كيف انتصرت لغة الضاد على «الفرانكو»؟

في 18 ديسمبر من كل عام، يحتفل العالم باليوم العالمي للغة العربية، وفقا للقرار الذي أصدرته الأمم المتحدة، بإدراج اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية. في الوقت الذي يلجأ فيه الكثير من الشباب إلى التحدث بلغات ولهجات أخرى بعيد عن لغتهم ومن ضمنها «الفرانكو» التي ظهرت منذ عدة سنوات.

اليوم العالمي للغة العربية

تقرر الاحتفال في هذا التاريخ لكونه اليوم الذي أصدرت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها رقم 3190 في ديسمبر عام 1973، والذي ينص بموجبه على إدخال اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل في الأمم المتحدة.

ووفقا للموقع الرسمي للأمم المتحدة، يتمثل الغرض من هذا اليوم في زيادة الوعي بين موظفي الأمم المتحدة بتاريخ كل من اللغات الرسمية الست وثقافتها وتطورها ولكل لغة من اللغات، الحرية على اختيار الأسلوب الذي تجده مناسبا في إعداد برنامج أنشطة لليوم الخاص بها، لتحقيق هدف واحد وهو التعمق في اللغة الأم والتركيز عليها حتى يعرف عنها الأفراد الكثير، ليس فقط الأجانب، بل أبناء اللغة نفسهم وبالأخص الشباب الذي ابتعدوا عن لغتهم الأم واستخدموا غيرها من اللغات اللاتينية ومنها “الفرانكو”.

لغة الفرانكو
لغة الفرانكو
لماذا ظهرت الفرانكو؟

تعتمد لغة الفرانكو على كتابة الكلمة العربية ولكن بحروف إنجليزية مع استبدال بعض الحروف العربية عند كتابتها بالإنجليزية بالأرقام، مثل حرف العين يكتب 3 وحرف الخاء يكتب 5 وحرف الحاء يكتب رقم 7.

قال الشاعر والخبير اللغوي محمود عبدالرازق: إن لغة “الفرانكو” كانت منتشرة بشكل كبير منذ أكثر من 8 سنوات، نظرا لطبيعة التعامل الإلكتروني وقتها، حيث كانت توجد أنظمة تشغيل لا تدعم اللغة عربية، لذلك كان المستخدمين يلجأون لكتابة اللغة العربية بحروف لاتينية، الأمر الذي أدى بدوره إلى انتشار هذه اللغة المستحدثة بين المستخدمين ورواد التواصل الاجتماعي في ذلك الوقت.

وأوضح عبدالرازق لـ«باب مصر»، أن “الفرانكو” انحسرت حاليا ولم يعد يستخدمها الكثير نظرا لأن أنظمة التشغيل ومواقع التواصل الاجتماعي المختلفة أصبحت تدعم اللغة العربية، لافتا إلى أن من يستخدمون لغة الفرانكو لا يتخطون نسبة 10% من المستخدمين، وأغلبهم لا يزال يستخدمها من منطلق التعود على الكتابة بها أو لعدم قدرته على تغيير اللغة إلى العربية.

وأضاف الخبير اللغوي، أن “الفرانكو” ليست لغة عربية أو إنجليزية ولا تتبع لغة أخرى، بل هي عبارة عن مجموعة من الرموز والإشارات والأحرف تم المزج بينها للتواصل، مؤكدا أنها لا تتخطى كونها وسيلة للتواصل وليس لها أي أساس أو قواعد لذلك لم تستمر طويلا.

أبجدية مستحدثة

وفي هذا الصدد، أكد أحمد حمدي، أحد المبرمجين وخبير تكنولوجيا المعلومات، أن الفرانكو عبارة عن أبجدية مستحدثة ظهرت منذ بضعة سنوات وانتشرت بين الشباب على الانترنت ورسائل المحمول ولم تتخط هذا النطاق، حيث كان يستخدمها الشباب للدردشة فقط، حيث إنها لم تختلف في النطق عن اللغة العربية على عكس الكتابة التي كانت عبارة عن عبارة عن حروف وأرقام لاتينية تشبه الشفرة.

وأرجع حمدي لـ«باب مصر»، ظهور هذه اللغة إلى بداية ظهور الهواتف المحمولة في المنطقة العربية والتي كان لا يدعم بعضها اللغة العربية، كما أن اللغة اللاتينية كانت تستخدم حروف أقل في الرسائل القصيرة (sms) مقارنة بنظيرتها العربية، لذلك لجأ المستخدمون إليها خاصة الذين لا يتقنون الكتابة باللغة الإنجليزية.

كما نوه الخبير التكنولوجي، بأن هذه اللغة ظهرت على استحياء في التسعينات عبر أنظمة “اليونكس” التي ظهرت قبل ظهور التليفون المحمول والرسائل القصيرة، والتي كانت تتيح لمستخدميها التواصل والدردشة عبر الانترنت، إلا أنها لم تتح الكتابة سوى بالحروف اللاتينية، حيث لم تكن اللغة العربية متاحة على الأجهزة التي تستخدم الانترنت كما هو الحال في الهواتف المحمولة عند ظهورها، إلا أن الوضع اختلف الآن وأصبحت جميع الأجهزة وأنظمة التشغيل تدعم اللغة العربية بعد انتشار استخدام هذه التكنولوجيا في الدول العربية.

لغة الضاد تنتصر

فيما أكد محمد شوقي، أستاذ اللغة العربية، لـ«باب مصر»: اللغة العربية التي تعرف بلغة الضاد من أعرق وأقدم اللغات لذلك تمكنت وستتمكن من الصمود أمام أي لغة مستحدثة تحاول أن تحل محل اللغة الأم، وهو ما حدث مع لغة “الفرانكو” التي لم تصمد طويلا أمام لغة الضاد.

وطالب شوقي بضرورة تعميق اللغة العربية وتحفيز العرب خاصة الشباب منهم على استخدامها بإطلاق المزيد من المبادرات للتحدث بها مثل مبادرة وزارة الهجرة التي تم إطلاقها مؤخرا تحت عنوان “اتكلم عربي”، بجانب استغلال وسائل الإعلام والأساليب التكنولوجية الحديثة في تعريف الشباب باللغة العربية، بحيث يتلتزم الإعلاميين – على سبيل المثال- في وسائل الإعلام بالتحدث باللغة العربية الفصحى.

هذا بالإضافة إلى إلزام كافة المؤسسات المختلفة والمحال التجارية باستخدام اللغة العربية بدلا من اللغات الأخرى، وتوجيه المدرسين بشرح المواد باللغة العربية واعتماد المناهج الدراسية على شرح وفهم وتبسيط لغة الضاد.

اقرأ أيضا

قبل 40 عاما.. حين تنبأ رواد الكتابة باستبدال اللغة العربية الفصحى بالعامية

مبادرات إلكترونية لإحياء اللغة العربية

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر