مدير عام آثار مصر العليا: بدون سياحة.. لا اهتمام بالأثر!

أصدر رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية، قرارا بتكليف محمود عبدالوهاب مدني للعمل مديرا عاما للشؤون الأثرية بمنطقة آثار مصر العليا. مسؤوليات كبيرة ومهام عديدة تقع على عاتق “مدني” ابن قرية الدومة بنجع حمادي، الذي يعمل بقطاع الآثار منذ 22 عاما.. «باب مصر» يتعرف على خططه ورؤيته للعمل في الحوار التالي.

بعد توليك منصبك.. ما حدود منطقة آثار مصر العليا.. وما أبرز ما تضمه من آثار؟

الشؤون الأثرية تختص بصيانة وتطوير المناطق الأثرية، وتقع مسؤوليتي فيما يختص بالمسمى الوظيفي مدير عام الشؤون الأثرية بمصر العليا، وتضم محافظات سوهاج وقنا والأقصر وأسوان والبحر الأحمر، وكانت الواحات أيضا حتى وقت قريب، لكنها أصبحت تابعة لمنطقة مصر الوسطى نظرا لبعد المسافة.

ويزيد مجموع المواقع الأثرية بهذه المناطق على 96 منطقة أثرية متنوعة بين مساجد، كنائس، أديرة، أراضي حفائر، جبانات، وكالات، عمائر متنوعة مثل قلاع حربية ومنها قلعة همام في فرشوط، قلعة القصير، فندق في القصير، شونة للغلال أيضًا في القصير، أضرحة مثل عبدالقادر الجيلاني في القصير، والشيخ عبدالجليل النمسي في إسنا، حمام قنا وخرج مؤخرا من الآثار نظرا لتدهور حالته الفنية والإنشائية.

هل هناك وعى بأهمية الآثار القبطية والإسلامية في محافظات الصعيد.. أم أن الاهتمام يقتصر على الآثار الفرعونية؟

لا، والأسباب ترجع إلى الاهتمام بالآثار المصرية في المقام الأول القائم على السياحة حتى بعض الآثار المصرية التي لا يوجد بها معدل زيارة سياحية أو ضئيل، مهملة، والوعي الأثري والتاريخي بها أيضًا بسيط يكاد يكون ضعيف جدًا، لكن ما يعطي الاهتمام بأي أثر هو المزارات السياحية وتطويرها وإعدادها وجعلها بصورة لائقة أمام الجماهير.

وما هي سبل زيادة الوعي من وجهة نظرك؟

زيادة الوعي الأثري تبدأ من مفتش الآثار ونابعة منه، فهي صميم عمله لأنه يحاول توصيل معلومة بأهمية الأثر وتاريخه وفنياته للبيئة المحيطة به، وتعريفه للناس في هذه البيئة، وبناءًا عليه العمل الدائم على تطوير الأثر، وإعداده للزيارة في أي وقت سواء زيارة سياحية أو عامة إن لم يكن معد للزيارة.

ومن أصعب الأشياء التي تواجهنا هي احتياجنا للعمل على تطوير العقول المحيطة أيضًا، وليس فقط تطوير الأثر لفهم أهميته وهناك إدارة للوعي الأثري بالهيئة، ونتمنى أن تقوم وزارة التربية والتعليم بوضع أجزاء تخص الآثار الإقليمية للطلاب وزيارات مدرسية كجزء من السياحية الثقافية لديهم. وأيضا هناك البعد الجغرافي الخاص بالأثر.

وما خططك لزيادة الوعي الجماهيري في الفترة المقبلة؟

نسعى للتعاون مع قصور الثقافة والإعلام والمحافظة، لتقديم صورة لائقة عن الآثار الموجود في المحافظات، ونسعى للتعاون مع قصور الثقافة لإقامة ندوات تعريفية وتوعوية بالآثار للتواصل مع القاعدة العريضة من الناس، ومن الضروري أن تتعاون المحافظة في إصدار كتيبات تعريفية بأثر وتاريخ البلدان بها، فشعار كل محافظة ما هو إلا تجميعه لتاريخها وآثارها وحضارتها وإنتاجها.

أيضًا على وزارة التربية والتعليم التوصيل للطلاب كل حسب عمره لتعريفه بآثار منطقته، وكيف يتعامل معها، وخاصة طلاب كل إقليم، فعلى سبيل المثال الإحصائيات أخر 5 سنوات في نجع حمادي فقط تقر بوفاة أكثر من 20 شخصا في أماكن مختلفة أثناء تنقيبهم عن الآثار في ظل غياب الوعي الأثري والرغبة في الثراء السريع.

كم عدد المواقع الأثرية بمحافظة قنا وما هي المناطق المفتوحة للزيارة بمحافظات مصر العليا؟

تحتوي محافظة قنا على 26 موقع أثري إسلامي وقبطي، من بينها 10 مواقع تقريبا قبطية، أهم المدن نقادة وقوص، ونجع حمادي، أبوتشت.

أما عن المناطق المفتوحة للزيارة السياحية، متحف البرنس يوسف كمال في نجع حمادى، دير الأنبا سمعان في أسوان، قلعة البحر الأحمر، وهناك أيضًا جامع همام، ودير الأنبا بضابا وهما مفتوحان للزيارة دون تذاكر، لأن المواقع الأثرية الدينية أغلبها دون تذاكر.

وماذا عن الأماكن المتوقع افتتاحها قريبا؟

هناك خطة لتفعيل بعض المناطق وتطويرها ووضعها على الخريطة السياحية والاستفادة منها وفتحها للزيارة مثل، استراحة الملك فاروق في إسنا، وقلعة الشيخ همام في فرشوط، كما أن أخر ما تم تسجيله تابع لنا مؤخرًا طريق عيذاب، ومنزل في إدفو.

هل تشارك الآثار الإسلامية والقبطية في المتحف المزمع إقامته في قنا؟

نعم سنشارك، لكن الموضوع مازال في طور الدراسة والتمهيد.

هل لديكم معلومات عن المقتنيات التي ستوضع بالمتحف؟

معلوماتي أنها عبارة عن مخطوطات مكتبة القبة، وسنسهم مع الجامعة في عمل لجان مختصة ونطلع عليها لتحديد ما يمكن وضعه بالمتحف، وأي شئ موجود في المخازن الخاصة بنا كهيئة آثار مصر العليا ويستحق العرض سنشارك بها.

ماذا عن آخر المستجدات في تطوير متحف يوسف كمال؟

تم افتتاح جزئي للمتحف في 29 سبتمبر العام الماضي، ومازال العمل جار بالجزء المتبقي وهو: “مبني الحراملك، الاستراحة، التفتيش، المطبخ”، وما تم تطويره بنسبة 50% عبارة عن مباني السلاملك وقاعة الطعام، وكان هناك إقبال كبير وزيارات أجنبية للمتحف، ولكن المتحف لا يكفي للزيارة طوال اليوم، لذلك تم عمل برنامج لزيارة يوم كامل منه المتحف وعصارات القصب ومصانع الألومنيوم والسكر، فضلا عن الرحلات الترفيهية من نجع حمادي للخزان يوميا بـ100 جنيه للفرد.

أما عن كيفية إنعاش الزيارات، فالأثر وحدة لا يكفى دون مقومات، فأكبر معوقات للرحلات خلال 6 شهور من الافتتاح تتمثل في عدم توافر فنادق سياحية تناسب السائح الأجنبي، ولا توجد غرف كافية أيضا، ونطلب دعم رجال الأعمال والدولة من أجل تطوير وإنشاء فنادق مناسبة.

وماذا عن منطقة درب الأربعين وهل هناك خطة لتطويره؟

هو منطقة ممتدة من قرية البطحة التابعة لنجع حمادي محافظة قنا بمدخلين متجاورين “أم المحاود” و”العطمة”، يختصران المسافة من نجع حمادي لمركز إسنا بالأقصر. المنطقة ليست طرق صحراوية فقط، إنما درب الأربعين موجود منذ العصور الفرعونية حتى أن هناك نقش لرمسيس الثاني يدل على سيره في هذه الطريق وأمن للمواكب وطرق السفر بشكل مبدئي، وهناك بعثة من جامعة شيكاغو قامت عام 1996 بدراسة هذا الدرب ووجدت حوالي 182 شاهدا ما بين نقش من العصر الحجري والعصور المتأخرة من العصر الفرعوني وحتى العصور الإسلامي تأكد جميعها أنه كان مستعمل حتى عصر أسرة محمد علي تقريبا.

كما أن الدرب به عدد من النباتات النادرة قيد الدراسة، مثل نبات السلمة أو العظمة، يشفي من الأمراض مثل الروماتزم والأمراض الخبيثة، ونعكف على دراسة هذه المعطيات والتأكد منها بشكل علمي، ضمن دراسة كاملة نعمل عليها عن الدرب ليصبح من أهم منطقة لرحلات السفاري في محافظة قنا، وننوي التعاون مع جامعة جنوب الوادي للاستعانة بمتخصصين لتقديم دراسات علمية متخصصة حول هذا الموضوع.

هل هناك دورا للهيئة في المحافظة على الحرف التراثية؟

الحرف لها أهميتها وجزء أصيل منها العصارات وصناعة الجير التي يوجد مثيلها في المحافظات المجاورة في نجع حمادي على سبيل المثال، أيضا الفخار والخزف، سمة للمحافظة، ويمكن المساهمة في المادة العلمية بتاريخ المهنة، وإقامة المعارض للحرف.

بعد 22 عاما عمل في الآثار الإسلامية والقبطية.. ما أمنيتك للعمل؟

أتمنى أن تأخذ مواقع التراث والآثار الإسلامية والقبطية حظها من الرعاية السياحية والزيارات الميدانية مثل الآثار المصرية، لأننا جزءا لا يتجزأ من الحضارة سواء في مصر أو خارجها نبرز حضارتنا الإسلامية، وتعاليم المسيحية الحق في الكنائس، ونربي الأجيال الجديدة على دراية بتراثهم وحضاراتهم وملامح بلادهم ولا تكون مختصرة فقط على المصرية القديمة. فجميعها نسيج واحد مرحلة تشد التي تسبقها جميعها متلاحقة مكملة لأخرى.

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر