رغم وعود بالترميم: انهيار سقف منزل طبق.. وحمام عزوز «مقلب قمامة»

تحتضن رشيد المدينة التاريخية في مصر، العديد من المنازل والآثار القديمة، التي تعود إلى فترات زمنية هامة في التاريخ. ومن بين هذه الآثار منزل طبق وحمام عزوز، اللذان يوجهان في الوقت الحالي حالة من التدهور والإهمال. مما يشكل تهديدا للحفاظ على التراث الثقافي للمدينة.

انهيار سقف بمنزل طبق

يقع منزل عثمان بك طبق، ومعروف باسم “منزل طبق”، في منطقة عتيقة ويحمل رقم 37. ويحده من الجنوب منزل الصناديقي، ومن الشرق شارع الشيخ قنديل، ومساحته حوالي 47 مترا مربعا.

وثق إكرامي بشير من القاطنين بمدينة رشيد، تدهور حال منزل طبق، وتهديده بالانهيار، كذلك حمام عزوز الذي تحول إلى مقلب قمامة. ويقول لـ«باب مصر»: “شهد منزل طبق انهيار سقف الطابق الثاني قبل عامين، وأصدرت وزارة السياحة والآثار بيانا بترميمه، وحتى الآن لم تحدث أي أعمال ترميم أو خلافه، وما زال المنزل الأثري بنفس حالته السيئة”.

أما عن تاريخ المنزل الأثري، يقول د.عبدالرحيم ريحان، عضو المجلس الأعلى للثقافة ورئيس حملة الدفاع عن الحضارة المصرية، إن منزل طبق يعود إلى القرن 12 هـ/ 18م. ويضيف أن منزل طبق أحد الآثار المسجلة في قطاع الآثار الإسلامية والقبطية بوزارة السياحة والآثار. وتم تسجيله بالقرار رقم 10357 لسنة 1951.

يصف الدكتور محمود درويش، في موسوعة رشيد، منزل طبق (عثمان بك طبق) تفصيليا ويقول: “منزل عثمان بك طبق المعروف بمنزل طبق الأثري، يقع بشارع الشيخ قنديل الأثري برشيد. ويتكون من دورين ويشغل واجهته مدخل بالدور الأرضي. وبالدور الثاني شباكان وثلاثة مناور. ويتكون المنزل من دركاه لها بابين، أولهما حجرة على اليمين والثاني إلى فناء مكشوف، ويعلو ذلك حجرة بالدور الأول”.

قرار ترميم منسي لوزارة الآثار              

في يوليو عام 2021 صدر بيان على الصفحة الرسمية لوزارة السياحة والآثار على فيسبوك، يقول: “سقط عصر اليوم سقف حجرة بالدور الثاني بمنزل طبق الأثري بمدينة رشيد. صرح الدكتور أسامة طلعت، رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية، موضحا أن السقف حديث تماما وتم عمله أثناء ترميم المنزل عام 2022، وهو من الخشب الأبيض الحديث. وقد تم تكليف الإدارة المركزية للترميم بقطاع مشروعات المجلس الأعلى للآثار بمعاينة المنزل. وعمل اللازم نحو إعادة تركيبه على ما كان عليه”.

بيان وزارة الآثار
بيان وزارة الآثار

ويقول إكرامي بشير: “برغم هذا البيان إلا أنه لم يتم ترميم المنزل حتى الآن. هل يجوز ترميم أثر بالخشب الأبيض الحديث، ألا يفقد ذلك أثرية المنزل. لابد من فتح تحقيق في ترميم هذا المنزل من قبل الشركة، لوجود مخالفة بقواعد الترميم السابقة”.

وعلق د. وائل البليهي، أستاذ ترميم الآثار، بأن منزل طبق لا يعد منزلا قائما بذاته إنما ملحق بمنزل القناديلي وكان معدا سكن خدم المنزل. وهو عبارة عن دور أرضي بالإضافة إلى طابق ثاني.

ويتابع الخبير الأثري: “الترميم الذي حدث في عام 2000 لم يكن على المستوى المطلوب من الناحية العلمية. مما أدى إلى استخدام مواد حديثة غير متوافقة مع الطابع الأثري للمنزل”.

حمام عزوز.. أثر يتحول إلى “مقلب قمامة”

لم يصب الإهمال منزل طبق فقط، بل طال آثار إسلامية أخرى بمدينة رشيد. ومن بينها، حمام عزوز، الذي يعد أيضًا من الآثار المسجلة ويعود تاريخه إلى القرن الحادي عشر هجريا، والسابع عشر ميلاديا.

يحد حمام عزوز من الغرب شارع الحدادين، ومن الشمال شارع الحجر ومن الشرق شارع المسيري. ومساحته حوالي 518 مترا مربعا، وبالرغم من أهميته التاريخية. فإن الحمام يعاني أيضًا من حالة سيئة وقد تحول محيطه إلى مقلب للقمامة.

ويضيف إكرامي بشير: “لماذا تغيبت الجهات المسؤولة في قطاع الآثار الإسلامية والقبطية بوزارة السياحة والآثار عن التعامل مع هذه الحالة الطارئة وإيجاد حلول لحماية وإصلاح هذه الآثار الثمينة. ينبغي أن يكون الحفاظ على التراث الثقافي والتاريخي للبلاد أحد الأولويات القصوى. واتخاذ التدابير اللازمة للحفاظ على هذه الآثار وإصلاحها”. وطالب بتفعيل الإجراءات القانونية، وتوجيه الجهود المشتركة للحفاظ على هذا التراث الثقافي الثمين وضمان بقاءه للأجيال القادمة.

فيما أوضح الدكتور عبدالرحيم، أن حمام عزوز الذي قع بشارع الحدادين ويحمل رقم 59، مسجل أثر بالقرار رقم 10357 لسنة 1951.

تاريخ حمام عزوز

يشابه مدخل حمام عزوز مع حمامات القاهرة بوجود دهليز منكسر للدخول إليه. ويوضح د. خالد عزب في كتابه “فقه العمارة الإسلامية”، أنه في رشيد تم استخدام الدهليز المنكسر أيضا في حمام عزوز. وهو الحمام الوحيد المتبقي في المدينة.

وجاء تخصيص حمامات، وأوقات معينة في الحمامات للنساء، ليعبر عن مبدأ الخصوصية في العمارة الإسلامية. وهو أمر لفت انتباه الرحالة الإنجليزي إدوارد وليام لاين. فالحمامات المشتركة تخصص فيها فترة ما قبل الظهر للرجال وفترة ما بعده للنساء. وعندما يكون الحمام مقتصرا على استقبال النساء فقط، يعلق منديل أو قطعة قماش من الكتان على مدخله فلا يدخله الرجال.

لمعرفة تاريخ الأثرين، تواصل “باب مصر” مع الدكتور محمود أحمد درويش، والذي رفض التعليق عما تتعرض له آثار رشيد حاليا.

وبحسب الجزء الثاني لموسوعة رشيد للدكتور محمود درويش. فيرجع تاريخ حمام عزوز رشيد نقلا عن كتاب آثار رشيد الصادر عن هيئة الآثار المصرية، إلى القرن الثالث عشر الهجري، والتاسع عشر الميلادي. وأنه ينتسب إلى محمد بدر الشهير بعزوز.

ويضيف: “لا نستطيع أن نصحح تاريخ إنشاء هذا الحمام واسم منشئه خاصة بعد العثور على وثيقة هامة مؤرخة في 6 شعبان سنة 1047 هجريا، توافق 1637 ميلاديا. خاصة بتقدير المصروفات على مسجد زغلول لأرباب الشعائر”.

وورد في ذكر الحمام الذي يقع شرقي المسجد المذكور أنه ضمن الأملاك التي يصرف ريعها على القائمين بالعمل بالمسجد. والتي أوقفها الحاج عبدالرحمن بن الحاج حجازي الشهير بابن جامع التاجر بالثغر. الذي كان يملك الحمام والطاحون التي تقع في جنوبه.

وفي وثيقة أخرى، ورد ذكر حمام ابن المطير “عزوز” ويقع في الجبهة الجنوبية الشرقية، في 4 أغسطس عام 1713 لإيجار حصة منه لمدة 56 عاما، بمبلغ 12 ألف نصف فضة.

حمام عزوز قديما
حمام عزوز قديما
رشيد.. تاريخ مدينة أثرية

يسرد الدكتور عبدالرحيم ريحان تاريخ المدينة، ويقول إن مدينة رشيد التي تقع على الضفة الغربية لفرع رشيد عند مصب النيل في البحر المتوسط. تعد المدينة الثانية في الأهمية للآثار الإسلامية في مصر بعد القاهرة التاريخية. ويضيف لـ”باب مصر”: “دور مدينة رشيد خلال الفترة البيزنطية هام كأحد المراكز الدينية، وكان حاكم رشيد قرماس”.

وورد في كتاب وصف مصر، العثور على أعمدة من الجرانيت بالقرب من حصن أبو مندور، وتحت هذا الحصن تم اكتشاف خليج صغير نصف دائري يبدو أنه كان يستخدم كميناء قديم أغلقته الرمال.

وبالانتقال إلى العصر الملوكي، كان بها الميناء الرئيس لمصر، وأمر السلطان قنصوه الغوري ببناء سور حماية على ساحل البحر المتوسط مخافة غزو العثمانيين في عام 922هـ (1515م).

اقرأ أيضا:

جدل حول إعلان بيع بيت تراثي على الطراز التلقيطي.. ما القصة؟

للاشتراك في خدمة باب مصر البريدية اضغط على الرابط التالي:

Babmsr Newsletter

النشرة الإخبارية الشهرية
مشاركة
زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر