من هنا بدأت حكاية حصان المولد

اعتاد المسلمون الاحتفال بذكرى مولد النبوي في 12 ربيع الأول من كل عام هجري، باعتباره عيدًا لمولد رسول الإسلام.
ويحتفل المصريون بإحياء ذكرى المولد النبوي بشراء حلوى المولد التي حاربت صلاح الدين الأيوبي ليستمر وجودها حتى يومنا هذا، إذ تعد العروسة والحصان الحلاوة تراثا شعبيا حافظ عليه المصريين وتوراثته الأجيال.

احتفالات المولد

يقول سامح الزاهر، باحث أثري متخصص في الآثار الإسلامية والقبطية، لـ”ثقافة وتراث”، بعد فتح مصر بـ 200 عاما، لم يدخل كثير من المصريين في الإسلام، فبداية انتشار الإسلام كانت مع بداية حكم الفاطميين لمصر، وكان لدى الفاطميين مسألة الترويج السياسي لحكمهم وليس الترويج الديني، فهم يقوموا بدراسة طبيعة وطبائع الشعوب التي يخرجون إليها، من وجهة نظر اجتماعية، وبمعرفتهم بطبيعة العند الموجودة بالشعب المصري، وحب المصريين للاحتفالات، ومن خلال آليات العصر الموجودة في هذا الوقت، استغلوا هذه النقطة كنوع من التودد والترويج لسياستهم.
ويضيف الزهار، أقام الفاطميون الاحتفالات بجميع المناسبات الدينية مثل الاحتفال بآل البيت والمولد النبوي، وهنا لعبت حلويات المولد دورا سياسيا مهم للغاية، فكانت تباع في المحلات، وحلويات المولد تحديدا كانت تسمى “العلاليق” حسبما ذكر المقريزي، وسمت “بالعلاليق” لأنها كانت تعلق على أبواب الحوانيت “المحلات التجارية” في سوق مخصوص للحلويات كان يسمى سوق الحلويين.
وفي وصف المقريزي بكيفية تعليق هذه الحلوى، يقول إنها كانت تعلق بخيوط رفيعة “شفافة” وكأنها تطير، ليكون بها شيئ من البهجة وللفت الانتباه.

تمثال الفارس

ويشرح الزهار قصة حصان المولد قائلا: هناك رأيين حول أصل حصان المولد، الرأي الأول: أنه يمثل الخليفة صاحب الفتوحات والانتصارات، أما الرأي الآخر يقول: في وقت الحاكم بأمر الله وهو من أغرب الحكام الذين مروا على تاريخ مصر، منع جميع الاحتفالات في مصر لمدة طويلة وأبقى الاحتفال بالمولد النبوي فقط، ومن أهم الاحتفالات التي ألغيت هو الاحتفال بالزواج، حيث كان يقتصر على عقد قران وإشهار فقط، واستغل المصريون يوم احتفالات المولد النبوي لإقامة حفلات زفافهم، وهنا كانت رمزية الحصان تمثل العريس الذي استطاع أن يقتنص عروسه في هذا اليوم، لافتا إلى أنها من الروايات المحققة، ولكنه يميل للرواية الأولى.
ويؤكد الزهار، عادة يلفت انتباهنا الحصان فقط ونطلق عليه “الحصان”، ولم يلفت انتباهنا الشخص الذي يمتطيه وبيده سيف، ولكنه في الحقيقة يسمى “تمثال الفارس الذي يمتطي جواده”، لافتا إلى أن حلاوة المولد لم تقتصر على العروسة والحصان فقط، ولكن كان هناك حلوى على شكل السباع والقطط والأسود وغيرهم من جميع أشكال الطيور والحيوانات، ولكن العروسة والحصان هي التي استمرت حتى وقتنا هذا.

لا وقت للرفاهية

ويتابع الباحث الأثري، عند مجيئ الأيوبيين إلى مصر حاولوا بشتى الطرق القضاء على جميع مظاهر الاحتفالات التي أقامها الفاطميون، بدعوة أن هناك حروب ولا يوجد وقت للرفاهية، ولكن كان في باطن الأمر هدفا سياسيا، للقضاء على كل الظواهر الاجتماعية بالعصر السابق لمحو فترة حكم الفاطميين من ذاكرة المصريين، ولكن الشعب المصري أبى أن يتخلى عن هذه الاحتفالات والعادات، وظلوا متسمكين بها حتى يومنا هذا.

مشاركة
المقالات والآراء المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة، بل تعبر عن رأي أصحابها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر