إنذار بهدم مقبرة يحيى حقي في ذكرى رحيله الثلاثين

 يتجدد الجدل بشأن تهديد مقابر رموز الثقافة والتاريخ المصري بالهدم والإزالة. وكان آخرها إنذار بالهدم لمقبرة عائلة حقي بمقابر السيدة نفيسة التي تم دفن الكاتب والروائي الراحل يحيى حقي بها. وتناشد ابنته الرئيس عبدالفتاح السيسي بالتدخل لمنع قرار الهدم كما حدث مع مقبرة رمز آخر من رموز الثقافة المصرية طه حسين.

إنذار شفهي 

30 عاما خُلِد فيها رائد القصة القصيرة في مقبرته بالسيدة نفيسة، منذ رحيله في 9 ديسمبر 1992، صاحب المسيرة الأدبية الحافلة. وبدلا من إحياء ذكراه الثلاثين بالورود تبدل الوضع برسم علامة حمراء على المقبرة تمهيدا لهدمها.

علم “باب مصر” بتلقي الكاتبة نهى يحيى حقي منذ يناير الماضي إنذارا شفهيا من خلال “التُربي”. والذي ردد أقاويل بشأن هدم مقبرة عائلة حقي، المدفون فيها والدها تنفيذا لوصيته.

لكنها لم تعر الأمر اهتماما نظرا لعدم وجود ما يثبت هذه الأقاويل. وتجدد الجدل هذه المرة بوضع علامة حمراء على مقبرة عائلة حقي ومن بينها “يحيى حقي”. وإبلاغ “التُربي” وأفراد عائلة حقي بضرورة سرعة نقل رفات الموتى خلال أيام تمهيدا لهدمها لأنها تقع ضمن أماكن تخضع لخطة تطوير بالقاهرة.

سرعان ما لجأت الكاتبة نهي حقي لمواقع التواصل الاجتماعي. وكتبت عبر حسابها: “أبي في ذمة الله لا يملك الاستغاثة. الوجيعة كبيرة والشكوى لم تعد لها قيمة”. وكشفت في تصريحات خاصة لـ«باب مصر» تفاصيل الأزمة إذ تخطط العائلة لنقل الرفات ومن بينهم الأديب يحيى حقي لمقبرة في منطقة العاشر من رمضان بعد إبلاغهم بأن المقبرة ستهدم.

أمنية لن تتحقق!

لم يصل لأفراد العائلة حتى الآن إخطار رسمي بهدم المقبرة. لكن الأسرة تناشد الرئيس عبدالفتاح السيسي بالتدخل للتراجع عن تنفيذ قرار إزالة مقبرة الأديب يحيى حقي، التى تقع خلف مسجد السيدة نفيسة.

وتستكمل ابنته: “ما وصلنا قبل أشهر كانت أقاويل أن المنطقة قد تخضع لعملية تطوير يُهدم على إثرها بعض المقابر لكن لم يصلنا أوراق رسمية. حتى أبلغني أفراد من الأسرة بضرورة سرعة نقل الرفات”.

اختار عمال المنطقة نقل الرفات إلى منطقة العاشر من رمضان. لكن دفن الأديب يحيى حقي بمقابر عائلته في السيدة نفيسة كانت رغبته برفضه الدفن في تركيا التي تنحدر منها أصوله، أو في فرنسا مع زوجته الثانية.

“وقع الأمر صعب جدا بالنسبة لي لأنني أعرف أنها وصية هامة جدا من والدي بأن يُدفن في مدافن الأسرة. بالإضافة إلى أهمية المكان لأنه يجاور السيدة نفيسة في مكان البقيع الصغير. الذي يتضمن مشاهد وأضرحة آل البيت”. هكذا قالت لـ”باب مصر”.

صاحب “أم العواجز” يفارقها!

اعتقدت الكاتبة المصرية أن أمنية أبيها الأخيرة قد تحققت بدفنه في مدافن السيدة نفيسة. “مع روحانيات وعطر آل البيت” على حد وصفها. خاصة أن كتاباته عبرت عن “آل البيت” بكل المشاعر التي يعيشها المصريين معهم والتبارك بهم، وتجربته أيضا وحبه لهم.

جنازة يحيى حقي منذ 30 عاما

كان يحيى حقي مولعا بقصص آل البيت، ودورها في تشكيل الثقافة المصرية وخصص جزءا كبيرا من كتاباته عن السيدة نفيسة والسيدة زينب، مثل “أم العواجز” و”قنديل أم هاشم” التي تحولت لفيلم روائي عام 1968. واحتل المركز 63 ضمن قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية.

لا ترفض ابنة الأديب المصري عملية التطوير. وتقول: “التنظيم والتطوير مسألة حضارية جميلة تسعدنا، لكن لابد من التفكير في محاولة التطوير دون أن يلحق الرموز المصرية أي ضرر حتى وإن كانوا موتى. لأن هذا المكان تاريخي منذ آلاف السنين ويعد من تراث مصر ويجاور مقبرة أبي مقبرة السيدة نفيسة فهل ستُهدم هي الأخرى!”.

نقل الرفات لفرنسا

رغم بُعد مقبرة الأديب طه حسين عن مقبرة يحيى حقي، لكن كلاهما كان متزوجا من فرنسية. وبعد تهديد المقبرة الأولى بالهدم أعلنت عائلته عن نقل رفاته إلى فرنسا. فهل تكرر ابنة يحيى حقي طرح القضية نفسها. أجابت موضحة أنها ترفض تدخل أي دولة أجنبية في مسألة هدم مقبرة والدها.

وقالت لـ”باب مصر”: “خارج مصر يحولون المقابر العامة إلى مزارات، لكن هذا لم يكن حلمه. يحيى حقي كان مصريا وطنيا أراد أن يتم دفنه في أرض مصر، وله جملة كان يرددها دائما وهي – إذا عصرتم دمي بمعصرة القصب هتلاقي آخر نقطة في دمي مصرية – ومصريته ومحبته لأهل مصر كبيرة لا أستطيع أن أخالفها”.

جائزة نوبل

لم تخفى قيمة الأديب الراحل يحيى حقي عن أدباء القرن الماضي، والذي اعترفوا بمكانته. وقال الأديب الراحل نجيب محفوظ عنه في مقدمة كتاب “رسائل يحيي حقي إلى ابنته”: “إذا كان الأستاذ حقي قد غاب بجسده عنا، فإن أعماله لا تغيب..

وقد بقى أثرها في نفسي لا يمحى أبدا. وعلى المستوى الإنساني أشعر من ناحيته دائما بشعور طيب جميل لا يتغير أبدا. أما حياته فقد كانت بالنسبة لي ثروة كبيرة. وكانت وفاته خسارة أكبر..

ولا أخفي أنه كان من الناس الذين حزنت عليهم حزنا شديدا جدا. فقد كان صديقا لا يُعوض، نزيه الفكر، صافي القلب، بسيطا ممتعا في كتاباته وأحاديثه”.

وتابع عن إهدائه جائزة نوبل: “حين فاز الأدب العربي بجائزة نوبل ممثلا في شخصي. رشحت وأهديت الأستاذ يحيى حقي هذه الجائزة كواحد من المبدعين الممتازين الذين يستحقونها لولا الحظ الذي لم يجعلهم ينالونها. فقد كانت القصة القصيرة التي كان يكتبها الأستاذ يحيى حقي من أجمل ما كُتب في الأدب المصري والعربي المعاصر، هو أحد عمدها المؤسسين”.

اقرأ أيضا:

القاهرتان (12): بين رضوى ويحيى حقي.. هل قنعت المدينة القديمة فعلا بماضيها؟

مشاركة
زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر