دليل الفعاليات الثقافية فى مصر

الدليل - تعالى نخرج

عودة تمثالي أمنحتب الثالث: رحلة 27 عاما من الترميم بـ«معبد ملايين السنين»

عادت الحياة مجددا لتمثالي الملك «أمنحتب الثالث» بمعبده غرب الأقصر بعد آلاف من السنين تحت الأرض. التمثالان، اللذان استغرق تجميعهما نحو 27 عاما، عادا لبيتهما مرة أخرى، لكنهما يمثلان أشلاء فقدت في معركة الموت والحياة، فقد عاد أحدهما بذراع وقدم مبتورتين، فيما عاد الآخر بلا رأس ولا ذراعين ولا قدمين.

معبد ملايين السنين

شهد معبد الملك أمنحتب الثالث، المعروف بمعبد ملايين السنين، إزاحة الستار عن تمثالي الألباستر العملاقين بعد تجميعهما وإعادة تنصيبهما في الصرح الثالث من المعبد. يأتي هذا تتويجا لسنوات من العمل الدؤوب الذي قادته البعثة الأثرية المصرية-الأوروبية تحت إشراف عالمة المصريات الدكتورة هوريغ سوروزيان.

أضخم المعابد الجنائزية: عظمة أمنحتب الثالث

يعود الموقع إلى الملك أمنحتب الثالث، أحد أعظم ملوك الأسرة الثامنة عشرة، الذي حكم مصر نحو 39 عامًا، اتسمت بالرخاء والازدهار. وورث خلالها إمبراطورية واسعة حافظ عليها بقوة.

وأكد الدكتور محمد عبدالبديع، رئيس الإدارة المركزية للآثار المصرية، أن معبد أمنحتب الثالث يُعد أضخم معبد جنائزي في البر الغربي، بمساحة تقدر بحوالي 450 مترًا ×700 متر. وكان الملك قد اختار البر الغربي موقعاً لحكمه وقصره ومزارعه.

ويأتي تنصيب التمثالين الجديدين ليكمل مراحل إعادة إحياء المعبد، ليضافا إلى تمثالي الصرح الأول وتمثالي الكوارتزيت بالصرح الثاني.

جانب من إزاحة الستار عن التمثالين.. تصوير: أبو الحسن عبدالستار
جانب من إزاحة الستار عن التمثالين.. تصوير: أبو الحسن عبدالستار

 

معابد “ملايين السنين”: سر الخلود الملكي

أوضح عبد البديع أن تسمية المعبد تعكس الهدف الأسمى من إنشائه وفق العقيدة المصرية القديمة. وهو ضمان الخلود والأبدية للملك بعد موته. إذ كان يعتقد أن الروح الملكية (الكا) بحاجة إلى مقر دائم لإقامة الطقوس والقرابين المستمرة لملايين السنين. ما يجعل المعبد مركزا لربط المتوفي بالآلهة، وخاصة الإله “آمون-رع”.

التحفة النادرة: ألباستر بوزن 300 طن

يمثل التمثالان تحفتين فنيتين وتقنيتين فريدتين مصنوعتين من الألباستر المصري المميز، الذي جلب من محاجر حتنوب في المنيا. إذ جرى بناء التمثالين كعملية تجميع فنية وهندسية. حيث ترتكز القاعدة على كتل من الجرانيت الأسود الذي جُلب من أسوان. بينما تم نحت الألباستر الشديد الصلابة في الموقع. ويعد هذا العمل أضخم تمثال ألباستر تم اكتشافه في الحضارة المصرية القديمة. ويبلغ وزن التمثال الواحد، بما في ذلك القاعدة والكرسي والرأس، أكثر من 300 طن، مع أكبر قطعة منفردة وزنها 100 طن.

ملحمة الإنقاذ: من “المقبرة” إلى قائمة المعالم العالمية

بدأ مشروع الترميم بقيادة الدكتورة هوريغ سوروزيان عام 1998، بعد أن وصل الموقع إلى حالة يرثى لها. إذ كان المكان عبارة عن “حقل” مليء بالتماثيل المتساقطة، تغطيه الحشائش والمياه نتيجة فيضانات الجبل وارتفاع منسوب النيل.

وتشير سوروزيان إلى أن شرارة المشروع انطلقت بعد حريق في فناء الأعمدة عام 1996. مما دفع مدير الآثار آنذاك، صبري عبد العزيز، لمناشدة سوروزيان بالبدء في إنقاذ المعبد. وبعد الحصول على الدعم المؤسسي، أدرج الموقع ضمن قائمة أكثر 100 معلم معرض للخطر في العالم من قبل منظمة “وورلد مونيمنتس ووتش” عام 1997.

وأصبح الهدف الرئيسي للبعثة هو الحفاظ على “البقايا الأخيرة للمعبد”. الذي دمره زلزال القرن الثالث عشر قبل الميلاد وأسيئت معاملته بفعل الطبيعة والفيضانات المتكررة.

بطولات الفرق المصرية: شهادة محمد علي الغصاب

أشاد محمد علي أحمد، المعروف بـ”الغصاب”، أحد كوادر العمل الأساسية والمستمرة في الموقع منذ 25 عاما، بأعمال الفرق المصرية التي عملت جنبا إلى جنب مع البعثة الدولية. وقال إن أكبر تحد كان السيطرة على المياه الجوفية، مشيدا بالدعم اللوجستي الهائل الذي وفرته الدكتورة سوروزيان. بما في ذلك استخدام رافعة بسعة 400 طن للتعامل مع القطع التي يصل وزها إلى 100 طن.

وأشار الغصاب إلى الدقة الهائلة المطلوبة في الترميم والتجميع. حيث استغرقت عملية تنصيب التمثالين نحو أربعة أشهر تقريباً، وتم التعامل مع ما يقارب 400 إلى 500 قطعة. حتى إن إصبع التمثال الواحد كان مكونًا من حوالي 100 قطعة.

وفي لفتة وفاء، قدم الغصاب الشكر لجميع العاملين معه خلال 25 عاما، بمن فيهم الذين توفاهم الله، كالنوبي وحمدي، مهديا لهم هذا الإنجاز العظيم.

اقرأ أيضا:

حصاد الكركديه في «توماس».. إرث نوبي ومصدر رزق للسيدات

الأقصر تتألق بالفن.. 23 فنانا عالميا يشاركون في ملتقى التصوير الدولي

«جداريات الملقطة».. مشروع فني يحول جدران الأقصر إلى متحف مفتوح

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر
إغلاق

Please disable Ad blocker temporarily

Please disable Ad blocker temporarily. من فضلك اوقف مانع الاعلانات مؤقتا.