إنقاذ سور «بيت المساجيري».. السويس تعيد الروح إلى البيت العتيق

أزالت رئاسة حي السويس ما وصفته بالتشوه الحضاري في سور مبنى «بيت المساجيري»، وذلك بهدم سور بُني بالطوب الأبيض لسد فراغ في الجدار نتج عن تهدم الأخشاب المكونة للسور الأصلي. ولمن لا يعرف فإن بيت المساجيري يعد أحد أقدم المنازل في السويس، حيث بُني عام 1862 كمقر لشركة فرنسية باسم “مساجيري مارتيم” وتعني “البريد السريع”، وكان مركزا لاستلام الرسائل والبضائع بين موانئ البحر الأحمر والسويس.
ماذا حدث في بيت المساجيري؟
قال بيان رسمي لرئاسة حي السويس“: “تعدى أحد المواطنين بالتشويه المرفوض على أحد أسوار بيت المساجيري، وهو من البيوت والمعالم التاريخية والأثرية بمحافظة السويس. وهذا الأمر غير مقبول بكل المقاييس. وطالب رئيس الحي بالتدخل العاجل، وتنفيذ الإجراءات القانونية، وإزالة المخالفة ببناء السور، وتحرير محضر وإحالة الواقعة للنيابة العامة”.
وأكد البيان مرة أخرى أن الاعتداء على السور يمثل مخالفة صريحة. وأنه تم التعامل معها وإحالتها للجهات المختصة، مشددا على ضرورة حماية البيوت والمعالم الأثرية بالمحافظة. كما ناشد المواطنين الحفاظ على التراث التاريخي والحرص على صون كنوز المدينة.
بيوت السويس التراثية
في مقال سابق للباحث أنور فتح الباب نُشر على موقع «باب مصر»، قال فيه: “في منازل السويس التراثية هناك ما هو مهدد بالاندثار لعدم تسجيله كأثر تاريخي. مثل كنيسة ودير الروم المجاورة لمسجد سيدي عبدالله الغريب. ومنزل بطرس كساب الذي كان جده متوليا لجامع إيراد جمارك السويس في زمن محمد علي على الكورنيش القديم. كما لفت إلى أن مبنى (المساجيري مارتيم) ومبنى الإسعاف بميدان الأربعين لم يتم تسجيلهما كأثر حتى الآن.
وبحسب المقال، فقد رصدت لجنة مشكلة من وزارة الثقافة ومحافظة السويس عام 1999 مجموعة من القصور والمنازل الأثرية بمنطقة كورنيش السويس القديم وحى السويس. حيث حددت اللجنة 9 قصور وكنائس ومنازل هم: “قصر محمد علي – بيت المساجيري- قصر شحاتة سليم – فيلات هيئة قناة السويس – مبنى قسم شرطة الأربعين – الكنيسة الإنجيلية – الكنيسة اللاتينية – الكنيسة الإيطالية – فيلات شركة النصر للبترول”.
في المقابل بحث «باب مصر – بحري» عن وجود تسجيل لبيت المساجيري ضمن سجلات التراث المعماري المميز بالموقع الرسمي للجهاز القومي للتنسيق الحضاري. ولم نجد أي ذكر للسويس في القوائم المنشورة على الإنترنت.

اهتمام شعبي ورد رسمي
أثارت الواقعة تفاعلا على صفحة ذاكرة السويس المهتمة بتنشيط السياحة والمواقع الأثرية بالمدينة. ونشر الباحث حسام الحريري، المسؤول عن الصفحة، مقطعا مصورا يحكي فيه التعديات على سور الحديقة المجاورة لبيت المساجيري.
وقال الحريري في الفيديو: “ما حدث تصرف خاطئ من بعض السكان من جهة شارع النمسا. وليس من الحاج عامر عبد الله ساكنه المعروف بسكان البيت. فقد قام الساكن بإزالة ركام ومخلفات في الحديقة الملحقة بالمبنى، ثم أقام سورا من الطوب الأبيض لمنع دخول المتطفلين. وبعد إزالة الطوب بمعرفة الحي، تبين أن السور الخشبي الأصلي ما زال موجودا ولم يهدم. لذا نطالب بترميم المبنى والسور ليعود لسابق عهده”.
وأضاف: “لا ننفي المسؤولية الرقابية لمسؤولي الحي. إذ كان عليهم الإشراف ومتابعة الحدث والتعامل معه قبل انتهاء عملية بناء السور. لكن الحمد لله أن السور الأصلي مازال موجودا، ونحتاج التواصل مع الجهاز القومي للتنسيق الحضاري وترميم واجهة المنزل بالطريقة الأمثل”.
وطالب الحريري رئاسة حي السويس بالتدخل لترميم وصيانة حديقة بيت المساجيري. لأنهم سبق وأن طلبوا رسوم إضافية من سكان المنزل لنظافة الحديقة وهي عبئا ماديا علي الأسرة التي تسكن البيت. خاصة وأن الحديقة تعاني من مشكلة بالصرف الصحي حتى لا يتأثر المبنى نفسه”. وأكد كذلك على أهمية وجود الأسرة المقيمة في البيت. معتبرا أن الاستخدام المستدام يخدم المبنى كأثر أو طراز معماري ويحافظ عليه من خلال استعمال مرافقه.

جدل حول تسجيل المبنى
في تقرير سابق لـ«باب مصر – بحري»، قال فاروق خزيم، مدير هيئة تنشيط السياحة الأسبق في السويس: “على الرغم من أن بيت المساجيري هو أقدم مبنى تراثي إنشائي في السويس. ويزيد عمره على 200 عام. إلا أنه غير مسجل كأثر إسلامي”.
وأوضح أن اللجنة الدائمة للآثار زارت البيت عام 1989 وضمت أكثر من 30 عالم آثار. تناوبوا على زيارة “البيت” لأكثر من شهرين، فحصوا خلالها جميع أركانه ومنشآته. لكن في النهاية، انتهت اللجنة إلى عدم وجود شواهد أثرية تثبت أن البيت أثري. ومع ذلك، أشادت اللجنة بالحالة الإنشائية للبيت رغم مرور الزمن.
اقرأ أيضا:
في مديح المانجو.. بين تراث السمسمية وربابة متقال
سياحة الطيور في بورسعيد.. كيف بدأت وإلى أين تتجه؟
«ملتقى السمسمية».. احتفاء بتوثيق عالمي ومطالب محلية لدعم العازفين