من هو “قمرالدين”.. وأصل مقولة “في المشمش”

كتب – هاجر جمال

لم تكثر مظاهر الاحتفال بشهر رمضان المبارك في عهد الدولة الأموية، مثلما هو الحال مع الدولتين العباسية والفاطمية، وبعض المؤرخين يُرجعون عدد من المأكولات والمشروبات إلى عصر الأمويين مثل مشروب “قمر الدين”.

لماذا سمى بـ”قمر الدين”

ترجع تسمية قمر الدين، بهذا الاسم إلى إحدى روايتين، إما نسبة إلى صانعه «قمر الدين» الذي كان يشبه القمر في جماله، وكان يملك بستانا من المشمش في دمشق وهو الذي صنع عصير المشمش في رمضان، والرواية الأخرى تقول إنه كان يُطرح في الأسواق مع رؤية هلال رمضان فسمي بـ”قمر الدين”، إلا أن المؤكد أنه مشروب سوري الأصل، هكذا أوضح كتاب “المائدة في التراث العربي الإسلامي“، لإبراهيم شبوح، وكتاب “الطبيخ” لمحمد عبدالكريم البغدادي.

ومن أشهر الأسواق بشهر رمضان في عصر الدولة الفاطمية بخلاف سوق الشماعين، سوق الحلاويتين الذي كانت تباع فيه الحلوى على أحسن شكل، بجانب سوق السمكرية الذي كان يعج بـ”الياميش وقمر الدين”.

إلا أن الكثير من الكتاب أرجعوا أن عصير “المشمش” مشروب ذو شهرة واسعة في بلاد الشام قبل الفتح الإسلامي، وانتقل مع الفتح إلى بقية البلاد، واستمر كطقس رمضاني حتى يومنا هذا.

موطن المشمش

المشمش في الأصل شجرة مثمرة ذات حجم متوسط، وهي من نوع الأشجار المعمرة الى حد كبير، ويعد موطنها الأصلي الصين، حيث كان ينبت نباتا بريا على الحدود، وانتشرت هذه الفاكهة بالصين قبل ميلاد المسيح بثلاثة آلاف سنة، وانتقل إلى أرمينيا، ولم يدخل أوروبا إلا بعد ميلاد المسيح، ثم انتشرت زراعته في أغلب الدول وخاصة ذات المناخ البارد والمعتدل تحديدا سوريا، التي تشتهر بالمشمش الحموي، وكذلك انتقل إلى مصر والسعودية.

المشمش في مصر

للمشمش في مصر مكانة خاصة على قلوب المصريين، لكونه فاكهة نادرة الوجود تظهر مرة في السنة لمدة شهر واحد فقط، وفي مصر قاعدة ليست بعامة، إلا وهي القليل أول ما ينفد من الأسواق، وهنا تنطبق هذه القاعدة على المشمش كونه فاكهة طازجة ولا تدوم طويلا.

دة في المشمش

انتشرت القصص حول مقولة شهيرة جدا في مصر إلا وهي “دة في المشمش”، والتي ذكرها أحمد أمين، في كتاب “قاموس العادات والتقاليد والتعابير المصرية”، وتعتبر قصة فكاهية أكثر من كونها أصل لهذا التعبير.

وتروي القصة حول أحد الأغنياء فقد جميع ثروته، ولم يلق مكان يذهب إليه حتى أواه أحد الفقراء في منزله، وذهب الفقير أول يوم بكمية من المشمش ليست بكثيرة وليست بقليلة، وتناول منها الرجل الغني ثلاث حبات، وتبقى ما يكفي لباقي الأطفال وزوجة الرجل الفقير.

وفي اليوم التالي، حضر صاحب المنزل بكمية من العنب، فأخذ الرجل يتناول عنقودا تلو الآخر حتى كاد أن ينفذ العنب وخشي الرجل ألا يتبقى شيء لأولاده، فقال له تناول العنب حبه حبه، فقال: “لا دا في المشمش”، والمقصود هنا أن المشمش يأكل حبه بعد حبه بترويِ لما يحتويه على بذرة صلبة كبيرة في المنتصف، أما العنب فلا يحتاج لأن يٌوكل بتمهل.

أما القصة الثانية، وهي الأقرب إلى ما وصل إلى الكثير، أنه ما بعد حكم المماليك وفرض الضرائب على عامة الشعب، كان المتهربون من الضرائب أو غير الراغبين في الدفع يؤجلون الدفع إلى موسم المشمش في العام الذي يليه قائلين ندفع في المشمش!

المشمش المجفف

موسم المشمش ينتج أطنان من الثمار في شهر واحد ويصعب الحفاظ عليه مرة واحدة، إلا عن طريق التجفيف أو صنع حلوى “قمر الدين” حتى يتمكن التجار من تخزينه لأطول فترة ممكنة، والذي يعد شهر رمضان موسما خاص لشرائه.

فوائد المشمش

يحتوي المشمش على فيتامين (أ)، كما أنه غني بالسكريات، والألياف، والكربوهيدرات، ويتركز مستوى السكر في الفاكهة المجففة بشكل أعلى من الفاكهة الطازجة مما يساعد على إمداد الجسم بالطاقة وهو عنصر مهم بالصيام لذا يكثر تناوله في رمضان.

أصناف حلوة من المشمش:

  • عصير المشمش

يعد المشمش كنوع من أنواع العصائر التي تعدل مستوى السكر في الدم بخلطه مع مقدار قليل من عسل النحل، ويٌفضل أن ثٌلج الفاكهة قبل عصرها حتى لا تحتاج إلى تبريد يعد ذلك، وتحافظ على الألياف الخاصة به.

  • قمر الدين

هو خلط عصير المشمش مع مقدار مع العسل وغليه في قدر على النار وفرده على لوح خشبي مدهون بزيت الزيتون ويقطع على شكل ألواح، على الطريقة السورية القديمة، والذي احتلت سوريا من صناعته الفاخرة المركز الأول في صناعة وتصدير قمر الدين للعالم العربي، ولا يخلو منه أي منزل في شهر رمضان المبارك.

ويمكنك تناوله على شاكلته كقمر الدين، إما أن تذيبه لعمل عصير قمر الدين من خلال إذابته في ماء وتركه فترة في النقيع ويخلط ليصير خليط متجانس للشرب.

  • مهلبيه قمر الدين

هي الوصفة التي نوصي بها هنا لأنها تعتبر حديثة نوعا ما، واشتهر بها أهل الشام ونقلت إلى مصر مع تبادل التجارة والبعثات من باب تبادل الثقافات.

والمكونات هي: (قمر الدين – سكر – نشا الذرة – ماء مغلي)

  • طريقة التحضير

يقطع لوح قمرالدين في كوب ونصف ماء مغلي يٌذاب فيه، ويضاف إليه سكر أو عسل ويٌوضع على قدر على النار ويمزج بملعقتين من نشا الذرة ويقلب من 5 إلى 10 دقائق حتى يتكون لدينا خليط سميك.

ويٌصب خليط قمر الدين أو المهلبية في أطباق صغيرة ويزين الوجه بالزبيب وجوز الهند وحبات الفستق أو الجوز، ويوضع في البراد ويقدم باردا.

اقرأ أيضا:

حكاية مشروب “قمر الدين” في دشنا

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر