حلق تامر حبيب.. ومكالمة الملك تشارلز!

وقع تامر حبيب بين فكي وحش إعلام السوشيال ميديا. انتهي “تريند” شيرين عبدالوهاب وفتى “واقعة الكشري”، ومرت فساتين مهرجان “القاهرة” دون أزمة، باستثناء “فنانة” ذهبت إلى حفل الافتتاح دون دعوة، حولها بلطجية أمن الأوبرا إلى مشكلة على طريقة محل الكشري.

وقع تامر حبيب في المصيدة التي ستستمر لأيام قادمة حتى ظهور “تريند” آخر يشبع شهية وحش السوشيال ميديا وإعلامها الذي لم يعد يكتفي بنقل الأخبار من صفحات التواصل الاجتماعي. ولكنه حول تعليقات كل من هب ودب إلى “تقارير إخبارية”!

بلا هم!

لا يتحدث أحد عن آثار الحرب والأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تعصف بالعالم حاليا. لا يتحدث أحد عن الغلاء أو السلع التي لم تعد متوفرة، وبعضها ليس أكلا ولا شربا. وإنما مواد خام تشغل مصانع ومئات العمال والموظفين. في مهنتنا، مثلا. ليس هناك ورق لطباعة الصحف والمجلات والكتب. والمعرض على الأبواب، موسم طباعة الكتب انهار قبل أن يبدأ.

لا يتحدث أحد عن المدارس والتعليم التي أصبحت عبئا على الأهل والأبناء لا يمكن لأحد في بلد آخر أن يتخيله. عندما يتطرق الحديث مع أجانب وعرب حول مصاريف التعليم و”السناتر” والدروس الخصوصية. تفاجأ بأنه لا يوجد بلد على ظهر الأرض تحول فيه التعليم إلى نصب واحتيال واستغلال مثل مصر، وفوق كل هذا لا يوجد تعليم ولا متعلمون.

لا يتحدث أحد عن الاقتصاد، ولا السياسة، التعليم، ولا العلم، ولا الثقافة، ولا الفن الجاد.

بلا هم. كل هذا ليس مهما.. المهم “الأخلاق”. وليس المقصود بالأخلاق النزاهة أو الصدق أو الذمة أو الضمير أو المعاملة الحسنة. ولكن الأخلاق لدينا محصورة فيما يفعله المرء – وخاصة المرأة- بجسده، أو جسدها.

وكنا نظن منذ ثلاثة أو أربعة عقود أن الأشياء ستتغير بمرور الزمن، وأن المجتمعات تنضج مثل الأفراد. ولكن اتضح أن الزمن لا يمر علينا. وأن شروق الشمس وغروبها كل يوم وهم، وأن الإنسان والمجتمع الذي لا ينضج في الوقت المناسب، يزداد خبلا وخرفا بمرور الأيام.

وهانحن، كما كنا منذ نصف قرن، لا يشغلنا سوى “أندروير” منى زكي، وفساتين المهرجانات، وعلاقة شيرين بزوجها، وحلق تامر حبيب، ليس على سبيل التسلية والفضول وإشباع النميمة. ولكن لأن معظمنا يعتقدون أن هذه القضايا أهم من مؤتمر المناخ، ومن الحرب العالمية، ومن الأزمة الاقتصادية، بل يعتقد الكثيرون أن حياة هؤلاء الشخصية هي سبب كل البلاوي السابقة وعقاب الآلهة والشياطين لنا.

بلا سقف!

في تعليق لها على الاهتمام بحياة شيرين عبدالوهاب الشخصية، كتبت الصديقة والمخرجة اللامعة هالة خليل أن شيرين خلعت النوافذ والأبواب والسقف عن حياتها الخاصة، وأن هذه الشجاعة سبب تعاطف الناس معها. ومنذ أيام شاهدت واحدة من حلقات الموسم الجديد من مسلسل “التاج” تناولت المحادثة التليفونية “الجنسية” بين الأمير (الملك حاليا) تشارلز وعشيقته كاميلا (الملكة حاليا)، والتي نشرت نصها صحيفة “ديلي ميل”، وهي إحدى صحف التابلويد التي يطلق عليها الصحف الصفراء، والتي انتشرت بقوة خلال تسعينيات القرن الماضي. كما لو أنها كانت إيذانا بعصر السوشيال ميديا منزوع الأبواب والأسقف.

وفي الوقت الذي أعتقد فيه البعض أن نشر نص هذه المكالمة الجنسية سوف يدمر تشارلز، وربما النظام الملكي في بريطانيا. استجمع تشارلز شجاعته وقرر الاعتراف بأسرار حياته وضاعف من ظهوره وأعماله الخيرية والثقافية، فاحترمه الناس، خاصة الأجيال الأصغر، وتقبلوه بضعفه وإنسانيته.

ومن حيث لا يدرون اكتشف الذين كانوا يسعون إلى هدم الملكية من خلال التشهير الجنسي بالعائلة الملكية أن ما فعلوه زاد من تعاطف الأغلبية مع أفرادها. فقد رأوا أنهم بني آدميين عاديين، لا يخلون من الضعف البشري، مثلهم.

بلا خوف!

مثل كل الوحوش والكائنات الخرافية، ربما تكون أفضل وسيلة للتغلب على وحش إعلام السوشيال ميديا هي المواجهة، وخير مثال على ذلك ما فعله الراحل هشام سليم عندما واجه مخاوفه من رأي المجتمع وحكا قصة ابنته التي تحولت إلى ابنه. ورغم الصدمة إلا أن الجميع احترموه. وعندما توفي رثاه الجميع بحب، حتى مذيعي قنوات التحريض والتخلف.

تامر حبيب فنان وبني آدم رقيق ونبيل. وهو لا يستحق بالتأكيد حملة التشهير التي أشعلها صحفيو صحافة السوشيال ميديا، ذلك الوحش الوهمي المخيف لمن يخافون، والمثير لسخرية من يملكون الشجاعة.

اقرأ أيضا

هل أنت مستعد لمشاهدة أبشع فيلم عن الحرب؟

مشاركة
المقالات والآراء المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة، بل تعبر عن رأي أصحابها
زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر