انقذوا استراحات الملك فاروق بإسنا.. ثلاثة مبان أثرية تبحث عن اهتمام المسؤولين
من ضمن 3 من استراحات الملك فاروق في إسنا، سجلت وزارة الآثار اثنين منهم كتراث، تحت مسمى مبان تاريخية ذات قيمية حضارية، واحدة منهما فقط تخضع للآثار، والأخرى تخضع لهيئة البحوث الزراعية، أما الثالثة فموضع نزاع بين الزراعة والآثار.
وبينما تبذل الدولة مساع حثيثة من أجل عودة السياحة كسابق عهدها، تظل أماكن تاريخية وتراثية في طي الإهمال.
استراحات الملك فاروق مبان تاريخية
الدكتور محمود عبد اللطيف، مدير آثار إسنا وأرمنت، قال لـ”ولاد البلد” إن قصر الملك فاروق هو استراحة من الدرجة الأولى، استغل كاستراحة لكبار زوار هيئة الاصلاح الزراعي.
قصر الملك فاروق بوابورات المطاعنة بمدينة إسنا، أحد الاستراحات الثلاثة، وهو استراحة من الدرجة الأولى، يقع على نهر النيل وهو عبارة عن بدروم وطابقين، أصبح حاليًا لا يحوي إلا على بعض الأسرة والمقاعد وحمام مصمم على الطراز الملكي يشبه في طرازه حمام قصر عابدين الحالي.
ويقول محمد محيي، مفتش آثار، مؤلف كتاب”إسنا.. حضارة وتاريخ” إن القصر “استراحة الملك فاروق” لم يطلق عليه هذا الاسم لأنه أنشئ في عهد فاروق، إلا أنه اسم مجازي، إذ إنه أنشىء في فترة حكم الخديوي إسماعيل، ثم استخدمها الخديو عباس حلمي الثاني، وتوارثها حكام مصر من الأسره العلوية حتى الملك فاروق.
ويشير محيي إلى أن الملك فاروق لم يزر هذه الاستراحات سوى مرة واحدة، وكانت بمناسبة تعلية خزان إسنا عام 1945 في شهر نوفمبر وكان معه النقراشي باشا.
الباحث الآثري، يقول إن القصر مازال يخضع في تبعيته لمنطقة الإصلاح الزراعي، رغم النزاعات الطويلة بين وزارة الدولة لشؤون الآثار والإصلاح الزراعي، إلا إنه لم يسلم لوزارة الآثار حتى الآن.
كانت هناك اقتراحات باستغلال القصر وتحويله إلى متحف إقليمي، يضم كافة المقتنيات والآثار الخاصة بالاستراحات، إلى جانب عرض محتويات مخزن أبو سعيد، كمعرض متحفي بدلًا من إهماله، لكن مصادر بالآثار أوضحت أنه الوزارة لم تجب على هذا الاقتراح.
بينما يقول محمود عبداللطيف مدير آثار إسنا وأرمنت إن القصر مسجل ضمن الآثار الإسلامية والقبطية لكن لم تسلمه هيئة الإصلاح الزراعي حتى الآن، موضحًا أن المقتنيات الموجودة بالقصر تحت يد الإصلاح الزراعي، ومنها “الأثاث الفريد- ووحدات الإضاءة- ومجموعة من المدفئات التاريخية، والذي استغل كاستراحة لكبار زوار هيئة الاصلاح الزراعي على حد قوله.
استراحة فاروق بوابورات المطاعنة
وهي استراحة من الدرجة الثانية، تقع بقرية الوابورات بالمطاعنة علي الشاطئ الغربي لنهر النيل، أنشئت عام 1881.
محيي يقول إن استراحة وابورات المطاعنة استخدمت كاستراحة للحاشية الخاصة بالملك، وصدر لتلك المنطقة قرار رقم 776 لسنة 2001 لقانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983
يقول مدير آثار إسنا وأرمنت، إن استراحة الوابورات كان بها مجموعة أثاث ومقتنيات، لكن حين تسلمت الآثار الاستراحة سلمت المتعلقات الخاصة بها إلى هيئة الأموال المُستردة في 2007-2008.
ويضيف عبد اللطيف أنه لم يتبق سوى مجموعة من المدفئات الموجودة بالقصر منذ إنشائه، بالإضافة إلى بعض الأعمال الخشبية، وتنظم رحلات مدرسية لزيارة الاستراحة كأثر معماري فريد.
استراحة البساتين
تقع استراحة البساتين بقرية طفنيس المطاعنة، وهي تابعة لمركز البحوث الزراعية بوزارة الزراعة.
ويقول محيي إن هذه الاستراحة أنشئت ضمن الاستراحات الملكية الخاصة باستراحات الخديوي إسماعيل، التي انتشرت في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي على شواطئ النيل، مشيرًا إلى أن الاستراحة لم تنسب إلى آثار إسنا، بل تظل تابعة لمركز البحوث الزراعية بقرية طفنيس المطاعنة.
مدير آثار إسنا وأرمنت أوضح أن استراحة البساتين استغلتها هيئة بحوث الزراعة لصالحها فلم تستطع الآثار أن تضع يدها عليها، وبالتالي فإن الحفاظ على مقتنياتها يقع على عاتق مسؤولية الزراعة.
مقتنيات ذهبية مفقودة
أحد العاملين بالآثار، رفض ذكر اسمه، يقول إن استراحات الملك فاروق كان بها مقتنيات ذهبية وأثاث تاريخي، إلا أن هذه القيم الفنية النادرة لم تعد موجوده، فقد تعرضت للنهب وخاصة استراحة وابورات المطاعنة، المهددة جدرانها بالانهيار وتساقطت الدهانات الخاصة بها بالإضافة إلى تآكل أبوابها.
ويتابع أما استراحة البساتين لم يعد يهتم بها أحد، محذرًا من الإهمال الذي باتت تشهده الاستراحتين والقصر، والذي من شأنه أن يهدر ثروة أثرية لو اهتمت الآثار بها لأصبحت مزارات سياحية تمثل مصدر رزق لمواطني إسنا.
الزوار.. باحثون ورحلات مدرسية
لم يزر استراحات الملك فاروق سوى الباحثين الآثريين أو باحثون في التاريخ أو طلاب المدارس، ولم تستغل كمزار سياحي.
محمد عبد اللطيف مدير آثار إسنا وأرمنت، يقول إن استراحة وابورات المطاعنة مفتوحة للزيارات من رحلات المدارس والرحلات المصرية، لكنها غير مدرجة على الخريطة السياحية رغم انها تعد مزارًا سياحيًا ومرسى أثري على شاطىء النيل في مواجهة القصر.
ويتابع أن عدم إضافتها على ثائمة الآثار يرجع إلى عدة عوامل منها: وعورة الطرق، والحالة الأمنية، مشيرًا إلى أن وزارة السياحة لو وضعت هذا المعمار التاريخي في خطتها وبرامجها، وخاصة استراحة وابورات المطاعنة والقصر، ليستخدما كمزارات لأفواج المراكب النيلية، لما تدهورت حال تلك الاستراحات.