ضوابط اقتناء قطع أثرية بدون صك شراء.. القانون المصري يجيب
بين المهملات القديمة يعثر العديد من تجار الخردة على مقتنيات أثرية دون معرفتهم بقيمتها أو تاريخها، كذلك تنتشر أسواق القطع القديمة في محافظات مصر، التي بعضها يتضمن عملية بيع قطع أثرية تم العثور عليها بالصدفة، مثل العملات القديمة أو التحف أو قطع مجوهرات وغيرها من الآثار، ويظل السؤال “ماذا لو حصل مواطن مصري على قطعة منهم لاقتنائها عن طريق الشراء أو هدية دون معرفة تاريخها أو امتلاكه ما يثبت ملكيتها؟ هل يُهَدد بعقوبات قانونية؟ وكيف يثبت امتلاكه لها دون معرفته بتاريخها؟”.
عقوبات قانونية
يجيب على هذا السؤال د.حامد جبر، أستاذ القانون الدستوري، إذ يقول لـ«باب مصر»: إن القاعدة العامة للشرع والقانون في الأصل هي براءة الذمة ما لم يثبت العكس، وفيما يتعلق بالقطعة الأثرية، فإنه لابد لمن يمتلكها أو يحوذها أن تكون طريقة حيازته لها شرعية سواء بالشراء أو الإهداء، مضيفا أنه في حالة الإهداء يجب ذكر مصدر الهدية.
وحال عدم إثبات هذا الأمر فإنه يعرض نفسه للعقوبات القانونية، ويوضح جبر، أن ذلك في حالة القطع الأثرية المصرح ببيعها أو تداولها، لأن هناك قطع أثرية غير مُصرح ببيعها، مثل القطع الأثرية المعروضة في المتاحف والآثار مثل الأهرامات وغيرها، وكل القطع الأثرية التي قامت وزارة الثقافة بضمها للمتاحق يتم ترقيمها وتسجيلها في منظمة اليونسكو باعتبارها الجهة الدولية المنوطة بتتبع الآثار التي من الممكن تهريبها من البلد الأصلي لها.
وبحسب تصريحات أستاذ القانون الدستوري، فإن من يمتلك قطعة أثرية للاحتفاظ بها لابد من حصوله على صك شرائها أو مصدر شرائها حال أنها مصرح ببيعها، حتى لا يخضع للتجريم في القانون المصري، والتجريم القانوني غير متعلق بالقطعة أو تاريخها أو نوعها ويتم اعتباره عمل مخالف وفقا لقانون العقوبات.
أما عن الأسواق الشعبية المنتشرة في محافظات مصر لبيع المقتنيات القديمة، واحتمالية بيع بعض القطع الأثرية دون معرفة تاريخها، أشار جبر إلى أنه يجب التفرقة بين القصد من البيع، فإذا كان يعلم المتصرف فيها أنها ليست قطعة أثرية لا جُرم عليها، وإذا كان يبيعها وهو يعلم تاريخها فيعتبر عمل غير قانوني، حتى حال امتلاكها لشخص آخر يجب أن أن يثبت مصدر حيازته لها.
ماهية الأثر
«تتطلب القطعة القديمة توافر 3 شروط بها حتى يتم اعتبارها قطعة أثرية، وهي أن يكون عمر القطعة تخطى 100 عاما، وأن تكون نتاج الأرض المصرية، وأخيرا أن تكون ذات قيمة» هذا ما أوضحه د. حسين عبدالبصير، مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية والمشرف على مركز زاهي حواس للمصريات بمكتبة الإسكندرية.
ويتابع لـ«باب مصر»: الطوابع أو العملات من الفترات اليونانية أو الإسلامية في مصر تعتبر أثرية، لأن مر عليها أكثر من مائة عام، وكذلك مقتنيات شخصيات مصرية شهيرة أو تاريخية، ولكن ماذا لو تم اقتناء قطعة متعلقة بشخصية مصرية لم يمر عليها مائة عام مثل قطعة من مقتنيات الملك فاروق أو الرئيس جمال عبدالناصر؟
يجيب عبد البصير قائلا: “في هذه الحالة يتم التواصل مع المختص بشأن أمر تسجيل الأثر برغم عدم مرور مائة عام، ولكن هذا الأمر يكون استثناء، وحينها يخاطب المتخصص رئيس الوزرء طلبا بضرورة تسجيلها قطعة أثرية، لأنه بعد إتمام المدة التي ينص عليها القانون ستكون الوزارة قد فقط السيطرة على هذه القطعة”.
ضوابط التسجيل
ولفت إلى ضرورة التفرقة بين الأثر والتحفة لأن بعض التحف لا تعتبر أثرية، إلا حال تطبيق شرط من الشروط الثلاثة عليها، ولكن هناك بعض الاستثناءات وفقا لملاحظة الخبير الأثري لقيمتها فإنه يطلب تسجيلها أيضا.
وحال اقتناء الشخص لقطعة أثرية تابعة لدولة أخرى على سبيل المثال، فإنه لا يتعرض إلى عقوبة القانون المصرية إلا في حالتين، الأولى وجود اتفاقية بين مصر والدولة مصدر هذه القطعة تنص على استرداد القطع الأثرية الخاصة بها، والثانية أنها تابعة لشخصية تاريخية غير مصرية ولكن متعلقة بمصر مثل محمد علي حتى الملك فاروق.
يتطبق الأمر أيضا على المنازل على سبيل المثال، حيث يقدر عمر بعض المنازل بأكثر من مائة ولكن ليست جميعها أثرية، حيث يخضع ذلك لتقييم الوزارة لها.
وحال تسجيل المواطن لقطعة أثرية يجب أن يمتلك ما يثبت شرائها أو إثبات أنها آلت إليه بالميراث، وبعد تسجيلها تصبح ملك الشخص ولكن بمتابعة وإشراف الدولة من خلال متابعة دورية للقطعة الأثرية كل 6 أشهر للاطمئنان ومتابعة حالتها، مع شروط عدم التصرف فيها بالبيع ويحق للمواطن توريثها للأبناء فقط، كما أوضح عبدالبصير لـ«باب مصر».
وفي حالة عدم امتلاك صك الملكية ليتم تسجيلها أو توثيقها، يخضع الأمر لتقييم وزارة الآثار من خلال دار الحيازة الأثرية، ودار المقتنيات التي تم تدشينها حديثا في عام 2010، ويقول: “قبل عام 1983 كان القانون المصري يسمح بعملية بيع القطع الأثرية وحيازتها بل وتقسيمها مع دول أخرى، ولكن بعد التعديل وإضافة القانون 117 لعام 1983 تم منع تقسيم الآثار أو المتاجرة فيها”.
وعند عدم تسجيل المواطن للقطعة الأثرية أو إثبات طريقة ملكيتها، فإن مالكها يتعرض لعقاب قانوني، ويضيف مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية: “التعرض للعقاب لأنه يمتلك قطع أثرية بدون معرفة الدولة والتي تعتبره سارقها أو يحوز أثر دون تسجيل أو سند وتطبيق المواد القانونية عليه، وأناشد المواطنين بضرورة تسجيل أي قطعة اثرية حتى يمتلك الشخص حق الاحتفاظ بها دون الوقوع تحت طائلة القانون”.
وفي خارج مصر يوجد ما يُسمى بالمجموعات الخاصة، وهي امتلاك الأشخاص لقطع أثرية مع عمل كتيبات عرض لها تكون ملك وتصرف الشخص، وذلك لأن كل قطعة أثرية لا تقتصر قيمتها على قيمتها المالية فقط، ولكن العلمية أيضا المفيدة للباحثين والدارسين لاستكمال الحلقات المفقودة.
قانون حماية الآثار
وهذه هي المواد القانونية المتعلقة بتسجيل القطعة الأثرية والعقاب حال عدم إثبات ملكيتها، من قانون حماية الآثار رقم 117 لعام 1983:
الباب الأول:
مادة1
يعتبر أثرا كل عقار أو منقول أنتجته الحضارات المختلفة أو أحدثته الفنون والعلوم والآداب والأديان من عصر ما قبل التاريخ وخلال العصور التاريخية المتعاقبة حتى ما قبل مائه عام متى كانت له قيمة أو أهمية أثرية أو تاريخية، باعتباره مظهرا من مظاهر الحضارات المختلفة التي قامت على أرض مصر أو كانت لها صلة تاريخية بها، وكذلك رفات السلالات البشرية والكائنات المعاصرة لها.
مادة6
تعتبر جميع الآثار من الأموال العامة – عدا ما كان وقفا – ولا يجوز تملكها أو حيازتها أو التصرف فيها، إلا في الأحوال وبالشروط المنصوص عليها في هذا القانون والقرارات المنفذة له.
مادة7
اعتبارا من تاريخ العمل بهذا القانون يحظر الاتجار في الآثار ويمنح التجار الحاليون مهلة قدرها سنة لترتيب أوضاعهم وتصريف الآثار الموجودة لديهم ويعتبرون بالنسبة لما يتبقى لديهم من آثار بعد هذه المدة في حكم الحائزين ويسرى عليهم الأحكام المتعلقة بحيازة الآثار والمنصوص عليها في هذا القانون.
مادة9
يجوز لحائز الأثر التصرف فيه بأى نوع من أنواع التصرفات بعد الحصول على موافقة كتابية من الهيئة وفقا للإجراءات والقواعد التي يصدر بها قرار من الوزير المختص بشؤون الثقافة وبشرط ألا يترتب على التصرف إخراج الأثر خارج البلاد، ويسرى على من تنتقل إليه ملكية أو حيازة الأثر وفق لحكم هذه المادة أو بطريق الميراث أحكام الحيازة المبينة في هذا القانون.
الباب الثاني: تسجيل الآثار وصيانتها والكشف عنها
مادة24
على كل من يعثر مصادفة على أثر منقول أو يعثر على جزء أو أجزاء من أثر ثابت فيما يتواجد به من مكان أن يخطر بذلك أقرب سلطة إدارية خلال ثمان وأربعون ساعة من العثور عليه، وأن يحافظ عليه حتى تتسلمه السلطة المختصة وإلا يعتبر حائزا لأثر بدون ترخيص، وعلى السلطة المذكورة إخطار الهيئة بذلك فورا، ويصبح الأثر ملكا للدولة وللهيئة إذا قدرت أهمية الأثر أن تمنح من عثر عليه وأبلغ عنه مكافأة تحددها اللجنة الدائمة المختصة.