حوار| بعد فوزه بجائزة ساويرس لأفضل نص مسرحي.. عيسى جمال الدين: مفيش حياة ثقافية في مصر
لم يمنعه صغر سنه في بداياته الأدبية من الإمساك بالقلم، وتحرير ما في قلبه من أفكار، ورغم صغر هذه الحكايات والتي لم تخرج من إطار فصله بالمدرسة الثانوية، إلا أنه استطاع بمساعدة شقيقه من جعل حلمه حقيقة؛ ليحصل عيسى جمال الدين بعد أكثر من عشرين عامًا على جائزة ساويرس الثقافية لأفضل نص مسرحي بعنوان “الساعة الأخيرة من حياة الكولونيل”.
وكان “موقع ولاد البلد” على موعد مع الكاتب عيسى جمال الدين ليأخذنا في جولة عبر العشرون عامًا الماضية من عمره، والتعمق في حاضره ومستقبله، وإلى نص الحوار:
في البداية.. هل تحدثنا عن كتاباتك الأولى؟
كانت المرة الأولى التي أكتب فيها منذ عشرين عامًا، وكنت طالبًا في المرحلة الأولى من الثانوية العامة، واعتدت على كتابة القصص القصيرة، ذات المحتوى الساخر، وكنت أقرؤها على أصدقائي في الفصل، وحملت تلك القصص اسم “يوميات إنسان صريح”، وكل يوم أتحدث عن موضوع مختلف مثل؛ الموضة، عادة المجاملات.
إذًا هل فكرت في نشر تلك القصص الساخرة؟
في الحقيقة، لم أسع إلى نشر قصصي، وذلك لعدم خبرتي بالسوق وطلبات الجمهور، وأي الأعمال التي يمكن أن تنشر، وأضيف إلى ذلك لا أملك أي علاقات مع دور النشر، ولكني بدأت بالتفكير في نشر مؤلفاتي؛ لأنني تلقيت عروض مختلفة من عدد من دور النشر.
هل تعتقد أن فوزك بجائزة ساويرس له علاقة بتلقيك لتلك العروض حاليًا؟
أعتقد أن حصولي على جائزة ساويرس سببًا أساسيًا في عروض النشر، لأنه من دونها “مكنش حد هيعبرني”، ورغم تفضيلي لتنفيذ العروض المسرحية على خشبة المسرح، إلا أنني سأبدأ في البداية بنشر النص المسرحي الفائز “الساعة الأخيرة من حياة الكولونيل”، ويليه القصص القصيرة وحكايات “يوميات إنسان صريح”.
ولماذا تعتقد أن تنفيذ النص المسرحي أفضل من نشره؟
أعتقد أن دور المسرح؛ إثارة ذهن المتلقي، فدوره تفاعلي، وأرى أن المسرح فن حي وحيوي جدًا، وتنفيذ العمل على المسرح يحقق متعة للمشاهد بصورة أكبر من تلقيه للنص مكتوب.
إذًا أنت تفكر في تنفيذ نص “الساعة الأخيرة من حياة الكولونيل” على خشبة المسرح؟
في الحقيقة أنوي المحاولة مع رئيس البيت الفني للمسرح إسماعيل مختار، والذي اعتبره أحد الأشخاص المحترمة، بالإضافة إلى وقوفه بجانبي كثيرًا في مشاريعي السابقة في البيت الفني للمسرح، فكانت التجربة الأولى بعنوان “نقطة حدود” من إخراج باسم قناوي، وحصل النص على جائزة ألفريد فرج من المجلس الأعلى للثقافة عام 2016، وسيعرض على خشبة مسرح السلام.
والمشروع الثاني كان بعنوان “حكايات الغريق” من إخراج عاطف أبو شهبة، وسيعرض على خشبة مسرح الحديقة الدولية، وسيكون من تقديم فرقة الشروق للمكفوفين، وأرى أنها ستكون تجربة جديدة ومميزة؛ نظرًا لموهبة الممثلين الممتازة.
أوضحت أنك بدأت الكتابة من الثانوية العامة.. فمن الذي شجعك على استكمال مشوارك الأدبي؟
إن كلمة السر في مشواري هي أخي مصطفى، فلقد اعتاد على اصطحابي معه إلى سور الأزبكية؛ لشراء القصص والروايات، وعندما كتبت أول قصة، وقرأها، أعجب بها كثيرًا وأشاد بكتابتي كثيرًا، وبعد مرور الزمن اكتشفت تواضع قصتي، وأخي قال لي ذلك لتشجيعي فقط.
هل لكتاباتك في بدايتك دخل في التحاقك بالمعهد العالي للفنون المسرحية؟
بالتأكيد ساعدت، ولكن بشكل غير مباشر؛ لأن قبل التحاقي بالمعهد، شاركت في المسرح المدرسي، بمسرح إدارة المطرية التعليمية، واعتدت أيضًا على كتابة المسرحيات. وأرى أن مسرح الهواة هو المحك النهائي لمدى حبي وإيماني بما أقدمه، رغم عدم وجود مقابل مادي.
ومن أثر بك من الكتاب؟
كان للكاتب محمود السعدني تأثيره في حبي للأدب الساخر، وتلاه الأديب إحسان عبدالقدوس خاصة في روايته “السقا مات”، وكذلك يوسف إدريس، وتلى هؤلاء الكتاب رضوى عاشور وقرأت لها الطنطورية، وثلاثية غرناطة، التي قرأتها أكثر من ثلاث مرات من جمال الرواية وبراعة وشاعرية الأسلوب.
بدأت بالكتابة الساخرة ثم تحولت إلى التاريخ في النص المسرحي “الساعة الأخيرة من حياة الكولونيل”.. فكيف حدث هذا التحول؟
أرى أن الموضوع ليس باختيار الكاتب، ولكنه مرتبط بمدى الانفعال بالحكاية أو المدونة أو الفكرة، فعلى سبيل المثال؛ عندما يعمل المؤلف على فيلم كوميدي ساخر، من الممكن أن يوقفه موقف أو ملاحظة، تلهمه بحكاية جديدة لمسلسل أو فيلم درامي أو مسرحية تراجيدية.
قدمت أعمالًا قصصية وكذلك نصوصًا مسرحية.. فمن وجهة نظرك أيهما أصعب؟
إضافة إلى القصص والمسرحيات، كتبت أيضًا فيلمًا بعنوان “الإمام” وكان من إخراج الراحل محمد رمضان – أحد ضحايا حادث سانت كاترين – ولكن للأسف لم يكتمل المشروع. وأرى أنه لا يوجد شيء صعب وآخر سهل؛ فكل وسيط سواء مسرح، سينما، فيديو، له متعته الخاصة.
فيعتمد المسرح بشكل أساسي على الحوار، فيما تعتمد السينما على الصورة، أما الفيديو فيجب أن يكون هناك زخم من الأحداث التي تمر بها شخصيات العمل. وفي النهاية، ورغم اختلاف الوسيط، إلا أنه يجب وجود للحكاية بداية ونهاية ووسط ونهاية، بالإضافة إلى تجسيد شخصيات العمل بصورة إنسانية تتأثر وتؤثر في التجربة.
ذكرت خوضك لمجال السينما.. فهل تحدثنا عن ذلك؟
كما أوضحت من قبل أنني كتبت فيلم بعنوان “الإمام” ولكنه لم يكتمل رغم التعاقد بيننا وبين شركة أفلام مصر العالمية. وبعد رفض الشركة لإنتاج السيناريو، أعطتنا حرية التصرف في الفيلم. وحاليًا أحاول التواصل مع شركات إنتاج أخرى. وأكثر ما يجعلني مصرًا على تنفيذ الفيلم؛ صديقي الراحل محمد رمضان؛ لأنه كان أحد أحلامه.
ويدور الفيلم عن الناس المقيمة في مقابر الإمام الشافعي. ويناقش فكرة الصراع الدائر بين الطموح والواجب والإيمان.
أوضحت أن لكل نص موقف ومفجر.. فهل تحدثنا عن كواليس كتابتك لمسرحية “الساعة الأخيرة من حياة الكولونيل”؟
تعود القصة إلى عام 2007، وحينها كنت طالبًا بالمعهد العالي للفنون المسرحية قسم دراما ونقد، وقرأت من خلال “صدق أو لا تصدق” أن الطيار الذي رمى القنبلة النووية على هيروشيما في أغسطس 1945، توفي في نفس اليوم بعد خمسين عام. ومن هنا لمعت الفكرة في رأسي وقررت أكتب مسرحية عن ذلك الموضوع. والطريف في الأمر أنه بعد كتابة المسرحية اكتشفت عدم صحة هذه المعلومة.
هل معنى ذلك أنك كتبت النص المسرحي منذ عام 2007؟
لقد تبلورت الفكرة في 2007، ولكني بدأت في كتابتها مايو 2009، ومع انتهاء العام كنت قد شارفت على الانتهاء من الجزء الأول منها، وتوقفت عن الكتابة مدة خمس سنوات، وفي 2014 استأنفت الكتابة فيها مرة أخرى، وأنهيت المسرحية في أغسطس 2014.
أنهيت نصك في 2014 ورغم ذلك تقدمت للجائزة في 2017.. فهل تحدثنا عن تلك الفترة؟
في الحقيقة لقد أنهيت المسرحية في 2014؛ لرغبتي في المنافسة بها في مسابقة الهيئة العربية للمسرح في الإمارات، ومع الأسف لم يأخذ النص أي جوائز. ومن وقتها والنص حبيس داخل أدراج مكتبي، إلى أن قررت تقديمها في مسابقة ساويرس الثقافية، ويرجع سبب تقديمي في المسابقة إلى صديقي محسن الميرغني.
من وجهة نظرك إلى أي مدى تثري المسابقات الأدبية الحياة الثقافية؟
“بيني وبينك مفيش حياة ثقافية في مصر”، قلائل من يهتمون بالقراءة؛ نظرًا للتطور التكنولوجي الذي قضى على فكرة القراءة وقدسية الكتاب، ولكني أرى أن المسابقات الأدبية تساعد بشكل كبير في ظهور نوعيات جديدة ومختلفة من الكتابة.
3 تعليقات