بورتريهات متخيلة (2): ماجدة الخطيب.. مُقَامَرة الآن أو الأبد

أغمض عينيك على صورة ماجدة الخطيب، كل ما يجول بخاطرك هو الحقيقة، كل ما يجول بخاطرك هو متسكع كذاب.

نحيفة ووحيدة، كنبتة ظامئة في خلاء، كشعاع قمر على نافذة. كظلام يزحف، كنبضات متباعدة يسحقها ما لم يعد يتحمله القلب، كنظرة يأست من الانعتاق.

ظاهرها جمال صُب من مرمر الرغبة وعاج المبادرة، باطنها سذاجة مقامر ورماد حرائق الأمل.

ظاهرها الأناقة وباطنها عظام مطحونة. ظاهرها نذير خطر، في باطنها حسرات. ظاهرها غاوية، باطنها مخدوعة.

ذائقة اللذات، مذيقة اللذات، لم يبر لها أحد بوعد.

تفضح لهفتها ثقتها المزعومة، رشاقة تلك الخطوة لم تُعَد لتلك الطرق، هكذا ترتبك، تتعثر، تلوى الساق، تنكسر، يُشج الرأس، ويصير الجسد خارطة ندوب، والروح حطب جاف يليق بامرأة نحيفة ووحيدة. تدمن الحب من أجل الحب. ولا يبر لها غافر بوعد.

“مطاردة الساحرات”

تختزلها تقارير الصحفيين المرتزقة التي تستنسخ نفسها كعشب ضار، في تعاطي المخدرات، سجن النساء، المشاجرات المبتذلة، خطف أزواج، جريمة قتل.

كرعاع في القرون الوسطى يلصقون رعبهم الجماعي في مطاردة هيستيرية لساحرات. لأن ذلك ما يناسب كل جمال غير مبرر. لأننا لا نقوى سوى على احتمال المسوخ القابعة في أعماق وعي طفولتنا، كان علينا أن نحيل هذا الجمال إلى مسخ. كيف نلمس جمالا عاريا بعينين رموشهما أشواك؟

كدست كل لذة، طيرتها كفقاقيع صابون. حيث الحياة هي الآن وفورا، والأبد مقامرة نخسرها الآن وفورا. لكن لا أحد يقبض على اللذة، إنها كذباب يلدغ، يئز، يطير، يدفع بصاحبه المفتون إلى الهاوية. من يذل نفسه من أجلها بالعشق؟ لا أحد، من يحمل عنها ثقل السماء؟ لا أحد. من يحررها من حجر الأرض؟ لا أحد.

ما الذي نخافه؟ أن يتضوع من جسدها العاصفة لا العطر؟  أن يقدم لنا فمها افتراسا خرافيا لا قبلة؟. أى شىء نخشاه؟ أن تنقلب بحيرة ساكنة إلى فيض هادر. خطر إيماءة، ارتعاشة رمش، خدر نغم، رهان نزوة، وهن جناح.

“بلى.. كانوا على حق”

في كل صبوة انزلاق. في كل ولع حريق. في كل شوق سقم، كل وعد مبتور بفأس.

كم مرة أخبرت نفسها. وهي تبدد قواها على الصخرة نفسها التي حطمت حيوات من سبقوها، هؤلاء اللذين فتنهم الأمل عينه، أن صخرة العالم القاتلة والأبدية، لم تكن هي كل شيء.  عائدة بخيبات كالجبال ونفير يرعد الروح، لا فرصة أمامها في لعبة المقامرة بالآن أو الأبد سوى أن ترتكب خطأ جديدا، خطأ أخير.

مثلها لا يعثر على سلام في الروح، بل استسلام.

أغمض عينيك على الصورة، افتحهما عن آخرهما، تأملها وهي تطير منفلتة واعتذر، أي مجرم يحبس في قفص جفنيه جمالا كهذا؟

راقبها وهي ترفرف دائخة، وهي تقاوم ثقل هواء ضاغط وكئيب. تسقط، وإلى ألف قطعة تتحطم، شهقتها سيبتلعها جوف السكون. شهقتك.. لن تفيد.

اقرأ أيضا:

بورتريهات متخيلة (1).. عفاف راضي.. كغيمة أبدية دون مطر

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مشاركة
المقالات والآراء المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة، بل تعبر عن رأي أصحابها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر