كوميديا رمضان: «نكت» منتهية الصلاحية!

هل فقد الكوميديانات المصريون قدرتهم على الإضحاك، أم أن الجمهور فقد قدرته على الضحك؟

شحيحة هي الكوميديا في مسلسلات رمضان، بالرغم من كثرة الأعمال الكوميدية، وكثرة نجوم الكوميديا. لم تزل الكتابة أضعف العناصر، ولم يزل الارتجال والايفيهات اللفظية، الشبيهة بنكت أحمد غانم وحمادة سلطان وعادل الفار (غالبا لا يعرفهم الجيل الجديد، ولكنهم كانوا نجوم المونولوجات وإلقاء النكات قبل عصر الـ”ستاند أب كوميدي”).

15 حلقة

كثير من صناع الدراما اتجهوا هذا العام إلى تخفيض عدد الحلقات إلى خمسة عشر بدلا من ثلاثين، على أمل أن يكون هذا علاجا لمشاكل البطء والمط في الكتابة وضغط الوقت في التنفيذ. وهو قرار جيد ساعد كثيرا على تجنب عيوب قالب الثلاثين حلقة المتحجر. ولكن طول أو قصر زمن عرض العمل الفني ليست هي المشكلة في حد ذاتها. الفكرة هي أن يكون زمن العرض متلائم مع الموضوع والسيناريو، لا يزيد حلقة، أو دقيقة، ولا يقل. وقد يكون زمن العمل خمس دقائق ويصاب المشاهد بالملل من أول دقيقة.

بعد العودة الناجحة لـ”الكبير” في العام الماضي، بالرغم من العيوب والشوائب التي كان يفترض أن يتخلص منها هذا العام. ها هو يتراجع، وعيوب السنة الماضية تتفاقم، خاصة على مستوى الكتابة التي تعاني من ضعف شديد، وأداء الممثلين الذي يعاني من ثقل دم سخيف.

يعاني “الكبير” من عدم وجود قصة أو خط درامي واحد يربط الأحداث، حتى أنه يمكن مشاهدة الكثير من حلقاته دون ترتيب. وهذا ليس عيبا في حد ذاته. ولكن المشكلة أن صناعه يصرون على تقديمه في قالب الثلاثين حلقة. ويبدو أن صناع الدراما في مصر لا يستحسنون لسبب نجهله، أو لا يعرفون، أن هناك مسلسلات كثيرة، من قديم الأزل، ذات حلقات متصلة منفصلة، أي نفس الشخصيات وعالمها. ولكن كل حلقة لها قصة مختلفة يمكن مشاهدتها بمفردها. هناك أيضا قالب شبيه بمجلات الكوميكس، حيث تحتوي كل حلقة على عدة قصص لشخصيات مختلفة. وقد برعت الدراما الخليجية في هذا القالب، كما نجد في “طاش ما طاش” و”ستوديو 23″ السعوديين و”حامض حلو” العراقي. وقد قام خالد الصفتي، محرر مجلة الأطفال “فلاش” بتحويله إلى مسلسل تحريك يعرض في رمضان منذ عامين. ولو أن صناع “الكبير”، وكثير من المسلسلات الكوميدية، انتبهوا لهذا القالب وإمكانياته لتمكنوا من الخروج من مأزق النصوص الكوميدية.

إكس لانس

ومشكلة الكتابة تظهر بوضوح في مسلسل محمد سعد “إكس لانس”. هنا يحاول سعد أن يعود إلى الأضواء بشخصية جديدة هي العجوز حناوي الشهير بالحاج إكس لانس. وفكرة المسلسل ليست مقتبسة أو مكررة مثل معظم الأعمال الأخرى. وكان يمكن أن تكون عودة ناجحة لسعد لولا الكتابة الهزيلة والإخراج البدائي بداية من الماكياج وحتى المونتاج. ويزيد الطين بلة أن المسلسل يتكون من ثلاثين حلقة.

قد يكون “الصفارة” هو الأفضل بالمقارنة مع غيره، ولكنه أيضا يعاني من فكرة مكررة وكتابة متواضعة. ربما باستثناء حكاية تحول البطل لمغن شعبي، وكثير من المواقف والحلقات تعاني من فراغ درامي واستظراف لغوي استفحل مؤخرا في الكوميديا المصرية.

أحمد أمين موهبة وإمكانيات وطاقة هائلة، وطه دسوقي الذي يلعب دور شقيقه الأصغر اكتشاف، ولكن العمل، رغم حلقاته القصيرة، يعاني من ترهل الإيقاع في بعض حلقاته.

ويمكن قول كل ما سبق على مسلسل “جت سليمة” الذي يتناول الفكرة نفسها، سفر الشخصيات عبر الأزمنة والأمكنة، وإن كان بشكل أكثر خيالية وفانتازيا. ودنيا سمير غانم، مثل أحمد أمين، موهبة وطاقة كوميدية تحتاج إلى نصوص أفضل.

كشف مستعجل

مشكلة الكتابة طالت أيضا “كشف مستعجل” بالرغم من خفة دم مصطفى خاطر ومحمد عبد الرحمن، وجهد المخرج شادي الرملي الهائل في اختيار الممثلين وتوجيههم وصناعة كوميديا موقف جيدة جدا، في الحلقات الأولى. غير أن الفكرة سرعان ما تشرد، وتجف، ويدخل العمل في متاهات التطويل ولكنه على الأقل يخلو من الاستظراف اللغوي تقريبا.

مسلسل «مذكرات زوج»
مسلسل «مذكرات زوج»

العمل الأفضل على مستوى الكوميديا هو “مذكرات زوج”، والطريف أن أبطاله طارق لطفي وعائشة بن أحمد وخالد الصاوي وجيهان الشماشرجى وسما إبراهيم لا يصنفون ككوميديانات. وأعتقد أن سبب نجاح العمل، وأحد عناصر الكوميديا فيه أيضا، أن صناعه لم يتعاملوا على أن مهمتهم إضحاك المشاهد بأي وسيلة. ولكن باعتباره دراما اجتماعية عاطفية خفيفة. وهو نوع ناجح من الكوميديا من نماذجه العظيمة أفلام “أم العروسة” و”إشاعة حب” ومسلسلي “البخيل وأنا” و”يتربى في عزو”.

ويمكن إدراك هذه الفكرة بشكل أوضح حين نقارن “مذكرات زوج” بعملين رمضانيين آخرين هما “كامل العدد” و”ألف حمد الله على السلامة”. فهما يعانيان من المبالغات الكوميدية لبعض أبطالهما. مثل دينا الشربيني في “كامل العدد”، وواضح أنها تحتاج إلى تدريبات خاصة في الأداء الكوميدي، ومثل معظم أبطال “ألف حمد الله على السلامة”!

اقرأ أيضا

«رسالة الإمام» و«الهرشة السابعة».. رائعتان إلا قليلا!

مشاركة
المقالات والآراء المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة، بل تعبر عن رأي أصحابها
زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر