فيديو| افتتاح قصر «سبع الصعيد».. وحفيدته: تم سرقة كل التحف والوثائق!
كتب – أبو الحسن عبدالستار:
بعد أن ظل مغلقا لما يقارب السنوات السبع، افتتحت أسرة توفيق باشا أندراوس قصر الأسرة بالأقصر أمس، وهو القصر الذي شهد جريمة بشعة عام 2013 بمقتل ابنتي توفيق باشا.
«باب مصر» تجول في القصر الذي تأسس عام 1897 بجوار معبد الأقصر على كورنيش النيل، ليكون أحد القصور التاريخية، وشاهدا على حكايات وطنية تكشف جانبا من كفاح الشعب المصري، حيث شهد استضافة العديد من الرموز التاريخية المصرية أثناء ثورة 19.
سبع الصعيد
يتكون القصر من طابقين، يحوي كل منهما أربع غرف، وصالات واسعة وسقف مرتفع لنحو 6 أمتار، والذي تم تأسيسه على طراز إيطالي، حيث حمل بداخله العديد من الرسومات الإيطالية على الأسقف والحوائط. وكان يحوي تحفا أثرية ووثائق ورسائل تاريخية، مثل الكرسي الذي جلس عليه سعد زغلول وكان منقوشا عليه اسمه وكذلك بيانو أثري ونجف وطقم تحف من الصدف من الأبانوس وسيارة من طراز فريد صممت خصيصا لتوفيق باشا، وما زالت بداخل القصر حتى الآن.
لكن بعد حادثة ذبح ابنتي توفيق باشا، تمت سرقة كافة المحتويات الأثرية والرسائل والوثائق وتم تجريد القصر من كافة الشواهد الأثرية والتاريخية، بحسب ما تقول السيدة هدى ألبير بشارة أندراوس حفيدة آل أندراوس، والتي تسلمت القصر بعد قرار تمكين بصفتها أحد الورثة الشرعيين لأندراوس باشا، مؤكدة أن السرقة تمت من طرف أحد أفراد العائلة، موضحة أنها فوجئت بما حدث داخل القصر وقامت بتحرير محضر بذلك والموضوع في يد النيابة الآن.
وتضيف هدى أنه تم تدمير كافة الأثاث الموجود فيه وتفريغه من المحتويات الأثرية التي تفقد قيمتها إذا عرضت خارج القصر، وأن هذه الممتلكات هي ملك لكافة عائلة أندراوس.
سنوات الرعب
وتروي حفيدة أندراوس ذكرياتها يوم إبلاغها بحادثة ذبح لودي وصوفي بنتي توفيق أندراوس، فتقول إن الأمر كان صدمة شديدة بالنسبة لها، لأنهما كانتا تعيشان في هدوء ومنعزلتين عن الدنيا ولم يكن لهما خلافات مع أحد وكانت تحبهما جدا ولها معها العديد من الذكريات، ويوم الحادثة هي من قامت باستلام جثتيهما ودفنتهما، مشيرة إلى أنها كانت تتوقع قتلهما لأنه سبق وأن تعرضتا لحادثة مماثلة قبل أربع سنوات، عاشتا على إثرها في رعب، وقامتا بتركيب أبواب حديدية في الباب الرئيسي للقصر وكذلك بابا حديدا داخل القصر والذي يؤدي إلى الطابق الثاني، لكنها تستغرب حادثة القتل والتي تمت في مكان يقع على كورنيش النيل وحيوي ومكتظ بالمواطنين ليلا ونهارا، وكيف لا يتم ضبط الجاني حتى اليوم.
وتشير إلى أن صوفي ولودي رفضتا الزواج أحيانا خوفا من الطمع في أملاكهما، وأحيانا خوفا من الاغتراب، بالرغم من أنه تقدم للزواج منهما العديد من الشخصيات المرموقة مثل، ملك الحبشة، وبطرس غالي، وفضلتا العيش دون زواج حتى تجاوزتا الثمانين عاما إلى أن تعرضتا إلى هذا الحادث البشع.
وأكدت أن قرار بيع القصر لوزارة الآثار أو غيرها غير حقيقي، فالقصر ملك لعائلة أندراوس كافة ولن يتم التفريط في قصر شهد أحداثا وملاحم وطنية واستضاف الرموز الوطنية، موضحة أن القصر سيخضع لعملية ترميم في القريب العاجل.
عائلة أندراوس
تعود أصول عائلة أندراوس باشا إلى عائلة بشارة، والتي نزحت من مركز قوص إلى الأقصر للعمل بالتجارة، حيث كانت العائلة تشتهر بالعمل والتجارة والزراعة، وكان أعضاء العائلة من أكبر التجار بطريق البحر الأحمر وآسيا والسعودية، وصنعوا لهم صيتا وشهرة بالمحافظة، وكانوا أول من أسس الفندقة، حيث لم يكن بالأقصر سوى فندق «الوينتر بلاس» الذي أسسه الإنجليز، لكن عائلة أندراوس أسست فندق نيو الأقصر، والأقصر أوتيل وغيرها.
تزوج أندراوس باشا وأنجب توفيق باشا ويسي باشا، وظل يعمل بالتجارة، واشترى العديد من الأراضي الزراعية، التي أسس عليها الكنائس والمدارس والمساجد أيضا، إضافة إلى امتلاك العائلة ما يزيد عن 30 فدان بجوار جزيرة الموز غرب الأقصر، و700 فدان موزعة بمناطق مختلفة مثل العوامية والزينية والمدامود، منها ما أقيم عليها مسجد أبو الحجاج، بجانب أراضي أقيمت عليها مؤسسات، حيث كانوا من هواة العمل الخيري، وإنشاء الجمعيات الخيرية، وأسس أندراوس أول قصور بالمحافظة، قصر ليسي باشا وآخر لتوفيق باشا، لكن قصر يسي تم هدمه، ضمن خطة تطوير الأقصر، وقررت العائلة رفع قضية تعويض على المحافظة لكن لم يتم الحصول على تعويض حتى الآن.
سعد زغلول
وسلك أبناء أندراوس باشا طريق السياسة، حيث حصل يسي باشا على البكوية ثم الباشوية، كما حصل توفيق باشا على الباشوية، وكانت له مواقف وطنية يتذكرها التاريخ، حيث كان توفيق عضو مجلس النواب لثلاث دورات متتالية دون منافس منذ عام 1923 إلى 1935، ولم يجرؤ أحد على الترشح أمامه حيث عرف بوطنيته، وأطلق عليه «سبع الصعيد» بعد مبايعته لسعد زغلول باسم المسيحيين، وكان يتولى إدارة مؤتمرات حزب الوفد، وكان يتبرع بالأراضي والأموال لصالح خزينة حزب الوفد، ويذكر له التاريخ تصديه للحكومة أثناء رفضها استقبال زعيم الأمة سعد زغلول أثناء مروره بالأقصر، لكن توفيق باشا استقبل زغلول بقصره، وقال جملته الشهيرة «إحنا هانرجع سعد بالقوة، وأنا عندي رجالتي«.
عائلة أندراوس كانت من العائلات الوطنية، واستضاف قصر توفيق باشا، بجانب سعد زغلول، كلا من: محمد عبده، وإمبراطور أثيوبيا، وجميع قناصل الدول. وتزوج توفيق باشا وأنجب «جميل وجميلة وصوفي ولودي» حيث توفى جميل وهو في ريعان شبابه، ولحقت به شقيقته الكبرى “جميلة”، وظلت لودي وصوفي بقصر توفيق باشا، حيث درسا بالمدارس الفرنسية.