«حياة جديدة في العمارات القديمة»: كيف يمكن التعامل مع المباني التراثية؟

ضمن فعاليات أسبوع التراث السكندري، أقيمت محاضرة في مكتبة الإسكندرية بعنوان «حياة جديدة في العمارات القديمة»، والتي تحدث فيها المهندسان مجدي صبحي ومصطفى أبوالعلا، معماريان يعملان في شركة تطوير عقاري كبرى بالإسكندرية، عن تدخل رأس المال بشكل واضح في استغلال التراث.

لماذا تُهدم المباني التراثية؟

في البداية تساءل المهندس مصطفى أبوالعلا، متخصص في الحفاظ على التراث وإعادة استخدام المباني الأثرية: “لماذا تُهدم المباني التراثية، ولماذا يجب الحفاظ عليها؟ وأجاب على الجزء الأول من السؤال: “لأن هذه طبيعة الحياة.. لأن المبنى أو العمارة إجابة على سؤال المجتمع في وقت البناء. لكن من طبيعة المجتمعات التغير والتطور، وبالتالي تطرح المجتمعات الجديدة مشاكل تحتاج العمارة إلى أن تجيب عليها وتجد لها حلولا أخرى”.

وتابع: لماذا يُهدم المبنى التراثي؟ هل لأنه يقف في وجه التطور والتقدم كحجر عثرة؟ هناك مدارس مختلفة.. مدرسة تريد الحفاظ على المباني الأثرية، ومدرسة أخرى تريد هدمها. مثلا في باريس تُهدم المباني لو وجد القائمون على التراث تعارضا مع التطور. ونحن نهتم بالمدرسة التي تريد الحفاظ على التراث.

ثم طرح أبوالعلا تساؤلا آخر، لماذا يجب أن نحافظ على المباني التراثية ولا نهدمها؟ لأنها تاريخ وإرث وأصول (وللإحساس بالفخر).. أو “اللي مالوش قديم مالوش جديد!” لكن من الأسباب المهمة أنه عندما تحافظ على مبنى تاريخي تعطي سببا للأجيال القادمة كي تصنع ما هو جميل مثل الماضي.

واستطرد قائلا: “في الشركة التي ننتمي إليها، والمجموعة التي نعمل فيها، نعمل على طريقة للحفاظ على المبنى الباقي من الماضي لنضعه في الحاضر، وإعادة استخدامه ليناسب هذا الحاضر، ولوضعه على خريطة استخدام المجتمع وتحويله من مبنى لا يدر ربحا إلى مبنى يدر الربح. وسيشرح المهندس مجدي صبحي تفاصيل ما نصنعه، لأنه رجل التفاصيل، أما أنا رجل الرؤية الأوسع!”.

التراث السكندري

بدأ المهندس مجدي صبحي، كلمته بالإشارة إلى كيفية تعرفه على فعالية أيام التراث السكندري من خلال إحدى الجولات. وبعدها قال: “نحاول تقديم خدمات ونلبي احتياجات المجتمع المعاصر، وهي التسوق والسكن والعمل والفنون والثقافة، والعمارات خاصة الموجودة في وسط البلد”.

وشرح كيف تم تحويل مبنى تاريخي قديم عبارة عن عمارة سكنية بنيت في عام 1928. حيث تم تحويل الدور الأرضي إلى محلات وأماكن للتسوق، وتحويل الدور الأول إلى مبنى إداري، والأماكن السكنية ظلت سكنية، والجزء الأعلى تحول إلى شقق فندقية. وهذه التغيرات مرحلية تكلفتها عالية ومخاطرها عالية أيضا. لذلك يتم العمل بشكل مرحلي وتدريجي للتأكد من أن الخطة جيدة: “أعمل أجزاء من المبنى وأتعلم وأكمل في الأجزاء الأخرى”.

وعرض صبحي مبنى آخر تم فتح جميع المحلات في مساحة واحدة مع الحفاظ على الشكل الخارجي للمبنى، بعد العثور على صور قديمة له في مكتبة الإسكندرية. وهنا العائد من المحلات عائد أسرع، والعائد على الاستثمار أسرع في المحلات والمكاتب من الجزء السكني والفندقي.

هنا تساءل أحد الحضور: “هل ما تم تدميره من مبانٍ أثرية وتاريخية يمكن تعويضه؟”، وأجاب “صبحي”: “ما تم تدميره لا يمكن تعويضه. حجم الضرر كبير لكن المتبقي من المباني الأثرية كبير ويمكننا الاستفادة منه بالجدوى الاقتصادية للعقارات”.

تنوع ثقافي وحضاري

أثناء المناقشات تدخل المهندس مصطفى أبوالعلا وطرح تساؤل: “من يملك المباني؟”، وأجاب: “بسبب التنوع الثقافي والحضاري، القضية صاحبها ليس واحد، وبالتالي المهتم بالقضية هم الطبقة المثقفة فقط، والسبب في الإسراع بالهدم أو تدهور المباني الأثرية قانون عدم المساس بأي مبنى أثرى دون تطوير. وهذا لم يكن جيدا للتعامل مع التراث”.

وأضاف، ما حدث في بيروت للحفاظ على الجمال الخاص لكن دون استخدامه، لكن نحن هنا نعمل على توعية المجتمع بأهمية المبنى التراثي من خلال استخدامه.

وهنا قال أحد الحاضرين: “عرفت من موقع شركتكم أنكم تمتلكون عقارات في القاهرة، كما تمتلك شركة أخرى كبرى عقارات كبيرة في وسط البلد، فهل توجد فرصة للتعاون ما بينكما؟ هل يوجد حوار بين المطورين للعمل على منطقة واحدة ولتطوير وسط البلد كمنطقة مش العمارات بس؟”.

أجاب المهندس مجدي صبحي: “الشركة الأخرى منافسة، لكن توجد استشارات وتعلُّم من تجاربهم”.

تراث وسط البلد

ويشير المهندس مصطفى أبوالعلا إلى أنه تم إنشاء هيئة من قبل رئيس الوزراء ومحافظ البنك المركزي وآخرين للحفاظ على تراث وسط البلد، على غرار إدارة القاهرة التاريخية. لكن الهيئة لم تستمر في العمل وأصبح القانون هو: “دعه يعمل.. وخلينا نشوف!”.

وأضاف أحد الحضور، أن مجهود شركة كبرى في القاهرة صناعة قشرة خارجية دون تطوير حقيقي. مطالبا بالاهتمام بعمارات مختلفة في الإسكندرية. ورد المهندس مجدي صبحي، أن اهتمام الشركة لن يخرج عن وسط البلد، لأنه عندما يطور عمارة يرفع القيمة السوقية لها وكذلك العمارات التي بجوارها. ولم تشترِ الشركة عقارات أخرى. لأن الربحية والعائد الاستثماري أهم من الأهمية التراثية والتاريخية للمبنى.

اقرأ أيضا:

«تراث الإسكندرية في الأرشيف».. محاضرة ضمن فعاليات أيام التراث بمكتبة الإسكندرية

مشاركة
زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر