يضم 312 قطعة أثرية.. جولة في متحف «كوم أوشيم» الأثري بالفيوم

على مشارف مدينة الفيوم وبالتحديد في قرية كرانيس، إحدى القرى الأثرية القديمة، يقع متحف “كوم أوشيم”. الذي يضم بداخله قطع أثرية هامة تم استخراجها من مناطق متفرقة بالفيوم وخارجها. يتكون المتحف من طابقين ويحوي مومياء من وجوه الفيوم الشهيرة. بالإضافة إلى أنه يعطي فكرة كاملة عن الفترات الحضارية التي مرت على مصر.

كوم أوشيم

يقول الدكتور ممدوح الشوكي، مدير المتحف لـ«باب مصر»: “المتحف أنشئ عام 1974، وكان عبارة عن صالة واحدة الهدف منها تسويق المنتجات المحلية ومنتجات الأسر المنتجة، لكن وجود المكان داخل المنطقة الأثرية بكرانيس، شجع هيئة الآثار وقتها على تحويل المكان إلى متحف، وعرض بعض القطع الأثرية التي تم استخراجها من المنطقة”.

وتابع: في عام 1993 تمت توسعة مساحة المتحف وإضافة طابق علوي. وأصبح المتحف يحتوى على قطع أثرية من داخل وخارج الفيوم. لكن تعرض المتحف للغلق في فبراير 2006 من أجل تطويره، وأعيد افتتاحه في عام 2016. ويضم 312 قطعة أثرية تتميز بالتسلسل التاريخي، ويمثل سيناريو العرض المتحفي الحياة اليومية للمصري القديم في إقليم الفيوم، مثل الصناعات والأنشطة منها صناعة الأواني الفخارية والزجاجية، والنسيج، والزراعة، وبعض الأدوات المستخدمة في تلك الصناعات.

متحف كوم أوشيم
متحف كوم أوشيم
 الطابق الأول

عند دخولك من باب المتحف، يقابلك تمثال من الجرانيت الأسود للمعبودة “سخمنت”، وهي من المعبودات المحاربات، التمثال على هيئة سيدة برأس أنثى الأسد، وتمسك صولجان من نبات البردي، وكأنها تحرس ما بداخل المتحف.

هناك أيضا تمثال آخر من الحجر الجيري الأبيض لمعبودة الحب والجمال “أفروديت”، وهي خارجة من إحدى الأصداف البحرية، يعود تاريخه إلى القرن 3-4 ق م.

يبدأ العرض المتحفي في الطابق الأول من المتحف بإحدى الفتارين التي تحتوي على مجموعة من الحلي، من قلادات وأساور وغيرها. تعود إلى عهد القدماء المصريين، الذين اهتموا كثيرًا بالزينة الشخصية والحلي المشغول من الذهب والأحجار الكريمة.

فاترينة أخرى تحتوي على بعض أدوات التجميل من أمشاط، ومكاحل وبعض الزجاجات التي كانت تملئ بالزيوت العطرية، والتي كان يستخدمها النساء والرجال على حد سواء، بالإضافة لأحذية قديمة.

أواني فخارية وأوعية زجاجية 

وفي بداية المتحف  توجد مجموعة من الأواني الفخارية والتي يمتاز بها إقليم الفيوم منذ القدم والتي صُنعت من طمي النيل. وكانت تستخدم في تخزين الأطعمة والمشروبات والزيوت، فنجد بعض الأطباق الفخارية والزلع والقارورات مختلفة الأشكال.

بجوار الأواني الفخارية، فاترينة أخرى تحتوي على مجموعة من الأواني الزجاجية، والتي كانت تستخدم في حفظ الزيوت ومستحضرات التجميل. بالإضافة لحفظ العطور والأصباغ والتوابل.

يُعرض في فاترينة أخرى بعض المنسوجات التي اشتهرت بها الفيوم. حيث كان الكتان وصوف الأغنام وشعر الماعز وألياف النخيل، أكثر المواد المستخدمة في صناعة المنسوجات. ويشمل العرض أيضًا قطع من النسيج المزخرف بوحدات من الزهور، وبعض الأدوات المستخدمة مثل الإبر وغيرها.

الزراعة والكتاب

اشتهرت الفيوم منذ العصور الأولى بالزراعة، خاصة منطقة كوم أوشيم التي يقع بها المتحف، وقد تم العثور في هذه المنطقة على شون تخزين الغلال. بالإضافة إلى بقايا حبوب القمح والشعير، ويضم المتحف بعض الأدوات الزراعية التي تم العثور عليها في المنطقة، وأدوات تحضير الغلال.

تماثيل التراكوتا والبرديات

يوجد بالمتحف أيضا مجموعة من أوراق البردي، أشهر المواد المستخدمة للكتابة. بجانب الكتابة على كسرات الأواني الفخارية أو الحجر، وكانت الأقلام تصنع من البوص. أما الألوان فكانت تصنع من النباتات والأحجار الملونة.

فاترينة أخرى بها مجموعة كبيرة من تماثيل “التراكوتا”، والتي كانت تنتشر بكثرة خلال العصر اليوناني الروماني، وكان يتم تصنيعها من الطين المحروق، وتوضح مظاهر الحياة اليومية. حيث تم صنعها لتصور الآلهة أو النساء أو الحيوانات. وكانت تستخدم كزينة في المنازل، وتقدم في النذور، بالإضافة لاستخدامها كألعاب للأطفال. وكان أشهرها المعبود حريوقراط وهو النسخة اليونانية من المعبود المصري القديم حورس الطفل.

تماثيل التراكوتا
تماثيل التراكوتا
مومياوات وأيقونات نادرة

قبل الصعود للطابق الثاني من المتحف، يمكن أخذ فكرة عن حضارة الفيوم العريقة، من خلال بعض اللوحات المعلقة التي تحتوى على بانوراما معلوماتية حول الفيوم وتاريخها.

أما الطابق الثاني فيحتوي على بعض القطع الهامة، ومنها مومياء لسيدة داخل تابوت خشبي مغطى بطبقة من الجص الملون، والمومياء عليها كارتوناج مكون من قناع مذهب يغطي الوجه. وتوجد بعض الشرائح من البردي على الجسم، تعود المومياء للعصر المتأخر، والجزء العلوي من المومياء يمثل رأس سيدة ترتدي النمس المصري، والوجه ملون بالأصفر الداكن، والصدر مزين بزخارف هندسية ملونة.

نشاهد مومياء أخرى لشاب تنتمي إلى بورتريهات الفيوم الشهيرة، المومياء ملفوفة في الكتان، وعليها طبقة سميكة من الصمغ لحماية جسم المتوفى، تعود للعصر القبطي. كما سنجد أيضًا على الحائط بورتريه يمثل أحد وجوه الفيوم، مصنوع من الخشب الملون. وبالطابق الثاني أيضًا بعض الأيقونات القبطية أغلبها يعود إلى القرن الثامن عشر، نظرا لإنتاج الأيقونات بكثافة في هذا العصر.

مومياء من داخل متحف كوم أوشيم
مومياء من داخل متحف كوم أوشيم

يحتوى المتحف أيضا على أيقونة للقديس “يوحنا فم الذهب” تعود للقرن الثامن عشر، وأخرى للقديس “يوسف يحمل الطفل المسيح” رسم على خشب – كنيسة العذراء مريم الدمشرية – عام 1754م. بالإضافة لأيقونة القديس “استفانوس”، الذي كان ضمن الرسل السبعين للسيد المسيح، تعود للقرن التاسع عشر.

هناك أيضًا بعض من الأواني الكاتونية، التي كانت تستخدم في حفظ أعضاء جسد الموتى أثناء التحنيط. وكل آنية تحتوى على غطاء مختلف الشكل يمثل أحد الوجوه الأربعة للمعبود حورس، يذكر أن الإناء لايزال يحمل ختم الشمع الأصلي، مما يؤكد أنه لم يفتح مطلقًا حتى الآن.

كما يضم العرض بعض اللوحات الحجرية، تعود للقرن الرابع الميلادي وتحمل بعض النصوص والصور لأغراض جنائزية. وكانت توضع أمام القبور لتقديم القرابين لروح المتوفى. بالإضافة لوضعها بالمعابد لأغراض تذكارية، كما وضعت كشواهد للقبور من قبل المسيحيين، وكان يكتب عليها اسم المتوفى، وتاريخ الوفاة إضافة للأدعية.

تطوير المتحف

المتابع لتاريخ الفيوم وحضارتها، يلاحظ أن العديد من المتاحف في مصر وحول العالم مليئة بقطع مستخرجة من الفيوم، ويضم متحف كوم أوشيم القليل منها.

وحول خطة التطوير وهل هناك بالفعل نية لذلك أم لا يقول مدير المتحف: “كل القطع الأثرية بداخل المتحف لم يتم استخراجها من الفيوم فقط، فهناك قطع من الفيوم وقطع أخرى من أماكن متعددة مثل المتحف المصري، والمخزن المتحفي وغيره. وقمنا بالفعل بعرض فكرة لتطوير المتحف قبل الثورة، وكان هناك العديد من الاختيارات لأماكن أخرى لبناء متحف كبير. على أن يبقى متحف كوم أوشيم كما هو داخل المدينة الأثرية لكن على شكل متحف وثائقي”.

وتابع: لم تستكمل الفكرة بسبب قيام الثورة، وتغير الأمور. ومن ثم اتجهنا إلى تطوير المتحف الحالي فيما يسمى رفع كفاءة. وتم إعادة افتتاح المتحف عام 2016 بنفس المبنى والقاعتين. حيث يضم العرض الآن 312 قطعة والمخزون لدينا 1522 قطعة أثرية. وهناك خطة مستقبلية لتطوير المتحف من خلال التعاون بين وزارة الآثار ومحافظة الفيوم. حيث سيتم تغيير اسم المتحف ليكون “متحف آثار الفيوم”، وستكون جميع القطع الأثرية المعروضة مستخرجة من الفيوم فقط”.

اقرأ أيضا

الإهمال يضرب أقدم المدن المصرية.. «شيدت المدينة الزائلة»

مشاركة
زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر