أيمن مكرم مخرج فيلم «بنقدر ظروفك»: الكوميديا أصبحت «مُعلبَة»!

هل يصمد الحب أمام الظروف والتحديات المختلفة؟ قضية يسلط عليها الضوء المخرج أيمن مكرم في فيلمه الجديد «بنقدر ظروفك» والذي تدور أحداثه في إطار كوميدي سلس يؤكد فيه على أهمية تقدير الظروف المختلفة التي يمر بها الناس. الفيلم من بطولة الفنان أحمد الفيشاوي ونخبة من نجوم الفن أبرزهم: مي سليم، ونسرين طافش، وعارفة عبدالرسول، ومحمود حافظ، ومحمد محمود.

مصير الكوميديا 

في البداية تطرق مكرم للحديث عن «الكوميديا» بشكل عام، إذ يقول:”الكوميديا تحتاج إلى هدوء البال والتركيز، حتى لا تظهر المشاكل على الشاشة، ونحن في الوقت الراهن في أمس الحاجة إلى الكوميديا التي تجذب الجمهور وتمنحهم البهجة والضحك. فالكوميديا اليوم أصبحت مُعلبة كالعبوات المسوّقة على الأرفف، بحيث لا يكفي مجرد تقديم موقف كوميدي، بل يتطلب الأمر هدوءًا وتركيزًا من جميع أعضاء الفريق لإنجاح العمل”.

وتابع: الكوميديا قد تكون أكثر صعوبة مقارنة بالأنواع الأخرى، فلا يوجد فيلم مرهق أو غير مرهق على سبيل المثال، ولكن جميع الأفلام تتطلب جهدا كبيرا من المخرجين والممثلين والفنيين والمهندسين. وأضاف، أن الضحك أصبح سلعة نادرة في هذه الأيام، وعلينا البحث عن كوميديا تشبه تلك التي أبهرتنا في الماضي ومازالت عالقة في أذهاننا حتى الآن، كوميديا لا تنتهي بنهاية العرض.

أفيش فيلم بنقدر ظروك
أفيش فيلم بنقدر ظروك

وإلى جانب الكوميديا، هناك أنواع أخرى من السينما لا تقل أهمية، كالقصص الهادئة والرومانسية والأكشن. ففي القصة الهادئة، يمكن أن تكون هناك لمسات خفيفة تضفي عليها جمالاً، أما الأكشن فيتطلب تركيزًا شديدًا، والرومانسية تحتاج إلى الإحساس بكل تفاصيل الفيلم، بما في ذلك الموسيقى.

أما عن تصنيف الممثل بأنه “كوميديان” فيشير مكرم إلى بعض الممثلين المشاهير مثل عمر الشريف ورشدي أباظة وصلاح ذوالفقار، قدموا أعمالا كوميدية وحققت نجاحا حينها رغم أنهم ليسوا ممثلين كوميديين في الأساس، بالإضافة أيضا إلى ممثلين محترفين وبرزوا في أدوار الكوميديا نجد منهم يوسف وهبي وعماد حمدي.

بنقدر ظروفك

تدور أحداث فيلم بنقدر ظروفك، في إطار كوميدي إذ يعيش حسن “أحمد الفيشاوي” وملك “مي سليم” في إحدى الحارات الفقيرة التي تعتمد على طبخ أرجل الدجاج، كما يتناول الفيلم قضية غلاء الأسعار والاحتكار وجشع التجار، وهل يصمد الحب أمام تلك التحديات؟

وعن كواليس الفيلم وتحديات صناعة السينما يقول مكرم: “فيلم “بنقدر ظروفك” وُجِّه بالطريقة المعتادة من خلال المنتج، ولفت انتباهي اسم الفيلم لأن تقدير الظروف أصبح أمرًا ضروريًا لفهم الظروف المادية والعاطفية والنفسية للآخرين”.

وأضاف: “ما حفزني أكثر هو أن الفيلم يحتوي على استعداد للكوميديا، وهو ما جذبني كثيرًا”. وعن الإعداد للفيلم قال إنها ترجع قبل حوالي 6 أو 7 أشهر. واستكمل: “بدأنا التحضير للفيلم، والذي تم إعداده في توقيت مناسب. وركزنا على العمل على النص، خاصة الجانب الكوميدي الذي يستغرق وقتًا في الكتابة وإعادة الكتابة للوصول إلى أفضل نص ممكن”. مؤكدا أن فريق العمل بذل جهدًا كبيرًا لإخراج الفيلم بالصورة المطلوبة، مشيرًا إلى أنه يأمل أن ينال إعجاب الجمهور.

شائعات التريند

يؤكد المخرج أيمن مكرم أن عملية تحضير الفيلم تمت بالطريقة المعتادة، من خلال معاينة الأماكن والتصوير بشكل منظم. مشيرا إلى أن التحضير للفيلم لم يشهد أي خلافات أو مشاكل خلال مرحلة التصوير. منوها بالتزام الممثلين بالجدول الزمني المحدد والاحترافية التي تميزهم، رغم وجود عدد كبير من الممثلين في العمل.

يقول: “نتجنب الانخراط في الأخبار الكاذبة أو المبالغة في التفاصيل، مثل هذه الأخبار قد تكون مرتبطة بالتريند والانتشار السريع دون أساس واقعي. وفي حال حدوث أي مشاكل، فإننا نحرص على حلها دون أن تؤثر على سير التصوير أو تتسبب في تأخير العمل لأكثر من عشر دقائق”. وأكد مكرم أهمية الحفاظ على الوقت المخصص للراحة والاستجمام للفريق الفني والتقني. مشيرًا إلى أن هذا الأمر يُعد من الضروريات التي تساهم في إنجاح العمل وتحقيق الأهداف المرجوة.

واستطرد حديثه: “من الصعب تجاهل مجهود مئات الأشخاص الذين يعملون على إنجاح أي عمل فني”. وعلق على الشائعات التي طالت الفيلم، بأنه قام أحد الأشخاص باختلاس صورة وتداولها على نطاق واسع رغم وجود العشرات من العاملين في هذا الفيلم.

وتابع: “هذا الأمر يستدعي التساؤل حول ما الذي حدث بالضبط وما هي الفروقات بين نقد العمل الفني وأداء الأفراد العاملين فيه. والذين قد يشعرون بصعوبة تجاهل مجهوداتهم، في رأيي الأجدر هو التركيز على كيفية دفع السينما إلى الأمام”.

السينما ومنصات المشاهدة

يركز مكرم على أهمية السينما واستمرار تقديم الأعمال السينمائية، رغم الاتجاه الجديد نحو صنع مسلسلات قصيرة يتم بثها على منصات إلكترونية. فيقول: “المسلسلات القصيرة والمنصات الإلكترونية أحدثت تغييرًا في عادات المشاهدة السينمائية. والكثير من الناس يفضلون متابعة قصة كاملة. ومع ذلك، لا أعتقد أن هذا يعني أن السينما قد فقدت أهميتها أو علاقتها بالجمهور. فالسينما لا تزال تقدم تجربة مشاهدة فريدة لا يمكن تكرارها في المنزل. فالبيئة الاحترافية للسينما، مع شاشة عرض كبيرة والصوت المحيطي، تضيف بعدًا متميزًا للتجربة السينمائية”.

وتابع: “أعتقد أن كلا الوسيطين – السينما والمنصات الرقمية – لهما مكانتهما وجمهورهما الخاص. والأهم هو أن يستمر الإنتاج السينمائي المتميز، سواء للعرض في دور السينما أو على المنصات المختلفة، بما يلبي احتياجات المشاهدين وأذواقهم المتنوعة”.

أحمد الفيشاوي

يعتبر مكرم الفنان “الفيشاوي” ممثل موهوب وموهبته تستحق الاهتمام والتقدير. إذ يقول: “في الحقيقة، ليس لدينا في مصر الكثير من النجوم ذوي المواصفات العالمية. أي الممثلين القادرين على تقديم أداء متميز داخل مصر وخارجها”. وعلى حد قوله ما يحدد ما إذا كان الممثل كوميديا أو دراميا أو بطلا خارقا هو النص المكتوب بكفاءة واحترافية. فإذا تم إعداد نص مميز، فإننا نستطيع أن نحقق المعادلة التي تجعل أي ممثل قادرًا على تقديم أداء كوميدي مبهر.

وفي هذا السياق، أشار إلى تجربة فؤاد المهندس الذي قدم أفلامًا على طريقة الغرب الأمريكاني. والتي أثبتت أن السينما المصرية قادرة على تقديم كل أنواع الأفلام بشرط وجود إدارة صحيحة وميزانية مناسبة. وإتقان اللغات الأجنبية، قد يكون نقطة ضعف لدى بعض النجوم المصريين المتميزين مثل محمود المليجي. ولكن الإمكانيات العالمية لا تقتصر فقط على التمثيل. بل تشمل أيضًا القدرة على التعامل مع اللغات والثقافات الأخرى. وهذا ما ينقص بعض نجوم السينما المصرية. حيث إن هناك كمية كبيرة منهم ولكن ليس بالضرورة لديهم مؤهلات عالمية في هذا الجانب.

ومن إيجابيات السينما المصرية أن هناك أجيالا من مديري التصوير والمخرجين والكتاب، وأيضًا معهد السينما الذي ينتج عددًا لا بأس به من الكوادر الفنية المتميزة. وهذا ما يخلق زخمًا ملحوظًا، خاصة في مجال الأفلام القصيرة والتسجيلية التي تحصد الجوائز على المستوى الدولي.

صعوبات وتحديات

تواجه السينما العديد من التحديات، تحدث عنها المخرج أيمن مكرم. وقال: “هناك العديد من التحديات المؤسسية والقانونية التي تعيق حركة وتطور هذه الصناعة الهامة. من بين هذه التحديات، التعامل مع السينما كأمر ثانوي في بعض الأحيان. مما يخلق صعوبات في الحصول على التصاريح اللازمة للتصوير في الشوارع والأماكن العامة. وهذا يمثل عائقًا كبيرًا أمام صناع الأفلام الراغبين في تصوير مشاهدهم في بيئات حقيقية ومتنوعة”.

بالإضافة إلى ذلك، هناك بعض القيود والقوانين التي قد تخنق الأفكار السينمائية قبل أن ترى النور. وهذا يتطلب مراجعة هذه القوانين وتحسين بيئة الإنتاج السينمائي، حتى يتمكن صناع الأفلام من التعبير عن رؤاهم الإبداعية بحرية أكبر.

واختتم حديثه: “أعتقد أن هذه التحديات ليست مستحيلة التغلب عليها. فإذا تم تبني مقاربة أكثر تشجيعًا وداعمة للسينما المصرية من قبل المؤسسات المعنية. وإذا استطاع صناع الأفلام مقاومة هذه الصعوبات بإصرار وإبداع، فإن السينما ستظل قادرة على تقديم أعمال فنية متميزة”.

اقرأ أيضا:

المخرج أيمن مكرم: «السوشيال ميديا» سوق سوداء تغتال الفن

مشاركة
زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر