موسم الرمان في أسيوط.. خلية نحل بين الزراعة والتصدير

يشتهر «الرمان الأسيوطي» بطعمه المميز وجودته ذات الشهرة العالمية، ومع بداية موسم حصاد الرمان في أسيوط تتحول قرى مراكز ساحل سليم والبداري وصدفا إلى خلية نحل لا تهدأ. فالمحصول الوفير يجمع في عبوات بلاستيكية، تحمله أيادي العمال إلى الشاحنات ومحطات التعبئة استعدادًا لرحلة طويلة نحو الأسواق المحلية والعالمية. ولا يقتصر المشهد على جمع ثمار الرمان، بل هو موسم ذو تأثير اقتصادي وله بعد اجتماعيًا.
الرمان أشكال وأنواع
يقول إبراهيم عادل، عامل في مزرعة رمان بقرية دير تاسا بساحل سليم: “ورثت العمل في حصاد الرمان عن الآباء والأجداد الذين كانوا يعملون في هذه المهنة. ونقلوا إلينا خبراتهم التي اكتسبوها خلال حياتهم، والتي قضوا أغلبها في زراعة الرمان والعناية به”.
ويتابع عادل: “يوجد أنواع من الرمان، أشهرها في أسيوط الرمان الأسيوطي. الذي يتميز بنضجه المبكر وارتفاع حموضته وانخفاض نسبة السكريات، ويتم جمعه في أواخر شهر يوليو. لذلك فإن المساحات المزروعة منه قليلة مقارنة بالرمان المنفلوطي (البلدي)، المتأخر النضج. والذي يظهر في أواخر شهر سبتمبر وأوائل أكتوبر”.
الأسواق العالمية
لا يتوقف موسم جمع الرمان عند حدود قرى أسيوط، بل تجد ثماره الشهية طريقها إلى الأسواق العالمية. ويضيف عادل أن الجودة العالية واللون والحجم المميز من أهم الأسباب التي تجعل الطلب على الرمان المنفلوطي مرتفعًا. حيث يُصدر إلى العديد من الدول الأوربية والعربية. ومن أبرز الأسواق التي يصل إليها: السوق الروسي.
بطريقة يدوية
يقول أبانوب ممدوح، عامل في جمع وحصاد الرمان: “تتم عملية الجمع بطريقة يدوية، تبدأ من قطف الثمار باليد، ثم توضع في مقاطف. وبعدها تنقل إلى مكان “الفرش” حيث تفرش الثمار. ويقوم أحد العمال بفرزها وتعبئة السليمة منها في صناديق بلاستيكية مختلفة الأحجام حسب طلب السوق المصدر إليه. حيث يعد حجم الثمرة هو العامل الأساسي في اختيار حجم الصندوق”. ويشير إلى أن أصغر ثمار الرمان يتم تصديرها إلى دولة السودان.
الأجود عالميا
“لدينا في أسيوط الرمان الأجود عالميًا”. بهذه الكلمات بدأ محسن ناصف، صاحب محطتي تعبئة وتصدير بمركزي البداري وساحل سليم، حديثه، لافتًا إلى أن محصول الرمان لهذا العام مبشر بخير كبير.
وأضاف أن الموسم يبدأ من منتصف يوليو بجني الرمان عالي الحموضة (الحادق). ثم يبدأ حصاد الرمان البلدي المنفلوطي في شهر سبتمبر، ويمتاز هذا النوع بجودته العالية ولونه الأحمر داخليا وخارجيا.
لكل دولة نوع
يضيف ناصف: “تختلف ثمار الرمان في الحجم، ودورنا في محطات التعبئة بعد استلام المحصول من المزارعين هو فرز وتصنيف الثمار. حيث إن لكل سوق مواصفاته الخاصة. فالسوق العراقي يطلب ثمارا صغيرة الحجم تتراوح بين 200 و350 جراما. بينما يفضل السوق الروسي الثمار الكبيرة التي قد تتجاوز 350 جراما”.
ويشدد على أن الأصناف المعدة للتصدير يجب أن تكون مطابقة للمواصفات وخالية من أي تشوهات. ويشير ناصف إلى أن محافظة أسيوط تصدر سنويا ما يقرب من 137 ألف طن من الرمان. بالإضافة إلى الكميات المخزنة في الثلاجات حتى إبريل من العام التالي، حيث يصدر جزء منها ويخصص الجزء الأكبر للسوق المحلي.
موسم عيد للأهالي
يضيف ناصف: “تتحول القرى والنجوع التابعة لمركزي البداري وساحل سليم خلال موسم جمع الرمان إلى ما يشبه خلية النحل. يعمل معظم الأهالي من عمال ومزارعين وتجار وسائقي سيارات وتروسيكلات في جمع ونقل وبيع المحصول”.
ولفت إلى أن زراعة الرمان في مركزي ساحل سليم والبداري تعود إلى عشرات السنين. وكانت جزيرة البداري أول منطقة ظهرت فيها زراعة الرمان. ومنذ أكثر من أربعة عقود حظيت بزراعة واسعة حتى أصبح المحصول الأول بالمركزين. وزاد اهتمام الدولة به.
وأوضح أنه خلال هذا العام أنشأت الدولة مصنعا للرمان بالمنطقة الصناعية بالكوم الأحمر في مركز البداري. يقوم بتصنيع مشتقات الرمان ويحدد أسعار التصدير، مشيرًا أن هذا كان حلمًا ومطلبًا قديما تحقق بعد 20 عامًا. وسيعود بالنفع على المزارعين، ويرفع من مكانة المحصول وتصنيفه عالميا.
زيادة الطلب على الرمان الأسيوطي
في تصريحات صحفية، قال اللواء هشام أبوالنصر، محافظ أسيوط: “محصول الرمان يعد من أبرز المحاصيل الاقتصادية التي تتميز بها المحافظة. ويشكل مصدر دخل رئيسيا لآلاف المزارعين. إذ تتجاوز المساحة المزروعة بالرمان 11 ألف فدان، يتم تصدير كميات كبيرة منه للخارج نظراً لجودته وزيادة الطلب عليه في الأسواق المحلية والدولية”.
وأشار المحافظ إلى أن موسم الحصاد يوفر مئات فرص العمل للعمالة الموسمية. ما يعزز البعد الاجتماعي والاقتصادي للمحصول. معربًا عن أمله في أن يكون الموسم الحالي موسم خير وبركة ونماء للفلاح.