صور| كيف وصلت “الفريكة” من بلاد الشام لمصر؟
تصوير: أحمد دريم
قديما كانت مهمة صنع “الفريكة” تقع على ربات البيوت، إذ كان يكتفي الفلاح بقطع سنابل القمح وهي خضراء قبل السواء وتشوينها في أجولة والعودة بها للمنزل، لتبدأ مهمة ربة المنزل في حرق وتحميص السنابل وتقليبها في الشمس قبل إرسالها للمطحن، وهي المرحلة النهائية لخروج حبات الفريك وتخزينها، إلا أن ذلك اختلف الآن فأصبح كل هذا يتم في الأرض الزراعية.
وذكر كتاب “الثروة النباتية عند المصريون القدماء“، أنه عُثر علي كمية من القمح في مخازن بني سلامة منذ العصر الحجري الحديث وكميات من حبوب القمح قرب أفواه المومياوات، وأنواع مختلفة داخل أغلفتها في آثار تاسا، والمستجدة، والفيوم، والبداري، ونقادة، وأرمنت بمصر العليا.
موسم الفريكة
يبدء موسم إنتاج “الفريك” في النصف الثاني من شهر إبريل، حتى الأسبوع الأول من شهر مايو، وتعتبر قرى مركزي صدفا والغنايم من أشهر قرى محافظة أسيوط، في إنتاج ذلك، ويقوم التجار ببيعه لمختلف الدول العربية، كونها تعتبر واحدة من أشهر الأكلات الشعبية القديمة حول العالم.
أسماء مختلفة لـ”الفريكة”
عرّف الدكتور حسين علي موصللي، في كتابه “الحبوب الغذائية” الصادر في عام 2006، القمح الأخضر بأنه يطلق عليه “الفرِيكة” في بلاد الشام، أو “الفريك” في مصر أو “القرة خرمان” في شمال العراق، وذكر أن حبوب القمح أو الحنطة الخضراء هي حبوب القمح غير الناضجة والتي يحصل عليها بشيء من سنابل القمح الداجنة قبيل وصولها إلى مرحلة النضج الكامل، ثم إزالة القشور عنها وتجفيفها، وقد يتم جرشها في حال الرغبة.
بشرة خير
فيما ذكر محمود مفلح، في كتاب “تقاليد الفلاحة في التراث الشعبي”، الصادر عن الهيئة العامة السورية للكتاب، أنه سميت الفريكة بهذا الاسم لأن السنابل حصدت وهي “فريك”، أي لم تيبس بعد فيقال أفرك القمح والحمص، أي صار فريكا واقترب موعد حصده، والتفريك قطع السنابل وهي ما زالت خضرا لم تيبس، والفريكة من الأكلات الشعبية المحببة، وتطبخ بطرق متعددة، فالفريكة بشارة خير بجودة الموسم، ونجدة للفلاحين الذين شحت مؤونتهم، وإشعار للجميع باقتراب موعد الحصيدة، ليجهزوا أدواتهم وعدتهم، وفي بعض السنين يظل الفلاح يطبخ فريكة أياما لنقص الطحين وفقدان القمح في بيته، لكن الفريكة لا تعوض عن الخبز.
موعد الإنتاج
يوضح درويش قدري، فلاح بقرية كوم أبوحجر التابعة لمركز صدفا، أن الإنتاج له مواعيد محددة سنويا، وغالبًا تكون في شهري إبريل ومايو من كل عام ويحدد الموعد عندما يظهر في السنابل حبوب القمح الخضراء، وبعدها يتم العمل من خلال قطف السنابل الخضراء في وقت مبكر من اليوم أي قبل الساعة الحادية عشر صباحا حتي لا تتلف من حرارة الشمس.
طريقة العمل
تابع قدري: يتم جمع السنايل التي تم قطفها على أجولة ونقلها وفرشها على الأرض في شكل “مصاطب” طولية. وتترك معرضة إلي أشعة الشمس حتي موعد العصر. وبعدها يتم تقلبيها باستخدام أداه يطلق عليها “مجراية”. وهي ذات يد طويلة، ويقفان عاملين في مواجهة بعضهما، ويشعلان النيران في بداية المصطبة، مع “تقليب” تلك السنابل بشكل متزن.
درس الفريكة
يوضح درويش، بعد الانتهاء من عملية الحرق تترك تلك السنابل على الأرض حتى نهاية اليوم. ثم تُجمع بواسطة أداه يطلق عليها “شوكة”، وهي تشبه أسنان المشط. وبعدها تنقل هذه السنابل إلى مكان آخر يطلق عليه المصطاح. وتترك تلك السنابل المحروقة يومين أو ثلاثة، وبعدها “تُدرس” بماكينة دراسة القمح.
تصدير
يشير قدري، إلى أن الفريك الأسيوطي يتم تصديرة لمختلف أنحاء العالم. حيث في هذه الأيام يأتي تجار من دولة الأردن وغيرها لشراء الفريك من تجار محليين ومن ثم تصديرها بسيارات كبيرة.
الهوامش
- كتاب الثروة النباتية عند قدماء المصريين، للمؤلف وليم نظير، الصادر عن الهيئة العامة للتأليف والنشر 1970.
- كتاب الحبوب الغذائية للدكتور حسين علي موصللي، الصادر في عام 2006.
- كتاب تقاليد الفلاحة في التراث الشعبي للمؤلف محمود مفلح، الصادر عن الهيئة العامة السورية للكتاب.