الكريسماس في أسيوط.. زينة وحلويات تجمع المسلمين والأقباط
مع احتفالات الكريسماس، تعيش محافظة أسيوط حالة من الفرح تتجاوز حدود الاحتفال الديني، لتتحول إلى لحظة إنسانية جامعة، يتشارك فيها المسلمون والأقباط مشاعر البهجة والمحبة. تتزين الشوارع، وتتلالأ المحال بألوان العيد، وتحمل الوجوه ابتسامات صادقة تعكس روح المدينة في واحدة من أجمل لحظاتها. تتبدل ملامح المحافظة، فتغادرها صرامة الأيام العادية، وتستقبل موسمًا مختلفًا تغمره السعادة، وتعلو فيه لغة الفرح المشترك.
محال تتزين.. وقلوب تفتح أبوابها
بالتجول في شوارع المدينة، تلفت الأنظار محال الزينة والهدايا التي اكتست بألوان الكريسماس، أشجار مضيئة، ودمى مبتسمة. وزخارف تعلن أن العيد ليس ضيفًا عابرًا بل احتفالًا مقيمًا يعكس أجواء مبهجة.
داخل أحد محال الهدايا بمدينة أسيوط، يبدو المشهد كلوحة مرسومة بعناية، هدايا متراصة، ألوانها دافئة، وأشكالها متنوعة تجذب أنظار المارة. “بابا نويل” يقف بابتسامته المعتادة، ممسكا بجيتاره كأنه يعزف لحن الفرح. وعلى كتفه صندوق مليء بالهدايا. لكل واحدة منها شكل ولون وحكاية، يوزعها بمحبة على الكبار والصغار… هكذا يتخيل الزائر المشهد وهو يتجول بين المعروضات.
الكريسماس فرحة لكل الناس
يحكي سعيد علي، 30 عاما، صاحب محل هدايا بأسيوط، لـ«باب مصر»، بابتسامة، أن الكريسماس في أسيوط لم يعد مقتصرًا على فئة بعينها، بل أصبح موسمًا ينتظره الجميع. ويقول: “بنشوف مسلمين وأقباط بيشتروا هدايا لبعض. وأسر كاملة بتيجي تختار للأطفال، وشباب داخل يشتري هدية لخطيبته. الكريسماس هنا فرحة مشتركة”، مشيرا إلى الحركة المستمرة داخل المحل.
ويضيف أن الهدايا داخل المحل ليست مجرد منتجات، بل تفاصيل صغيرة تحمل معاني كبيرة. فالكريسماس لم يعد حكرًا على فئة دون أخرى، بل موسمًا ينتظره الجميع، مؤكدا أن الإقبال هذا العام كبير جدًا.
هدايا تحكي قصصًا
يكمل “علي” حديثه بأن الهدايا داخل محال أسيوط لا تُعرض باعتبارها منتجات فقط، بل كعناصر تحكي قصصًا صغيرة من الفرح. لوحات فنية، ودمي، وإكسسوارات زينة، وأشكال كريسماس متنوعة تخطف الأنظار. وتدعو الزائر دون تردد لاختيار هدية من بين العشرات.
يقف الأطفال طويلا أمام دمى بابا نويل، تلمع عيونهم وكأنهم يرون العيد مجسدا أمامهم. بينما يتنقل الرجال بين الأرفف بحثا عن هدية بسيطة لكنها صادقة، وتتأمل السيدات التفاصيل بعناية. كأن كل قطعة تهمس باسم من ستهدي إليه. “مشهد يخلي أي حد يتفرج ويبتسم من غير ما يحس”. كما وصف.
أسعار في متناول الجميع وفرحة بلا حواجز
من أبرز ملامح الموسم هذا العام، حرص أصحاب المحال على توفير هدايا بأسعار تناسب مختلف الفئات. حيث تبدأ الأسعار من 20 جنيهًا، وهو ما ساهم في زيادة الإقبال، وتحويل الشراء من مجرد عملية تجارية إلى مشاركة وجدانية في طقس العيد.
أشجار الكريسماس.. قلب المشهد
في منتصف المكان، تتوسط الهدايا أشجار الكريسماس بأحجام مختلفة، مزينة بألوان دافئة تشكل القلب البصري للمشهد. تقول نيفين صبحي: “الأشجار مش بس زينة، دي روح العيد نفسها”.
وتضيف أن هذه الأشجار لا تزين المحال وحدها، بل أصبحت جزءاً من المشهد العام في أعياد الميلاد، ننتظرها من عام إلى آخر، ففرحتها تسكن القلوب مع اقتراب الكريسماس، وتعلن أسيوط بأكملها الاحتفال.
الكريسماس كما يراه الأسايطة
بقول كرولس وهبي، 30 عامًا، صاحب محل هدايا بأسيوط: “الكريسماس في أسيوط لا يقاس بعدد الزينات أو حجم المبيعات، بل بمقدار المحبة التي تملأ المكان. هنا الكل بيشارك: الكبير والصغير، مسلم ومسيحي، وكلهم متفقين إن الفرح لما يتقسم بيكبر”.
ويكمل: “هو موسم تتلاقى فيه القلوب قبل الأيادي، وتصبح الهدايا مجرد وسيلة للتغبير عن مشاعر أعمق، التقدير، والقرب، والسلام”.
محال أسيوط تفتح أبواب الفرح
حرص أصحاب المحال التجارية على استقبال الموسم بعروض ومنتجات تضفي روحا من المحبة والفرح على الشارع الأسيوطي. وشهدت محال الحلويات طرح تشكيلات متنوعة من هدايا سانتا كلوز، بأسعار تبدأ من 40 جنيهًا، لتناسب مختلف الفئات.
ويقول بيتر عاصم، 45 عاما، موظف بأحد محال الحلويات، إن واجهات المحال اكتست بالألوان الزاهية والزينة المضيئة التي جذبت أنظار المارة، كبارا وصغارا.
كيك وتورتات خاصة لاستقبال العام الجديد
يضيف عاصم أن المحال قدمت هذا العام تشكيلات خاصة من الحلويات والكيك والتورتات المخصصة لرأس السنة، بتصميمات مبتكرة تناسب أجواء الاحتفال، مع اختلاف الأحجام والأسعار لتلائم التجمعات العائلية.
ومن بين المعروضات: علب كريسماس متنوعة، وعلب على شكل بيت أو شنطة، وعلب معدن بأشكال مختلفة، وكرات شيكولاته، وكوكيز كريسماس، وبابا نويل شيكولاته، ومجسمات لرجل الثلج، وشجرة شيكولاتة “دبي”، إلى جانب تورتة كريسماس المخصصة للاحتفال برأس السنة.
بهجة بسيطة تعكس روح الشارع الأسيوطي
يتابع بيتر أن هذه الأجواء تعكس حالة من المحبة والتفاؤل والبهجة في أسيوط، حيث نجح أصحاب المحال في صناعة فرحة بسيطة ومتاحة للجميع، مؤكدا أن الاحتفال برأس السنة لا يرتبط بالأسعار فقط، بل بروح المشاركة والفرح التي يعيشها المسلمون والأقباط معا.
العيد رسالة محبة
في نهاية اليوم، تغادر الهدايا المحال محمولة بالأيدي، لكن أثرها الحقيقي يظل في القلوب. كريسماس أسيوط يثبت كل عام أن الأعياد ليست مجرد مناسبات زمنية، بل رسائل إنسانية، وأن المحبة حين تعاش بصدق، قادرة على صناعة عيد دائم، لا ينتهي بانتهاء الموسم، ويجمع الجميع على قلب واحد.
اقرأ أيضا:
غرفة صغيرة وأحلام كبيرة.. تجربة «شيماء عز العرب» في صناعة الشموع
الأغاني الشعبية: رحلة اندثار تراث الأجداد خلف ضوضاء الدي جي
«مسجد اليوسفي» في أسيوط.. أربعة قرون من التاريخ انتهت تحت الجرافات









