقالات والآراء المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة، بل تعبر عن رأي أصحابها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر