في دورته الأولى.. ماذا قدم مهرجان الحرف والفنون التراثية بقنا؟
اختتم مهرجان «الحرف والفنون التراثية الأول» بمحافظة قنا، الذي انطلق في الفترة من 5 إلى 8 نوفمبر الجاري، فعالياته وسط أجواء احتفالية تعكس روح التراث والإبداع الشعبي. شهد الختام عروض التحطيب والمزمار، ومعارض الحرف اليدوية، والعروض الطلابية التراثية، مع تكريم الحرفيين والمبدعين الذين ساهموا في الحفاظ على الهوية الثقافية.
فعاليات المهرجان
شارك في الاحتفال فرق من الخيالة والمزمار والتحطيب بالمحافظة، قدمت عروضها من قرى البراهمة والأشراف. كما شهد استاد قنا الرياضي استعراضا للخيول التي رقصت على أنغام المزمار. وامتدت عروض التحطيب لتشمل شوارع مدينة قنا. وانتهت حلقات التحطيب في معبد دندرة واستاد قنا الرياضي.
اهتمام المحافظة بالتراث
حول المهرجان، قال حازم عمر، نائب محافظ قنا لـ«باب مصر»: “نشارك في أنشطة الحرف التراثية للمهرجان في دورته الأولى. وسنعمل على إقامته كل عام، للحفاظ على التراث المادي واللامادي والفنون والحرف التراثية التي تشتهر بها المحافظة. المهرجان يسلط الضوء على الألعاب الشعبية مثل التحطيب والمرماح، والحرف مثل الفخار القناوي. وعملت المحافظة على مدار السنوات الماضية على رفع كفاءة الحرفيين”.
وأضاف: “الهدف الأكبر هو تعريف الأجيال الجديدة بتلك الحرف والألعاب وأهميتها للحفاظ على تراثنا وهويتنا. ويتماشى هذا الاحتفال مع سياسة المحافظة في تعزيز السياحة الريفية. حيث يتوسط معبد دندرة الحياة الريفية”.
التحطيب.. لعبة رجولة وشهامة
شارك في المهرجان عدد من لاعبي التحطيب، من بينهم يحيى محمد العربي من قرية حجازة، الذي قال: “ورثت التحطيب عن جدي وأبي. وأشارك في كل المهرجانات والموالد مثل موالد سيدي أبو الحجاج بالأقصر، وسيدي عبد الرحيم القناوي. ومولد الحسين والسيدة زينب بالقاهرة، وإسنا وأسوان، وأخيرًا مهرجان قنا للفنون. أحب التحطيب جدا، فهو لعبة شهامة ورجولة”.
وأضاف محمد عباس أحمد من قرية شنهور، مركز قوص: “التحطيب لعبة مودة وفروسية وتعاون واحترام”. وأوضح عمرو العبادي من الأشراف: “الأساس في اللعبة أن ينزل الشاب عصاه بعد الأكبر سنا. ويكون هناك “العم” لدعم اللاعب عند الوقوع. للأسف، أصبح بعض اللاعبين اليوم يركزون على الاستعراضات متأثرين بالسوشيال ميديا. متناسين أصول اللعبة وقواعدها القديمة”.
معرض الحرف والصور
تفقد محافظا قنا والأقصر ونائب وزير السياحة وعدد من القيادات التنفيذية معرضًا للحرف اليدوية والصور الفوتوغرافية، الذي أُقيم على هامش المهرجان. وتناقشوا مع أصحاب الحرف والمصورين الكبار والشباب، الذين عرضوا لوحات تمثل الحياة الريفية والأثرية في قنا.
ضم المعرض مئات الصور الفوتوغرافية، من بينها أعمال عبد الرحيم حمزة، الذي وثق مساجد ومقامات موالد ومنازل أثرية، وإبراهيم زايد وعدد من المصورين الشباب.
الخزف في جراجوس
تشتهر قنا بصناعة الفخار والخزف في قرية جراجوس، ومن بين المشاركين روماني سعيد، الذي قال: “المهرجان فرصة للشباب للتعرف على تراث بلده. والفخار الذي نصنعه فخر للصناعات والهوية التراثية لمحافظة قنا. ويعود تاريخه إلى حضارة نقادة الأولى والثانية، ونصدره للعالم منذ قرون. ونحن نحرص على الحفاظ على هويتنا”.
الرسم على العمامة الصعيدية
تعد العمامة البيضاء الصعيدية من أهم قطع الملابس التقليدية للرجال، ولكل بلد طريقة مختلفة في لف العمامة. وشارك موريس سعيد بلوحات فنية رسمها بالقلم الرصاص مستخدما الأبيض والأسود، مستعرضا طرق لف العمامة في الصعيد.
مشاركات ذوي الهمم
كما شارك عدد من ذوي الهمم في المهرجان، وقالت شيماء صلاح من جمعية النور للمكفوفين: “سعيدة بمشاركتي في المهرجان، وهي ليست المرة الأولى، وأعرض مع زملائي منتجاتنا اليدوية. وأتمنى أن يكون هناك معرض دائم لعرض هذه المنتجات”.
النول الفرعوني القديم
خلف نول الغزل القديم جلس عم محمد سيد، 65 عامًا، أحد الحرفيين المشاركين في مهرجان قنا، مشيرا إلى أنه سبق له المشاركة في معارض تراثية متعددة. وأضاف: “تعلمت هذه الحرفة منذ أن كان عمري 11 عاما. ولعبت وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام دورا كبيرا في تعريف المواطنين بهذه المهنة التراثية العريقة. نحن وزملائي قمنا بتطوير المهنة وإدخال بعض التعديلات”.
وتابع: “صممنا نولا حديثا من الخشب يشبه النول القديم تماما، لكنه سهل الحمل والنقل من مكان إلى آخر. بينما كانت الأنوال التقليدية مثبتة في الأرض عن طريق حفرة، مما يجعل نقلها أمرا صعبا”.
مشاركة طلابية بعرض فرعوني
في عرض يُحيي عبق الحضارة المصرية القديمة، شاركت مدرسة النيل الإعدادية بعرض مميز في باحة معبد دندرة. حيث قدم الطلاب والطالبات عرضًا تراثيًا مرتدين الزي المصري القديم. وزينت وجوههم رسومات رمزية مستوحاة من حضارتنا. كما استقبل الطلاب الضيوف على الطريقة المصرية القديمة، في باحة المعبد.
مشاركة قصور الثقافة
شهد المهرجان فعاليات متنوعة داخل قصور الثقافة بجانب معبد دندرة. حيث قدمت الفنانة فاطمة عيد حفلا فنيا داخل قصر ثقافة قنا، وسط حضور كثيف من الأهالي والمسؤولين وعلى رأسهم محافظ قنا. كما شاركت قصور ثقافة نجع حمادي وقوص ونقادة في عدد من الفعاليات الفنية المرافقة للمهرجان.
وأشار خالد عبد الحليم، محافظ قنا، إلى أن هذا المهرجان يجسد روح التراث الثقافي القناوي ويسهم في دعم الحركة الثقافية والفنية والتراثية داخل المحافظة. لافتا إلى أن المهرجان يقام لأول مرة في قنا، ويستلهم من التراث أفكاره ويعيد صياغتها بأساليب معاصرة. بما يضمن استمرارية الإبداع وتجديد الهوية الصعيدية.











