من الأدب الفرعوني| "سحتب رع" لأبنائه: احترموا الملك "أمنمحات"

الصورة المرفقة بالمقالة للملك أمنمحات الثالث تحمل رخصة المشاع الإبداعي
يعتقد الدكتور سليم حسن، في كتابه الأدب المصري القديم، أن الملك “أمنمحات الثالث” (1844-1796 ق.م)، كان من أعظم ملوك الأسرة الثانية عشرة، إذ بلغت البلاد أوج مجدها في عهده بعد ما شهدته من اضطراب وتشرذم في فترة العصر الإقطاعي (2181-205 ق.م).
وبحسب حسن فقد استطاع أمنمحات أن يوحد البلاد تحت رايته من خلال انتخاب جيل جديد من الموظفين الأكفاء الشرفاء، ممن ناصروه في القضاء على نفوذ حكام المقاطعات.
ويلمح حسن إلى أن بعض هؤلاء الموظفين جدوا في امتداح وتقديس الملك أمنمحات في تعاليمهم التي خلفوها لأبنائهم، وغالى بعضهم في أن اعتبر الملك شخصية مقدسة قداسة الهية موصيا أبنائه بالولاء الكامل له.
لوحة حجرية
ويشير حسن إلى أن  “سحتب رع” والذي كان موظفا كبيرا في المالية، أراد أن يعبر عن العلاقة الخاصة التي جمعته مع الملك أمنمحات، فكتب تعاليم تعبر عن حبه وولائه له، وتوصي أبنائه من بعهده بالسير على نهجه، وبحسب حسن لم يكتفي “سحتب رع” بكتابتها على ورق البردي فقط بل أمر بنقشها على لوحة حجرية لتوضع كشاهد على قبره.
ويلمح حسن إلى أن تعاليم “سحتب رع” كانت بمثابة دعاية سياسية للملك وهو أمر شاع جدا في عصر الدولة الوسطى، خصوصا بعد أن عانت الدولة المصرية من سنوات الفرقة والانقسام التي خلفها العصر الاقطاعي فأراد أولئك الموظفين بث روح الولاء بين المواطنين ليلتفوا حول مليكهم.
ويوضح حسن أن “سحتب رع ” بالغ كثيرا في إضفاء القداسة على الملك، فاعتبره إلها، يعطي ويمنع وربط بين رضاه والسعادة في الدنيا والآخرة.
“احترموا الملك”
يستهل “سحتب رع” تعاليمه موجها كلامه لأبنائه، ويصف كلامه بالأمر العظيم الذي يستحق الإنصات والاستماع، والذي يؤدي من وجهة نظره إلى تحقيق السعادة في الدنيا، ألا وهو احترام شخص الملك أمنمحات، فيورد قائلا: “إني أتحدث عن أمر عظيم، وأجعلكم تصغون إليه. إني أنقل إليكم فكرة للأبدية وحكمة للحياة الصحيحة لأجل أن تمضوا  مدة الحياة في نعيم. احترموا الملك “أمنمحات”، وألفوا بين قلوبكم وجلالته”.
“انه رع الذي يرى الناس بأشعته”
يلمح حسن إلى أن “سحتب رع” راح يعدد الصفات الإلهية للملك أمنمحات، ويخبر أبنائه أن عليهم أن يقتبسوا من فيض تلك الصفات ما يضمن لهم السعادة ويبعدهم عن الشقاء، فيقول: “إنه رع الذي يرى الناس بأشعته، وإنه يضيء الأرضين أكثر من الشمس،  ويجعل الأرضين أكثر نضارة من نيل عال، إنه ملأ الأرضيين قوة وحياة، والأنوف تصير باردة إذا جنح إلى الرعب (أي أن نفس الحياة الذي يعطي الجسم حرارة يخرج من الأنف فإذا انقطع ذلك النفس، أصبح الأنف باردا وذهبت الحياة عنه)،وعندما يكون طلقا يتنسم الناس الهواء، وهو يعطي من يخدمونه القوة الحيوية، ويمد بالطعام من يسير على نهجه، إنه هو الذي يطعم من سيكون، إنه خنوم (إله الخلق) لكل الأجسام والمبدع الذي يخلق كل الناس، وهو “باستت” (الآلهة القطة) التي تحمي الأرضين، ومن يحترمه ينج من ساعده، ولكنه الآلهة “سخمت” (آلهة الدمار والحرب وتمثل برأس لبؤة) لمن يتعدى أمره”.
“حاربوا لاسمه”
وفي نهاية تعاليه يفصح “سحتب رع” عن الهدف الأساسي من تلك التعاليم الموجهة لأبنائه وهو أن يحاربوا مع الملك وألا يقفوا في صف من يعاديه، فيقول: “حاربوا لاسمه، ودافعوا عن حياته حتى تنجوا من الكريهة (الغدر)، ومن كان صاحبا للملك فإنه سيكون محترما، ومن كان عدوا للملك فلا قبر له وجسمه يلقى في الماء، فافعلوا ذلك لتصح أجسامكم؛ نعم، إن ذلك لمجد لكم إلى الأبد”.
هوامش
– الأدب المصري القديم (بي دي أف) – سليم حسن – مهرجان القراءة للجميع 2000- ص 217 و218.

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر