“الموت لمن يزعج الملك”.. قصة اكتشاف مقبرة “الفتى الذهبي”

“لا تفتح التابوت، فسيذبح الموت بجناحيه كل من يجرؤ على إزعاجنا” أربكت هذه الجملة هيوارد كارتر، عالم الآثار الإنجليزي، وهو يفتح تابوت الملك، لكن “الأشياء المذهلة” أرغمته على الاستمرار.

لاحظ كارتر وجود صندوق خشبي بنقوش مطعمة بالذهب في وسط الغرفة، وعندما رفع الصندوق وجد آخر كان يغطي الأول وعليه نقوش وزخارف مطعمة بالذهب، وعندما رفعه وجد أنه يغطي صندوقًا ثالثًا مطعماً بالذهب، وبعد أن رفع الصندوق الثالث، وصل العالم البريطاني إلى التابوت الحجري الذي كان مغطى بطبقة سميكة من الحجر المنحوت على شكل تمثال لتوت عنخ أمون، يغطي التابوت الذهبي الرئيسي للملك.

وتحتفل الأقصر بالذكرى الـ94 لاكتشاف مقبرة الملك توت عنخ آمون خلال هذه الأيام، وهو الحدث الأثري الأكبر في التاريخ الحديث، الذي يعود الفضل فيه إلى عالم الآثار البريطاني هوارد كارتر.

هيوارد كارتر (9 مايو 1874 – 2 مارس 1939)هو  عالم آثار إنجليزي، خبير بعلوم المصريات، ولد بمدينة لندن.

الطريق إلى مقبرة الفتى الذهبي

في العام 1907، تعرف كارتر على اللورد كارنار فون أحد النبلاء الإنجليز، الذي أبدى استعداده لتمويل بعثات كارتر واستكشافاته، ومن هنا بدأت رحلة كارتر، ليحصل على تصريح بالحفر عام 1908.

استمر كارتر في أعماله الاستكشافية بالأقصر، وفي عام 1921 قرر صديقه الثري التوقف عن تمويله، لكن كارتر استطاع إقناعه مجددًا.

وفي الرابع من نوفمبر عام 1922عثر كارتر على عتبة سلم، وواصل البحث ليجد أنها واحدة من 16 درجة لسلم يؤدي باب عليه أختام من العهد القديم وأختام بيضاوية الشكل وعليها شكل أنوبيس فوق تسعة سجناء، أو ما يسمى “الأقواس التسعة”، وهو ختم القبور الملكية.

وجدنا أشياء مذهلة

ردم كارتر المدخل بالرمل والأحجار وأرسل برقية عاجلة للورد كارنارفون، وعندما سـأله كارنارفون “هل وجدت شيئا” قال نعم “أشياء مذهلة”.

في عام 1932 بدأ كارتر مع مجموعته العلمية التنقيب في المقبرة 1932، إلى جانب تصوير كل شيء وتدوينه في قوائم، ونقل القطع إلى مختبر أنشئ مؤقتا بالقرب من مقبرة سيتي الثاني، وقد استغرق إخلاء محتويات الحجرة الأمامية نحو 50 يوما.

بهاء عبد الجابر، مدير عام آثار البر الغربي بالأقصر،  يقول إن المقبرة 62 كانت مخصصة لأحد أعضاء العائلة الملكية، ويرجح أنها كانت للوزير “آي”، الذي خلف توت عنخ آمون بعد وفاته.

مومياء الملك- تصوير: إيمان محمد
مومياء الملك- تصوير: إيمان محمد

وبسبب موت توت عنخ آمون المفاجيء فقد أضيف إلى المقبرة حجرتين كبيرتين، واكتملت بذلك المقبرة، لتكون للملك.

أما “آي” الذي اعتلى العرش بعد موت توت عنخ آمون لمدة قصيرة فقد دفن في المقبرة WV23  التي يرجح أنها كانت مخصصة أصلا لتوت عنخ آمون.

الملك الذهبي ووزيره

يضيف عبد الجابر أن توت عنخ آمون هو أحد فراعنة الأسرة المصرية الثامنة عشرة في تاريخ مصر القديم، وكان فرعون مصر من عام 1334 إلى 1325 ق.م، في عصر الدولة الحديثة.

يتابع أنه بسبب وجود مدخل مقبرة توت عنخ آمون KV62 تحت درج مدخل أحد مقابر الرعمسيين، التي شيدت بعد ذلك، فقد غطت أنقاض تلك المقبرة وما بني عليها من مساكن للعاملين مدخل المقبرة، وبذلك ظلت مقبرة توت عنخ آمون مختفية عن الأنظار لآلاف السنين.

أما الطيب عبد الله حسن، خبير في علوم المصريات، يقول إن مقبرة الفرعون الذهبي “توت عنخ آمون” بها رسوم رائعة تحكي قصة رحيل توت عنخ آمون إلى عالم الأموات، وترجع أهمية الاكتشاف إلى أنه الكنز الملكي الوحيد الذي عثر عليه كاملاً، كما أمدت الباحثين بمعلومات عن كيفية تجهيز المقابر الملكية ومعلومات عن الحياة اليومية في فترة الأسرة الثامنة عشرة.

لوحة تحكي اكتشاف المقبرة- تصوير: إيمان محمد
لوحة تحكي اكتشاف المقبرة- تصوير: إيمان محمد

حسن يضيف أن فن صناعة الأثاث في ذلك الوقت بلغ قدرًا عظيمًا من التقدم، مثل الأسرة والكراسي والمقاعد والصناديق والأواني والموائد ومواطىء الأقدام.

تخليص القناع الذهبي

يتابع أن العالم البريطاني مكتشف مقبرة الفرعون الذهبي، اضطر إلى قطع ثلاثة توابيت ذهبية، ليصل إلى مومياء توت عنخ آمون، غير أنه لاقى صعوبة في رفع الكفن الذهبي الثالث، الذي كان يغطى مومياء الملك، ففكر كارتر أن تعريض الكفن إلى حرارة شمس صيف مصر اللاهبة ستكون كفيلة بفصل الكفن الذهبي عن المومياء، ولكن محاولاته فشلت.

ويوضح أن كارتر اضطر إلى قطع الكفن الذهبي نصفين ليصل إلى المومياء الملفوفة بطبقات من الحرير، كما اضطر فريق التنقيب إلى فصل الجمجمة والعظام الرئيسية من مفاصلها، لتخليص القناع الذهبي، الذي كان مصهورًا على وجه الفتى الذهبي “توت عنخ آمون”.

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر