مسلة سنوسرت الأول.. حكاية المقاطعة رقم 21

تقابلك عند دخولك مدينة الفيوم وتحديدًا في ميدان عُرف باسمها “ميدان المسلة”، إنها مسلة سنوسرت الأول التي تقف شامخة تحكي جزء يسير من تاريخ أجدادنا الفراعنة العظام، وتعد المسلة هي الأثر الوحيد بالفيوم الذي تم نقله من مكانه الأصلي حتى توسطت هذا الميدان، وهي واحدة من المسلات القلائل التي تشتهر بها الحضارة الفرعونية.

نبذة تاريخية

يقول الدكتور أحمد فخري، في كتابه الأهرامات المصرية، إن الفيوم كانت تمثل المقاطعة رقم واحد وعشرين من مقاطعات الوجه القبلي في العصر الفرعوني، تعددت أسمائها على مر العصور، ففي العصر الفرعوني أطلق عليها مدينة “شدت” والتي كانت تعني الأرض المستصلحة، وكان أسمها الديني هو “سوبك” أو “دار التمساح” حيث كان التمساح المعبود المقدس لأهالي الفيوم، وتقع الفيوم تحت مستوى سطح البحر وتحيط بها الهضاب والمرتفعات من كافة الجوانب، ولكنها قريبة في نفس الوقت من ماء النيل فهي بذلك ذي موقع متميز ساعد على نهوضها حضاريًا.

نالت الفيوم عناية فائقة من ملوك الأسرة الثانية عشر إبان حكمهم للفيوم، فارتبطوا ارتباطًا شديدًا بها وخاصة منطقة اللاهون التي يوجد بها أيضًا هرم اللاهون الذي شيده سنوسرت الثاني، حتى أنهم نقلوا عاصمة الوجهين البحري والقبلي إلى مدينة جديدة بالقرب من اللاهون وسميت “ايثت تاوي” أي القابضة على الأرض، وبالقرب من اللاهون أقاموا أهم مشروع هندسي لاستصلاح الأراضي في تلك المنطقة التي كانت عبارة عن مستنقعات وأحراش بمساحات هائلة، وكان المشروع الضخم عبارة عن بناء خزان يقوم بحجز كمية من مياه فيضان النيل في منحفض الفيوم وبذلك تحولت تلك الأحراش إلى أراضي زراعية خصبة وهو ما دعى سنوسرت الأول لبناء تلك المسلة للاحتفال وتخليد تلك المناسبة والذكرى الهامة.

تاريخ المسلة

ويوضح الأثري أحمد عبدالعال، مدير منطقة آثار الفيوم سابقًا، أن تاريخ المسلة يرجع إلى الأسرة الثانية عشر الفرعونية، شيدها الملك سنوسرت الأول أحد ملوك تلك الأسرة في قرية أبجيج بالفيوم تلك القرية التي تقع قريبًا من مدينة الفيوم، وجاء تشييد المسلة تخليدًا لذكرى بدء تحويل أرض الفيوم من أرض غير زراعية لأرض زراعية.

ويضيف عبدالعال: يبلغ ارتفاع المسلة 13 مترًا، وهي مصنوعة من الجرانيت الأحمر، وتمتاز بقمتها المستديرة وليست المدببة مثل باقي المسلات، كما تمتاز بوجود ثقب في أعلى قمة المسلة حيث كان يستخدم في تثبيت تاج الملك، ويشير عبدالعال إلى أن مسلة سنوسرت الأول بالفيوم أقدم من المسلة التي توجد في المطرية والتي بناها الملك سنوسرت الأول، وقد كانت المسلة تحتوي على بعض النقوش على سطحها تصور مناظر عدة للملك وهو بتاج الجنوب ومرة أخرى بتاج الشمال وهو يقف أمام آلهة الشمال والجنوب، كما تضمنت نقوش للآلهة سوبك ورع وأوزوريس ولكن للأسف لا يوجد أثر لتلك النقوش الآن بسبب عوامل الجو ومرور الزمن.

 

نقل المسلة

تشير الصور القديمة للمسلة في كتاب وصف مصر أنها كانت من ضمن الآثار التي رسمها علماء الحملة الفرنسية خلال وجودهم في مصر، حيث كانت وسط الزراعات بقرية أبجيج، وظلت هناك فترة من الزمن، وبدأ التفكير في نقل المسلة منذ بداية الخمسينات، أما مكانها الحالي فتم نقلها إليه في أوائل السبعينات من هذا القرن وتحديدًا عام 1972م، وتم وضعها في مدخل المدينة.

وما لا يعرفه الكثيرون أن المسلة كانت على قطعتين كما وضحتها صورة لنقل المسلة في السبعينات تم نشرها في مجلة الفيوم والتي كانت تصدر عن ديوان محافظة الفيوم، فقد وضحت الصورة عملية نقلها، وبعد نقلها تم ترميمها وتقف الآن شامخة في مدخل المحافظة لاستقبال كل آت لديها لتخبره مدى عراقة تلك المحافظة.

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر