فيديو| قصة الدرويشة حنان التي ظهرت في مولد دشنا

تصوير: خالد تقي
مع أول أيام إحياء المولد النبوي بدشنا بمحافظة قنا، لاحظ المتصوفة والأهالي سيدة ستينية ترتدي عباءة سوداء مخملية وتتدثر بطرحة سوداء وتعصب رأسها بشال كحلي، تطوف الساحات تبحث عن مجالس الذكر، فإذا ما وجدت حلقة ذكر، جاءت تمشي على استحياء لتقترب رويدا من الحلقة، دون أن تلتحم بالرجال، لتقف على مقربة منهم، لتهيم مع المدائح وتتمايل بجسدها يمينا ويسارا مع كلمات المديح، وإذا ما هامت في الذكر، أرخت عصابتها الكحلية على عينيها وراحت تتمايل في عنف، وإذا ما ذكرت السيدة زينب صرخت هاتفة “يا أماه”.


 
تقول حنان السيد، 52 عامًا، إنها من إحدى قرى مركز بنها بمحافظة القليوبية، وتوفيت والدتها وهي في سن السابعة، ومن يومها أصبحت الست “السيدة زينب”، كما تسميها، أمها، متذكرة أول مرة اصطحبها أخوها الأكبر لمقام الست، قائلة: “يومها شعرت أن الست بطبطب عليا وتمسح دمعتى، لافتة إلى أن السيدة زينب هي أم الحنان”.
ذكرى أليمة
وتتذكر حنان ذكرى أليمة، حين زوجت من أحد أبناء القرية ولم يتجاوز عمرها الثالثة عشر، حيث كانت لا تزال طفلة حين زفت على زوجها، لتقاسي الأمرين من زوجها وحماتها من ضرب وشتائم، في خمس سنوات لم تفارقها دمعتها، وفي كل ليلة كانت تشكو للسيدة زينب طالبة الخلاص، ليستجاب لها وتطلق وهي ابنة 18 عامًا، ولأن المجتمع لا يرحم المطلقة فقد عانت حنان من نظرة مجتمع القرية لها، وعلى مدار ما يقرب من 6 سنوات كانت نظرات الناس تسقط عليها كسياط الجحيم.
وفي سن الخامسة والعشرين، تزوجت للمرة الثانية من رجل يكبرها بحوالي 20 عاما من بني سويف، مشيرة إلى أنه لم يكن يضربها ولم يشتمها، مثل الزوج الأول، ولكنه اتخذها كعبدة – على حد وصفها – فكان عليها أن تبدأ يومها مع آذان الفجر لتذهب إلى الحقل، تزرع وتفلح، وتعود لرعاية البهائم في الحظيرة، وبجانب ذلك تقوم بأعمال المنزل ومتطلبات الزوج، ونتيجة للإجهاد البدني تعرضت للإجهاض في جنينها الوحيد، وتفاقمت المشكلات بينها وبين زوجها لتطلق للمرة الثانية، لتعود إلى منزل أخيها الأكبر لتكتوي بكلمات اللوم التأنيب.
نداء المدد
وتشير “حنان” إلى أنها بعد طلاقها للمرة الثانية زهدت في الدنيا، وشعرت بشوق كبير لزيارة الأولياء والعارفين، خصوصا آل البيت، مؤكدة أنها في البداية لاقت معارضة من أهلها ولكن بعد محاولات جادة منها أدركت أسرتها أنه لا يمكن مقاومة حبها الصادق لآل البيت والصالحين، لتبدأ رحلتها مع الأولياء والمقامات لتجوب مصر شمالا وجنوبا، لتحضر موالد الصالحين، ملمحة إلى أنها رفضت أن تتسول في الموالد ولذلك شرعت في بيع المناديل والبخور في الموالد لتكسب قوتها من عرق جبينها، ولا تنتظر من أحد صدقة أو مساعدة.
سيدي جلال
وتلفت حنان إلى أنها حضرت لأول مرة إلى مولد الشيخ جلال الكندي العام الماضي، وزارت ساحة الشيخ كحول، ولكنها تعرضت لبعض المضايقات من بعض الصبيان والأشقياء، خصوصا عندما كانت تشارك في حلقة الذكر، فغادرت حزينة، لكن شوقها جعلها تعود مرة أخرى هذا العام، قائلة “أنا في حماية سيدي جلال وسيدي كحول” مؤكدة أنها استقبلت هذا العام بترحاب كبير ولم تتعرض لأي نوع من المضايقات.
ويلفت عبد المبدي محمد، متصوف رفاعي، إلى أن الدرويشة حنان حضرت هذا العام إلى ضريح ومقام الشيخ نصر الدين، بشرق السكة الحديد، قبل انطلاق احتفالات المولد النبوي، لافتًا إلى أنها كانت تنام بجوار الضريح في العراء، وبعد عدة محاولات وافقت أن يستضيفها أحد أبناء المنطقة في منزل العائلة مع زوجته وأبنائه، ملمحا إلى أنها تعود يوميا من المولد بعد منتصف الليل بمفردها، لتقطع مسافة قدرها حوالي 2 كيلو متر غير عابئة بالكلاب الضالة أو وجلة من عزلة الطريق وسط الزراعات، لتشعل بعض الحطب وتجلس في رحاب الشيخ، لتناجي أحبابها من الأولياء والصالحين، ومع بزوغ الصباح تذهب لتنام وتستيقظ بعد الظهر لتبدأ رحلتها من جديد في المولد باحثة عن حلقة ذكر.
فيما تعلق “حنان” على ذلك بقولها: “أنا معايا ربنا وآل البيت والست المشيرة، ماخفش من أي حاجة”.

مشاركة
المقالات والآراء المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة، بل تعبر عن رأي أصحابها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر