الأقصر.. أول مدينة مصرية تعرف «الشاي»

كتب – أبوالحسن عبدالستار

لم تكن تعرف مصر مشروب الشاي قبيل الاحتلال الإنجليزي عام 1881، حيث جلبه الإنجليز معهم، لكن الأقصر عرفت هذا المشروب قبل الاحتلال بـ17 عامًا تحديدا عام 1864، حينما قدمت الليدي لوسي دف جوردن إلى الأقصر، واستقرت في البيت الفرنسي، الذي كان بداخل معبد الأقصر آنذاك.
يقول عبدالجواد عبدالفتاح الحجاجي، مدير الآثار الإسلامية والقبطية بالأقصر سابقا، إن البجيري الهرم، المرشد السياحي المعروف نقلا عن جود عليو، عن والده جلال عليو، حكى أنه “حينما كنا نمرض بنزلات البرد نذهب لليدي لوسي فتعطينا مشروب الشاي وتقول لنا اعصروا عليه ليمون، فكنا نشفى سريعا، إلى أن أدمنا الشاي”.
ويضيف عبدالجواد نقلا عن “كتاب صفحات من تاريخ الأقصر في عصر إسماعيل باشا من إعداد محمد عبده الحجاجي”، الذي نقله بتصرف من كتاب رسائل من مصر، لليدي لوس دف جوردن، أن الليدي لوسي دف جوردن إنجليزية الأصل، ولدت في لندن عام 1821، وتربت بين أحضان أسرة أرستقراطية، كانت تسمى عند ولادتها لوسي استن.
وحينما تزوجت سنة 1940 من السير ألكسندر دف جوردن متخذة لقب زوجها على عادة الإنجليز، نشأت بين مهاد النعمة وظهرت دلائل هذه النعمة على كل جانب من جوانب حياتها، فقد كانت رشيقة القوام خمرية اللون ناضرة الوجه.
أصيبت بعد ذلك بمرض السل الذي أخذ يتسرب شيئًا فشيئًا إلى جسدها؛ حتى تمكن منها في الوقت الذي لم يكن الطب قد توصل إلى علاج ناجح، وقد نصحها الأطباء أن تترك جو مدينة لندن البارد وتذهب إلى جنوب إفريقيا للاستشفاء والعلاج، فذهبت إلى مدينة كيب تاون في جنوب أفريقيا، لكنها لم تتقدم صحيًا فعادت إلى لندن فنصحوها بالذهاب إلى صعيد مصر وبصفة خاصة إلى مدينة الأقصر؛ فاتجهت من لندن إلى الإسكندرية على متن إحدى البواخر ومن الإسكندرية إلى القاهرة، ثم ركبت النيل إلى الأقصر، واستقرت لوسي دف جوردن في مدينة الأقصر، وكان ذلك في الفترة من 1864 حتى 1869 في عهد إسماعيل باشا.
ويشير رئيس الآثار الإسلامية والقبطية السابق، إلى أن لوسي عاشت في بيت فرنسا بالأقصر وكان لها برنامج يومي معين؛ حيث كانت تخرج كل صباح على حمارها الصغير تتجول على ساحل النهر ويمضي وراءها فتى صغير يتسابق هو والحمار، ثم تعود بعد هذه الجولة إلى منزلها لتتناول طعام الإفطار عبارة عن لبن الناقة والخبز والقهوة، ثم تعاود الخروج من المنزل وتمكث في الخارج حتى مغرب الشمس، أما في المساء فكان منزلها مقصدا للزائرين من الأصدقاء والجيران، وقد أحبها أهل الصعيد حبا يفوق كل وصف والتفوا حولها فأنسوا فيها كل معاني النبل والإخلاص والمودة والمحبة، وكانت تشفق على الفقراء والمساكين وتداوي منهم المرضى.

مشاركة
المقالات والآراء المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة، بل تعبر عن رأي أصحابها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر