مقبرة «باشدو».. نقوش ومناظر فريدة تشكو قلة الزيارات في غرب الأقصر

في غرب الأقصر تقع مقبرة «باشدو» كبير الخدم في عصر الرعامسة والذي كان مسؤولا عن تصميم وبناء المقابر الملكية آنذاك. تتميز المقبرة بنقوش ومناظر فريدة تضاهي المقابر الملكية المتواجدة في المدينة وبالرغم من ذلك تفتقر الزيارات، إذ لا يعرفها الكثير سواء السياح أو المصريين باستثناء المهتمين بالتاريخ.. «باب مصر» يلقي الضوء على المقبرة وتصميمها.

مقبرة باشدو

يقول محمد وهبي، مفتش آثار بمنطقة البر الغربي لـ«باب مصر»: “مقبرة باشدو تقع في منطقة دير المدينة، التي كانت منطقة سكنية في مصر القديمة. إذ يسكنها كبار الخدم في الدولة وأيضا من يعملون في تجهيز وبناء مقابر الملوك والأمراء. هي من أجمل مقابر النبلاء في دير المدينة، توجد على ارتفاع نحو 50 مترا فوق تل جبلي. ويعلو المقبرة من الخارج هرم يرمز لعبادة الإله رع – عين الشمس”.

وتابع: الغرض من بناء الهرم أعلى المقبرة هو اتصال روح المتوفي بالإله. وهناك أسطورة قديمة تقول إن بداية الخلق كانت على تل هرمي أو جبلي. والهرم أعلى المقبرة يرمز لبداية الخلق عند المصري القديم. أما عن صاحب المقبرة “باشدو” فكان يعمل مهندسا مسؤولا عن تصميم وبناء المقابر الملكية وكذلك القصور والمعابد الملكية والجنائزية في فترة حكم الملك سيتي الأول ورمسيس الثاني في الأسرة التاسعة عشر.

يضيف وهبي: أشرف “باشدو” على بناء مقبرته في كل ما تحتاجه من تصميم وبناء وتزيين ونقوش، وبالرغم من صغر مساحة المقبرة مقارنة بالمقابر الملكية إلا أنها تحتوي على نقوش رائعة وفريدة تصف مرحلة ما بعد الموت. كما أن النقوش محتفظة بألوانها الزاهية حتى الآن، ومنها منظر باشدو راكعا تحت نخلة مثمرة يشرب الماء من البحيرة. اعتقادا منه أن البحيرة في الجنة وهو يشرب منها. وهذا المنظر أثار الكثير من الجدل إن كان باشدو ساجدا للإله أم يشرب من البحيرة.

وصف المقبرة

يستكمل وهبي وصف المقبرة ويقول: “في بداية المقبرة يوجد ممر على جانبيه صورا لتمثال الإله أنوبيس قابعا فوق مقصورته لحراسة المقبرة. وفي الأمام تصور للإله أوزوريس يجلس في هيبة وشموخ في مشهد للحياة الأخرى بعد الموت. كما تحتوي المقبرة على مناظر ونقوش فريدة للإلهة حتحور في الجوانب والسقف. وصور لباشدو في مرحلة ما بعد الموت وسط الأشجار وهو يتعبد ويقدم القرابين للآلهة برفقة زوجته وابنه.

وفي نهاية غرفة الدفن يوجد بقايا التابوت وقد سجل عليه نصوص من كتاب الموتى، ومنظر يمثل الإله أنوبيس وهو يعتني بمومياء المتوفي الراقدة وفي السقف صور للآلهة وكذلك نقوش لأناشيد موجهة لعين رع “الشمس”. وفي الناحية الأخرى تجد مناظر للآلهة أوزيريس وجحوتي وحتحور ورع -حوراختي، ونيت “نيث” وسرقت وأنوبيس ووبواوت”.

قلة الزيارات

تقول فاطمة محمد، مرشدة سياحية: “باشدو كان من كبار الخدم وسر جمال مقبرته أنه كان مسؤولا عن تصميم المقابر الملكية والمعابد التي تميزت بجمالها وروعة تصميمها. فمن البديهي أن يهتم بمقبرته الخاصة وتزيينها وتجهيزها بنقوش رائعة تضاهي المقابر الملكية. كما تتسم المقبرة بالطابع الديني في نقوشها. فالمقبرة زاخرة بالكثير من المناظر والنقوش من العالم الآخر وحياة باشدو بعد الموت، مما يدل على أن باشدو كان متدينا”.

وعن قلة الزيارات للمقبرة وعدم معرفة العديد بها، توضح محمد: مقابر النبلاء عامة لا تتمتع بالترويج والدعاية الكافية على الرغم من روعتها وجمال نقوشها. بجانب مقبرة باشدو توجد العديد من المقابر الفريدة من حيث النقوش والتزيين مثل مقبرة رخمى رع، ومقبرة بانجم. ومقبرة سن نفر والتي سميت بمقبرة العنب لاحتوائها على رسومات ونقوش لشجرة العنب في جوانبها، إلا أن السائح لا يعرف سوى وادي الملوك ووادي الملكات بالرغم من ارتفاع سعر تذاكر الدخول لتلك المقابر. حيث يصل سعر التذكرة لزيارة مقبرة سيتي الأول 2000 جنيه مصري، ومقبرة الملكة نفرتاري 1500 جنيه.

شركات السياحة

وتستطرد حديثها، أكثر المقابر التي يقصدها السائح هي مقبرة توت عنخ آمون. نظرًا لشهرتها العالمية على الرغم من فقر المقبرة من حيث النقوش والمناظر. وهذا التقصير من حيث الدعاية والترويج يقع على عاتق شركات السياحة التي لا تدرج أي زيارات إلى مقابر دير المدينة ضمن برامجها. لذلك تقتصر الزيارة على وادي الملوك وأحيانًا وادي الملكات. مع أن منطقة دير المدينة قريبة جدًا من مقابر وادي الملوك فلا يستغرق الوصول لها سوى بضع دقائق.

وتختتم فاطمة حديثها وتقول: “يجب على شركات السياحة تسليط الضوء على جميع المناطق الأثرية في الأقصر. فمحافظة الأقصر زاخرة بالعديد من المواقع الأثرية التي تعتبر كنوزًا منسية، وبمزيد من الدعاية والترويج العالمي تصبح مكسبًا كبيرًا للسياحة في مصر”.

اقرأ أيضا:

كيف انتقلت طقوس عيد «الأوبت» الفرعوني إلى مولد أبوالحجاج الأقصري؟

مشاركة
زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر