صور نادرة| إسماعيل دياب.. الرسام الأول لأيقونات عالم رفعت إسماعيل

جسد نحيل وشعر أشعث أسمر اللون يتخلله اللون الأبيض، اليد اليمنى لا يفارقها القلم للتدوين واليسرى لا تفارقها السجائر للتدخين، إنه رفعت إسماعيل، أو كما يلقبه محبيه بالكهل الكئيب، الذي عاد إلى جمهوره بعد غياب 20 عاما، عبر مسلسل «ما وراء الطبيعة» المستوحى من سلسلة الكتب الشهيرة للمؤلف الراحل أحمد خالد توفيق، وإخراج عمرو سلامة

الكهل الكئيب

«حالة فريدة من النحول واعتلال الصحة، يدخن بشراهة، ويستخدم دائما حبوب النيتروجلسرين بسبب حالة قلبه الواهنة، يعاني من الربو وضيق الشرايين التاجية والقرحة.. ملول وعصبي ميال إلى انتقاد الآخرين وتصنيفهم برغم رفضه أن ينتقده الآخرون»، كان هذا وصف رفعت إسماعيل لنفسه في واحدة من قصص أحمد خالد توفيق في سلسلة «ما وراء الطبيعة» والتي برع في تجسيدها الفنان الراحل إسماعيل دياب لجيل الأطفال والمراهقين منذ ما يزيد عن 20 عاما.

أكثر من 3500 غلاف لأعمال أدبية حملت إمضاء الفنان الراحل إسماعيل دياب، أكثرها حبا لجيل الشباب حاليا، هي أعماله في سلسلتي «الرجل المستحيل» للكاتب نبيل فاروق، و«ما وراء الطبيعة»، كل منهما كان حالة خاصة يمتزج فيها خيال الطفل أو المراهق حينها بكل كلمة وصورة بين الصفحات، والتي عادت من جديد للتجسيد للجمهور بالمسلسل الذي يتضمن الاحداث الخارقة للطبيعة.

بداية التعاون

يروي وائل دياب ابن الفنان الراحل إسماعيل دياب ذكريات التعاون، ويقول لـ«باب مصر»: “بدأت معرفة والدي بـ د. أحمد خالد توفيق في أواخر الثمانينات، بعد عمل والدي في سلسلة الرجل المستحيل للكاتب نبيل فاروق، وتواصل معه توفيق عن طريق أستاذ حمدي مصطفى، وعرض عليه رسم أغلفة وشخصيات وصور أحداث سلسلة ما وراء الطبيعة”.

دارت بين توفيق ودياب العديد من النقاشات الفلسفية عن الشخصيات والشكل والعالم الخيالي الذي كتبه توفيق وبرع في رسمه دياب، ويتابع وائل الذي ورث الرسم الاحترافي عن أبيه: “أبي استوحى رسومات الشخصيات من كتابات توفيق، قرأها جيدا ثم تخيلها وفقا لوصف الكاتب، خاصة أنها شخصيات استمرت على مدار كل أجزاء السلسلة، ولم يتدخل د. أحمد حينها بالتعديل على أيا من أعمال أبي، كل منهما كان أحق بعمله”.

«اكتب يا أحمد وأنا ارسم» كانت هذه هي الجملة السائدة لإسماعيل دياب خلال عمله على السلسلة، شغفا بالأحداث والتفاصيل وتحدي رسمها، ويستكمل دياب الابن: “ذهن والدي واسع وكان يحب عمله جدا ونتج عنه حوالي 3500 غلاف، جابت رسوماته العالم وهو في مكانه دون الحاجة لإقامة معرض، كانت أعماله في كل محافظات مصر ومنها سلسلة الكتب المصرية للجيب التي انتشرت في العديد من دول العالم، وكان هذا الانتشار أكبر من اسم أي معرض حينها”، متسائلا: “أي معرض يسع هذا الكم!”.

منزل ما وراء الطبيعة

دياب الأب والابن اشتركا في موهبة واحدة وهي الرسم، فالفنان وائل دياب يعمل مخرج رسوم متحركة في وكالة الأهرام، وقدم سابقا رسومات لأفلام كارتون وكتب أطفال، وبعد مرور خمسة عاما على وفاة والده شاهد رسومات والده تبعث من جديد على الشاشة، ويقول لـ« باب مصر»: “شاهدت المسلسل ونال إعجابي، المجهود رائع”.

وعند سؤاله على شخصية العساس الذي وصفها البعض بعدم تجسيدها بالصورة الملائمة على الشاشة قال: “بالعكس، أرى العمل الفني متكامل حيث تظهر النهاية المنطقية لوحش مألوف ذهنيا”.

ويسترجع ذكريات عن الفترة التي قدم فيها والده الرسومات بأنه كان يعيش في منزل تم بناءه في ثلاثينات القرن الماضي، مشابه تماما لمنزل رفعت إسماعيل في المسلسل، الردهة الواسعة والأبواب الخمسة، “والدي رسم في نفس الجو العام الذي تم تجسيده على الشاشة، كان المنزل مليئا بالأسرار وكأنني رأيت عالم ما وراء الطبيعة بالفعل في هذا المنزل”.

زيارة رفعت إسماعيل

تحدث الفنان أحمد أمين (رفعت إسماعيل) في المسلسل، عن دور الفنان إسماعيل دياب في تجسيد الشخصية في ذهنه منذ الصغر، وذلك خلال لقائه بالفيديو مع مؤسسة صفحة أحمد خالد توفيق، وقال: “تخيل صورة رفعت في ذهن الجمهور وذهني كان بريشة إسماعيل دياب وله دور كبير علي في تجسيد الشخصية، وتأثيره طاغيا في المسلسل، وهذا التأثير الكبير تحدث عنه عمرو سلامة في عدة لقاءات”.

متابعا: “استعان سلامة ببعض المشاهد بنفس الكاد من رسومات الفنان إسماعيل دياب، مثل مشهد شيراز وهي تفتح البوابة في أسطورة البيت، ومشهد هويدا في السينما وغيرها من المشاهد التي رسمها دياب في الكتب ورأيناها مجددا في المسلسل.. ودعاني ابنه وائل إسماعيل دياب لزيارة مرسمه ومنزله وفي أقرب فرصة ستتم هذه الزيارة”.

وصرح وائل دياب عن تفاصيل المكالمة مع الفنان أحمد أمين: “ترجع إلى إعجابي بأداءه وابني كريم على تواصل معه بسبب دراسته التصوير، وتحدث معي أحمد أمين ودعوته لزيارة مرسم والدي والمنزل ولم نحدد موعد بعد”.

الفن حالة

أما المرسم الخاص بالفنان إسماعيل، فكان في «المسافر خانة» في شارع قصر الشوق بمنطقة الجمالية، وكانت هذه المنطقة مصدر إلهام كبير خاصة بسبب رؤيته هناك للعديد من الوجوه والطبقات الاجتماعية المختلفة وفترة إقامة الموالد الشعبية وما فيها من فئات مختلفة تحرص على الحضور، حتى حريق المسافر خانة في عام 1997.

ويتابع وائل لـ«باب مصر»: “أنقذنا ما يمكن إنقاذه من أعمال والدي وتم نقلها إلى المنزل التابع لحمدي مصطفى صاحب المؤسسة العربية الحديثة للطبع والنشر والتوزيع، ومكث فيه حتى عام 2003، ثم انتقل للشقة المجاورة ومكث بها عامين حتى وفاته في عام 2005”.

وكان مشوار إسماعيل دياب طويلا منذ تخرجه في عام 1962 من كلية الفنون الجميلة، وعمله حينها في روز اليوسف، بعد ذلك هوى الرسم الصحفي وعمل في مؤسسة أخبار اليوم، وبعدها انتقل إلى الدار القومية للطباعة وظل فيها حتى عام 1974، ثم انتقل إلى مؤسسة الأهرام وقدم الكثير من الرسومات لدار الهلال، ومجلة سمير والماكرون الثلاثة ومغامرات كراوية وغيرها، ثم عاد إلى مطابع الأهرام في القسم الفني واستمر بها حتى عام 1983، ثم انتقل إلى دار المعارف وشغل منصب مدير القسم الفني للنشر.

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر