«تعهد الحدائق».. عريضة شعبية لحماية حديقتي «المسلة» و«الزهرية» التراثيتين بالزمالك

أطلق عدد من سكان الزمالك ومبادرة «حدائق الزمالك» حملة بعنوان «تعهد الحدائق» وهي دعوة مفتوحة للمشاركة في توقيع تعهد إلكتروني يدعو إلى حماية حدائق الزمالك العامة والتراثية من الإزالة أو التغيير الجذري.
تعهد الحدائق
يتزامن إطلاق الحملة مع التهديدات التي تواجهها حدائق الزمالك التراثية، والمتمثلة في تغييرات جذرية قد تُفقدها قيمتها التاريخية والبيئية. إذ تتميز حدائق الزمالك ومنطقة ضفاف المجاورة بنمو أشجار عريقة لها تاريخ.
ووفقا لما ورد في الحملة: “هذه المساحات الخضراء، التي يعود عمر بعضها إلى القرن التاسع عشر، أصبحت مهددة اليوم بمشروعات تطوير قد تغيّر ملامحها إلى الأبد”.
الأشجار وذاكرة المدينة
يهدف التعهد إلى إبراز أهمية تحرّك المجتمع للحفاظ على هذه المساحات الحيوية، التي تُعد جزءًا من ذاكرة المدينة. ولجأت مبادرة «حدائق الزمالك» إلى جمع توقيعات للتعهد. باعتباره وسيلة سلمية وفعّالة للتعبير عن رأي المجتمع في قضايا الحدائق التاريخية، والمساهمة في تبني سلوك بيئي مستدام.
وقالت المبادرة في بيانها: “يوجه التعهد رسالة واضحة إلى صنّاع القرار والمستثمرين بأن المجتمع مدرك وملتزم بحماية المساحات الخضراء والتراث المعماري. والمساهمة في صون الحقوق التي يكفلها الدستور لحماية البيئة”.
مطالب بحماية الحدائق
«ستزيد أوراق هذه الشجرة مع كل 100 توقيع» – بهذه العبارة يبدأ التعهد التفاعلي. في إشارة رمزية إلى دور المجتمع في الحفاظ على الأشجار بالحدائق التاريخية.
ويشمل التعهد حديقتي “المسلة والزهرية” التاريخيتين بمنطقة الزمالك، اللتين تعودان إلى عهد الخديوي إسماعيل. حين تحوّلت جزيرة الزمالك في ستينيات القرن التاسع عشر إلى حديقة نباتية تضم مشاتل ونباتات نادرة من أنحاء العالم. إلى جانب إنشاءات معمارية فريدة.
ويناشد منظمو الحملة المجتمع المشاركة في التوقيع، لأن: “الحدائق العامة والتراثية تواجه خطر تدميرها وتحويلها إلى مشاريع استثمارية تحرمنا منها. بدلا من الحفاظ عليها، وهو ما يعد مخالفة لحقوقنا المعلنة في الدستور والقوانين المصرية”.
أهداف التنمية المستدامة
ينص التعهد على دعم جهود ترميم وصون الحدائق التراثية بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة. وتحديدًا الهدف الحادي عشر الذي ينص على الحفاظ على “المدن والمجتمعات المستدامة”. وهو هدف عالمي التزمت به مصر و192 دولة أخرى حول العالم.
كما يتضمن التعهد الالتزام بالحفاظ على الأشجار المعمّرة والتصميم الأصلي للحدائق. بوصفها جزءا من الذاكرة البصرية والبيئية للقاهرة. وضمان حق المجتمع المحلي في المشاركة والتشاور حول أي مشاريع عامة تخص هذه المساحات.
ويؤكد التعهد أهمية إشراك المتخصصين من بيئيين ومؤرخين في وضع رؤى وخطط الحفاظ على الحدائق. وبحسب نص التعهد: “يرفض أصحاب التوقيعات دعم أي مشروع يخالف القوانين أو يهمل معايير حماية الحدائق التاريخية. ويقفون ضد أي خطط تهدف إلى استبدال المساحات الخضراء بمطاعم أو منشآت تجارية. أو تقليص مساحة الحدائق أو البناء على أكثر من 2% من مساحتها كما تحدد القوانين المعتمدة”.
مرجعية قانونية
يستند التعهد إلى مرجعية قانونية، وجاء في نص العريضة: “طبقا لحدود وأسس الحفاظ على جزيرة الزمالك ذات القيمة المتميزة، المعتمدة من المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية العمرانية بقرار رقم 14/ 22/ 06/ 2. فإن الأندية والحدائق العامة تعد مناطق حماية بيئية يتحتم حمايتها، عن طريق تقليل مسطحات إشغال المباني بحيث لا تتجاوز نسبة البناء 5% للأندية و2% للحدائق العامة من إجمالي المسطح. ولا يصرح بفتح أي مبني من مباني النادي على الشوارع المحيطة”.
استغاثة رسمية لرئيس الوزراء
على صعيد آخر، قدمت «المؤسسة المصرية للحقوق البيئية» بتاريخ 23/9/2025 شكوى واستغاثة عاجلة إلى رئيس الوزراء. لوقف مخططات تطوير “حديقة الزهرية التراثية” التي تهدد طبيعتها التراثية.
وأوضحت المؤسسة، بصفتها جهة أهلية معنية بالحفاظ على البيئة، أن الشكوى تتضمن ثلاثة مطالب أساسية. أبرزها وجود شفافية التخطيط والالتزام بالدستور من خلال الوقف الفوري لكافة المشاريع المقترحة الخاصة بحديقة الزهرية. لحين نشر ومشاركة الخطة التفصيلية مع الرأي العام والمجتمع المدني. وذلك بعد التأكد من التزام هذه المشاريع المقترحة بالمواد الدستورية الخاصة بالحفاظ على التراث والبيئة. والتقيد الصارم بدليل التنسيق الحضاري واشتراطاته الخاصة بالحدائق التراثية.
بديل للحفاظ والصون
كما طالبت المؤسسة بتقييم الأثر البيئي والمشاركة المجتمعية، بإلزام المشاريع المقترحة بإجراء دراسة شاملة لتقييم الأثر البيئي (EIA). لضمان وجود مشاركة مجتمعية حقيقية تسمح بالوصول إلى أفضل السبل للحفاظ على هذه الحديثة التراثية.
أما المطلب الثالث فهو تصميم بديل للحفاظ والصون. إذ أكدت المؤسسة استعدادها الكامل لتقديم تصميم هندسي بديل للجهات المختصة يهدف إلى ترميم وصون حديقة الزهرية التراثية. وفق أحدث الأساليب العلمية المتبعة عالميا في التعامل مع الحدائق ذات القيمة التراثية.
توثيق الأشجار النادرة
كشف الدكتور محمد أبو سعدة، رئيس جهاز التنسيق الحضاري، في تصريحات سابقة لـ«باب مصر»، عن دور مشروع توثيق وحماية الأشجار المعمّرة والنادرة في مصر في تسجيل وحماية أشجار حدائق الزمالك التاريخية.
وأوضح أن المشروع، الذي أطلقته وزارة الثقافة ممثلة في الجهاز القومي للتنسيق الحضاري. لا يقتصر على تسجيل الأشجار فحسب. بل يمتد إلى حمايتها وصونها باعتبارها جزءا من التراث الطبيعي الذي يجب الحفاظ عليه.
وعن شمول المشروع لحديقتي المسلة والزهرية، قال أبو سعدة: “المشروع لا يقتصر على حدائق بعينها. بل يشمل أي أشجار نادرة أو معمّرة في مختلف أنحاء الجمهورية”. وأضاف: “الهدف هو توثيق الأشجار المعمّرة والنادرة أينما كانت. فمثلا، يضم حي المعادي عددا كبيرا من الأشجار النادرة والمميزة. وسيتم إدراجها ضمن السجل، تمامًا كما هو الحال في الحدائق التراثية مثل حديقة الأزهر، وحديقة الأزبكية، وحديقة الأسماك، وحديقة النباتات. وحدائق القناطر الخيرية، والحديقة الدولية، وحديقة الحيوان، وحديقة الأورمان وغيرها”.
للتوقيع على تعهد حماية الحدائق من هنا
اقرأ أيضا:
تجريف التربة وطوب خرساني.. ماذا يحدث داخل حديقة «المسلة» التراثية؟
حديقة «المسلة» تحت التهديد: «عريضة» تطالب بوقف أعمال البناء وصب الخرسانة
محضر رسمي ضد أعمال البناء في «حديقة المسلة» التاريخية بالزمالك
هل تخالف الأعمال الجارية بحديقة «المسلة» دليل حماية الحدائق التراثية؟